الرتابة والروتين كابوس الحياة الزوجية

دكتور عادل المراغي | أكاديمي وأديب مصري
جبلت النفس البشرية علي الملل والسآمة وحب التغيير، لذا فإن الخالق سبحانه نوع الحياة فجعل ليلا ونهارا وصيفاً وشتاءا وربيعا وخريفا،رجالا ونساءا شبابا وشيبا،واقتضت طببعة الحياة أن الماء الراكد يأسن ويتغير طعمه والماء الجاري نمير لذة للشاربين
والشمس لوظلت في الفلك دائبة لملها الناس من عرب ومن عجم
فالتغير سنة الحياة والتجديد فطرة الله التي فطر الناس عليها،لذا كان السفر والترحال -عند علماء النفس- من عوامل النشاط يذهب الهم ويشرح الصدر ويجلب الصبر ؛وقد ورد ذلك عن عمر رضي الله عنه : (سافروا تصحو) يعني الاستجمام والراحة والانتقال؛ لأن الركون يولد السآمة ويبعث علي الملل والكلل
ألم تر أن الشمس زيدت محبة من الناس أن ليست عليهم بسرمد
وعادة الناس الولع بالجديد والتجديد فلكل جديد لذة،والمطر إن سافر وغاب عن الناس رفعوا الأكف والأيدي بصلاة الاستسقاء،وإذا همي وإستمر مله الناس
إني رأيت الغيث يسأم دائبا
ويسأل بالأيدي إذا هو أمسكا
كما اقتضت طبيعة الناس أن يملو من التكرار في المواعظ وحذرنا الاسلام مما يسوق الملل ويزرع السآمة فإن الله لا يمل حتي نمل
إذا جلست إلي قوم تحاضرهم
بماتحدث عن ماض وعن آت
فلا تعيدن قولا إن طبعهم
موكل بمعاداة المعادات
إنَّ التجديد هو قانون الحياة.. فالأيام تتجدد، والنبات يتجدد، والإنسان يتجدد بل أن خلاياه في تجدّد دائم.
وإذا كان الكون يتجدد ويتغير فمن الحري بالإنسان أن يتغير نحو الأحسن وإلا كان مصيره الجمود والبلى فإن “الليل والنهار يبليان كل جديد” كما رُوي عن سيدنا علي رضي الله عنه
ومن هنا ورد في الحديث: (من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له,)
إنّ التجديد يقتضي بالإنسان أن لا يقنع بما هو فيه من التقصير، ففي الحديث: “لا مصيبة كاستهانتك بذنبك ورضاك بالحالة التي أنت عليها”. يعني بالتقصير
كثيراً ما يراودنا إحساس بالملل من المكان الذي نعيش فيه، أو الروتين الذي نتبعه، أو الأشخاص الذين نخالطهم، أو الدروب التي نسلكها… أو حتى من ذلك «الشخص» الذي يعيش داخلنا! هذا الإحساس لا يعني غالباً تمرداً من الشخص على واقعه، أو اعتراضاً منه على ما قسمه الله له في هذه الدنيا، ولكنه منحنى طبيعي يمر به أي إنسان سوي في هذه الحياة، فكل شيء في هذه الحياة يحتاج إلى تجديد أو تغيير – وأحياناً إزالة ! – وهذه سنة الله في خلقه منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، وستستمر كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فعندما تمر بهذه الحالة من «الضيق» و»الخمول» و»الرتابة» يجب عليك أن تعرف مسبباتها، وأن تعمل على إزالة دواعي الملل التي قد تقودك إلى حالة من الحزن والكآبة والسوداوية فأنت بلا شك في غنى عنها. وهناك العديد من الأمور التي من شأنها إشعال «وهج الحياة» داخل النفس من جديد؛ كالذهاب في سفرة قصيرة، أو ممارسة هواية محببة، أو الانخراط في الأعمال الخيرية، أو تكوين صداقات جديدة، أو قراءة كتب عن أمور لم تعهدها من قبل، إلى غير ذلك من الأساليب التي تجعلك تحس بـ«طعم الدنيا» من جديد، والرتابة والروتين تُذهبان روعة الحياة الزوجية (الرتابة والروتين) تُذهبان روعة الحياة الزوجية وتؤثران علي العلاقات العاطفية ،فمن لا يتجدد يتجمد والجمود هو الموت البطيء لكل حب.
والمرأة هي من تمتلك مفتاح السَّعادة، وهي التي تمسك بيدها حلول معظم المشكلات التي تواجهها مع الزَّوج أو الأسرة. تمرُّ الأيام والسَّنوات على الحياة الزَّوجيَّة لكلِّ امرأة، فتشعر بالملل والفتور، والرَّتابة تتسلَّل رويداً رويداً إلى حياتها الزَّوجيَّة، بذلك تصطدم الأحلام الورديَّة بالعقبات والمصاعب خاصَّة بعد إنجاب الأطفال،فلا بد من تغيير نمط الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى