الفوسفات المصري: النشأة والتكوين
مهندس سيد عوض | استشاري التعدين المصري، والرئيس التنفيذي لشركة بنشمارك للتعدين
هناك نوعان من الفوسفات، بحري وقاري. والفوسفات المصري يكاد يكون كله بحرياً؛ فالمتحكم في ترسيبه منذ النشأة البحرية الأولى هو معدل الترسيب المنخفض والتيارات الصاعدة. ونعني بالنشأة البحرية الأولى تلك الكائنات البحرية التي تحللت بعد موتها وتجمعت أسنانها وعظامها وهياكلها مكونة تلك الطبقات الفوسفاتية.
والفوسفات القاري أو يطلق عليه الجوانو Guano ضئيل الظهور في مصر رغم تواجده في العصر الحالي في عدة جزر أشهرها جزر البهاما. نشأ هذا النوع بسبب تراكمات من إفرازات الطيور والخفافيش على تلك الجزر والتي تراكمت تحت ظروف خاصة مكونة طبقة سميكة من الفوسفات القاري.
وتتواجد مواقع الفوسفات ذات الأهمية الاقتصادية بمصر في ثلاث مناطق رئيسية وهي: منطقة وادي النيل ما بين إدفو وقنا، وتحديداً في منطقتي المحاميد والسباعية، ثم منطقة ساحل البحر الأحمر فيما بين سفاجا والقصير، مثل مناطق جبل ضوى والعطشان والحمراوين. والمنطقة الثالثة لتواجد الفوسفات تقع في الصحراء الغربية المصرية حيث تمثل هضبة أبو طرطور الواقعة في حدود محافظة الوادي الجديد أضخم تكوين جيولوجي للفوسفات في مصر.
قد يرى الشخص العادي الفوسفات المصري أبيضًا أو بنيًا أو أسودًا، وهذا يرجع إلى بيئة النشأة والتكوين، وما إذا كانت بيئة النشأة مؤكسدة أو بيئة مختزلة، فإن كان اللون أبيضا، كان ذلك دليل على نشأته في بيئة مؤكسدة أما إن كان لون صخور الفوسفات أسودًا أو بنيًا كان ذلك دليل على نشأته في بيئة مختزلة.
هناك عدة نظريات تناولت نشأة الفوسفات المصري أهمها نظرية Hussein1954 والتي تأسست على نظرية التيارات الصاعدة التي ترى أن الفوسفات تكون نتيجة خليط من تيارات الماء البارد والدفيء مما ساعد على ترسب أيونات الفوسفات في وجود أيونات الكالسيوم. ثم ظهرت نظرية Philobbos 1969 حيث يرى فيلوبس أنه نشأة الفوسفات تعود إلى تراكم عظام أسنان وأجزاء هياكل كائنات حية، مع وجود تيارات تحمل أيونات الكالسيوم لظروف ما، مما أدى إلى ترسب الكللوفان Collophane أي أن نشأة الفوسفات المصري أساسها تراكم الكائنات الحية بعد موتها وحدوث ترسيب عضوي. وقبل حسين وفيلوبس كان هناك نظرية Ball1913 والتي طرحت نظرية مغايرة لنشأة الفوسفات المصري، حيث اعتقد بول أن نشأة الفوسفات المصري أساسها وجود محاليل غنية بالفسفور وحدوث عملية إحلال في صخور الحجر الجير أو ما يسمى Metasomatic Replacement، وعلى الرغم من تباين واختلاف نظريات نشأة وتكوين صخور الفوسفات في مصر ولكن يبقى الفوسفات المصري خام استراتيجي يحتوي على أكثر من ١٥٠ معدن ويدخل في صناعات حيوية مثل الأدوية والمفرقعات والأسمدة وحمض الفسفوريك والعديد من الصناعات الكيميائية الأخرى.