دماء ورماد

أحمد رافع محمد علي-شاعر عراقي

مِلئُ الجفونِ هيَ الدموعُ ترقرقُ
مِلئُ الصـباحِ مِـنَ المـقابرِ تـورقُ

عشـرونَ عاماً والشجونُ نواهلٌ
لا الخيـرَ فيها لا المداركَ تشـرقُ

ياعـامـيَ العـشـريـنَ ما بالَ اللقا
أتـراهُ قلبـي في المـتاهةِ يخفقُ؟

ما كنتُ أنـشـدُ للحـنيـنِ وتـيـرةً
لكـنَّــمـا دربُ الدواهـــي شـيِّـقُ

الدمعُ دمعي والحياةُ مصارعٌ
والليلُ في قيدِ الصبابةِ ضيِّقُ

صــرت الذي لاذَ الجــيـاعَ بليلهِ
تـلقاهُ في جُـبِّ الرمادِ ويصـعقُ

جزئي يغمغمُ والشظايا صرخةً
كُـلّـي أنا حــيـث المـرايا أغـرقُ

كم روَّعوا قلبي؟ وصرتُ بِلا دمِ
مِن أضـلعـي تِلكَ الليالي تـورقُ

ويلاهُ قد لاحَ المشيبُ عوارضـي
إنَّ المشيبَ على الوسامةِ موبقُ

وتـسـعَّرت بـيـن الضلوعِ قصيدةٌ
لولا النـوى ما كنـتُ أعـيا وأرهـقُ

لا أنـنـي نـلتُ الحــياة مـشــرفاً
والجـمرُ يـلهبُ بالفـؤادِ ويـغــلقُ

شرخ الصبا ولَّى إلى حيثِ الأسى
لاصـوتُـكم يروي ولا يـتمـوّسـقُ

لم ينشد الوله الجـميل صـباحُهُ
بل كانَ في فجرِ الشظايا يزهقُ

أرخى المدامعُ في الوجوهِ سدولهُ
هـيهـاتَ مـن نارِ الصـبابةِ تـحــرقُ

لم يبق من غيثِ السهاد سوى أنا
دوامـةُ الهــجـــرِ العـنـيفةِ تـرشــقُ

لا عـذبَ الله القــلـوب بـحـــزنــها
فـتـصيرُ مـثـلي باليـبابِ مـــمــزقُ

عـجـَّت بـيَ الأيـامُ مـدّ هــمـومـها
ليـت الزمـانَ يـعادُ أو يـتـشـفـقُ

تِلك النـجـومُ عرائـسٌ فـي ليـلهِم
إلا أنا حُــزنـي يـهـيـلُ ويـنــشـــقُ

فالحـزنُ ينهـشُ بالجـلودِ يـقـصها
ماعاد فجري كما النوارسُ ينطقُ

لله أيـامٌ لـقــد ذهــــبـــتْ سُــدًى
لم يـبـق من خـيـرِ الديارِ رونـقُ

أفـلتْ ، ألا ليتَ الشـباب مسـرحٌ
لكـنـَّما هـمي الثـقـيـلُ مـتـــزورقُ

فامـضـيتُ حـرَّانَ الفــؤاد لطـالما
بـيـــن الرمـــادِ والأســـى أتـذوقُ

ووريقُ عمري في النوائحِ أسـودٌ
لم يبقَ عـنـدي ما أقـولُ وأنطقُ

ويـلُ الزوارق ، فالمـياهُ جـوارحٌ !
وقـفـت تـنـوح كما يـدورُ الزورقُ

وتطيبُ روحي في الحياةِ سعادةً
لـكـنـَّــما أفــــواهُ دربــي تـنـعـقُ

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى