جميل السلحوت يكتب:” مرحلة عشتها” من أدب الرحلات والسيرة الذاتية (5)

 

أنا والكتابة:

بدأت الكتابة في سنّ مبكرة، تماما مثلما بدأت المطالعة في سنّ مبكرة، وأجزم بأنّ شغفي بالمطالعة ومواظبتي عليها قد أفادني كثيرا في كتاباتي، وقد خضت مجال الكتابة في أصناف أدبيّة عدّة، ولا أزال أعمل باستمرار على تحسين أدواتي الكتابيّة، ويبقى الحكم على كتاباتي للقرّاء والنّقاد، وقد استفدت كثيرا من ملاحظاتهم، ولم أغفل عن أيّ ملاحظة أبدوها، تماما مثلما أحترم رأي النّقّاد برحابة صدر.

عندما عملت في صحيفة الفجر المقدسيّة في سبتمبر 1974م صرت أكتب مقالة بشكل شبه يوميّ، وأوقّعه باسم جميل حسين، وحسين هو والدي كما ذكرت سابقا، وعندما كنت أكتب مقالتين كنت أوقّع الثّانية باسم “فايز جميل”، وذات يوم في اجتماع لهيئة التّحرير امتدح رئيس التّحرير بشير البرغوثي، الكاتبين “جميل حسين وفايز جميل”، ولم يكن يعرف أنّني صاحب الاسمين، فابتسم أسعد الأسعد وهو يشير إليّ وأخبره بأنّني أنا صاحب الاسمين، فالتفت إليّ البرغوثي وسألني:

مِمّ تخاف من كتابة اسمك “جميل السلحوت”؟

فأخبرته بقصّتي مع الصّحيفة المقدسيّة التي رفض محرّروها مواصلة نشر ما أكتبه تحت زاوية “بأقلام القرّاء”، وأنا تلميذ في المرحلة الثّانويّة، عندما رأوني يافعا.

فقال لي: الخطأ ليس فيك ولا في اسمك وإنّما في الحم…. الذي أوقف نشر كتاباتك. وأضاف ضاحكا: أمّا نحن فقد رفعنا الحظر عن اسمك.

ومنذ ذلك الوقت وأنا أكتب باسمي الأوّل واسم عائلتي”جميل السلحوت.”

في تلك المرحلة أجدت كتابة الخاطرة والمقالة السّياسيّة، وكثيرا ما أبدى بشير البرغوثي ملاحظاته وتوجيهاته على مقالتي السّياسيّة، وكنت أنتبه بتركيز لتوجيهاته، لقناعتي بأنّه كان أفضل محلّل سياسيّ في الأراضي المحتلة؛ لكنّه لم يرفض نشر مقالة واحدة لي. علما أنّني كنت أعرض مقالتي على الزّميل أسعد الأسعد قبل دفعها للطّباعة.

في تلك المرحلة لم يكن الحاسوب”الكمبيوتر” معروفا، ولم تكن “الأوفست”، كانت الطّباعة تتمّ على ماكينات “اللينو تايب، والإنترتايب” وهي ماكينات ضخمة تحتاج الواحدة منها إلى مكان واسع، وكانت تعمل على صفّ الكلمات على أسطر من الرّصاص الذي يذاب بقوّة الكهرباء، وإذا ما حصل خطأ بكتابة كلمة واحدة في السّطر الواحد، فقد كان الطّابع يعيد طباعة السّطر كاملا، وكان موضّب الصّفحات يرتّب الأخبار والتّقارير، على قالب معدنيّ بحجم صفحة الجريدة.

ولم تكن الشّبكة العنكبوتيّة “الإنترنت” معروفة، ولا “الفاكس” أيضا. كانت الصّحيفة مشتركة مع وكالة أنباء “تويتر”، كما كان هناك لاقط أخبار يسجّل نشرات الأخبار التي تبثّها عدّة محطّات إذاعيّة، كما كان هناك مراسلون للصّحيفة في مختلف مدن الوطن المحتلّ، من هنا فقد كانت الأخبار شحيحة، وكان عمل هيئة التّحرير شاقّا، وقد يبقون في دوامهم حتّى بعد منتصف الليل، خصوصا أنّ الرّقيب العسكريّ الإسرائيليّ، الذي كنّا نرسل إليه كلّ ما ينشر في الصّحيفة- بما في ذلك الاعلانات التّجاريّة ونعي الأموات- على نسختين، فيشطب ما شاء وكيفما يشاء، وأحيانا كان يشطب أخبارا وتقارير صحفيّة كاملة، أو جزئيّا، حتّى أنّه كان يشطب قصصا وقصائد أدبيّة.

ومن طريف ما حصل في تلك الأيّام أنّ إحدى الصّحف المقدسيّة بقي فيها فراغ لخبر على صفحتها الأولى، ولم يجد المحرّرون خبرا لسدّ الفراغ، فكتب المحرّر خبرا طريفا مفاده:

” هرعت سيّارات الإطفاء لإخماد حريق هائل شبّ في أحد المتاجر في شارع صلاح الدّين في القدس، ولمّا وصل مراسلنا إلى المكان، تبيّن له أنّ الخبر كاذب.”

منشورات صلاح الدّين:

في منتصف سبعينات القرن العشرين، أسّس السّيّد الياس نصر الله من شفا عمرو دارا للنّشر، افتتح لها مقرّا في شارع صلاح الدّين في القدس، وسمّاها باسم الشّارع، وقد نشرت الدّار عدّة كتب لكتّاب محلّيّين على قلّة عددهم وقتذاك، كما أعادت نشر العشرات من الكتب الثّقافيّة التي صدرت في العالم العربيّ؛ لتكون في متناول أيدي القرّاء في فلسطين. غير أنّ الدّار تراجعت بعد اضطرار مؤسّسها إلى مغادرة البلاد للإقامة في لندن لأسباب خاصّة. وأغلقت أبوابها لاحقا.

كتابي الأوّل

في صيف العام 1977م كنت في سهرة عرس لأحد الأقارب في قريتي، وكان الحادي يقول ويردّد البعض خلفه منتقدا طريقة الحبّ عند البدو:

ملعون أبوكم عرب واوي طرد واوي

ملعون أبوكم عرب ما فيكم الغاوي

وإذا بالفتى “ناصر داود مطر” يقترب منّي غاضبا ومستنجدا بي لوقف السّامر؛ لأنّ الحادي يشتم العرب! فأوضحت له أنّ المقصود بالعرب هنا هم الأعراب، أي البدو، وأنّ الحادي هنا ينتقد حالة العشق عندهم،ويشبّهها بطريقة العشق عند “الواويّات” وهي نوع من الثّعالب. لكنّ ذلك لفت انتباهي إلى ضرورة جمع تراثنا الشّعبيّ وتدوينه، خصوصا أنّه يتعرّض لعمليّة سطو مبرمجة ومدروسة، من أجل نسبه للآخر الذي لم يكتف بسرقة الوطن، بل تعدّاها إلى سرقة الثّقافة وطمسها، مستغلّا نكبة شعبنا وتشتيته في مختلف بقاع الأرض، فقمت بجمع عدد من حكاياتنا الشّعبيّة، وقد لفت انتباهي أنّ تراثنا الشّعبيّ تراث طبقيّ، وكلّ طبقة أنتجت ثقافتها، كما لفت انتباهي تلك الثّقافة الذّكوريّة التي أنتجت حكايات وأمثالا نسبت فيها كلّ الشّرور والخطايا للمرأة، ومن هنا فقد وضعت مجموعة من الحكايات التي أنتجتها الطبقات المغلوبة على أمرها، والتي تبيّن فساد الحكّام والسّلاطين، ووضعتها في باب خاصّ، في حين أنّ الباب الثّانيّ كان مجموعة من الحكايات التي تحوي مضامين ضدّ المرأة، وقمت بنشرها في كتاب “شيء من الصّراع الطّبقيّ في الحكاية الفلسطينيّة”، صدر عام 1978 عن منشورات “دار صلاح الدّين للنّشر والتّوزيع“.

تراثنا الشّعبيّ:

التّراث الشّعبيّ جزء مهمّ من مكوّنات الهويّة الوطنيّة لأيّ شعب، بل إنّه أحد مكوّنات هذه الهويّة، فمن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له أيضا.

والموروث الشّعبيّ بشقّيه القوليّ والماديّ إرث حضاريّ للشّعب، والتّنكر لهذا الإرث الحضاريّ، هو استجابة مقصودة أو دون قصد لطروحات الأعداء الذين يرون في الشّعب الفلسطينيّ مجرّد تجمّعات سكّانيّة، وهم بهذا ينفون عنه صفة كونه شعب.

يتعرّض التّراث الشّعبيّ الفلسطينيّ إلى السّرقة والتّشويه والضّياع، نتيجة للغزو الصّهيوني لفلسطين، وتشريد ملايين الفلسطينيّين عن أرض وطنهم. فمئات القرى الفلسطينيّة تمّ تدميرها بالكامل، ومحو كلّ أثر لها. وما تبقى جرى تحريفه وتشويهه، فعسقلان أصبحت أشكلون، وبيسان أصبحت بيت شان وبيت محسير أصبحت بيت مائير وهكذا.

وحتّى على مستوى المأكولات الشّعبيّة فإنّ الحمّص والفلافل يقدّم على اعتبار أنّه أكلة شعبيّة عبريّة. أمّا على مستوى الأدب الشّعبيّ فقد تمّ تقديم أغنية ” الدّلعونا ” بنفس لحنها الشّعبي الفلسطينيّ بعد ترجمة كلماتها إلى العبريّة على أساس أنّها أغنية شعبيّة عبريّة.

وكذلك الثّوب النّسائيّ الفلاحيّ الفلسطينيّ المطرّز تمّت سرقته على اعتبار أنه موروث شعبيّ عبريّ.

والآثار الفلسطينيّة تمّت سرقتها وعرضها في المتاحف الإسرائيليّة على اعتبار أنّها آثار العبريّين القدامى. والحكايات الشّعبيّة الفلسطينيّة والعربيّة تمّت ترجمتها واستبدال الأسماء العربيّة فيها بأسماء عبريّة ونسبتها إلى العبريّين.

ونتيجة لتشتّت الفلسطينيّين فإنّ الأغنية الشّعبيّة الفلسطينيّة قد ضاعت في أرض اللجوء، أو تمّ دمجها في الأغاني المحليّة خصوصا في الدّول العربيّة الشّقيقة، وتمّ نسبها إلى هذا القطر أو ذاك.ويجدر التّنويه هنا أن لا خلاف على الثّقافة العربيّة المشتركة، لكنّ ضياع الموروث الشّعبيّ الفلسطينيّ تحديدا يجب عدم المرور عليه مرّ الكرام؛ نظرا لظروف الشّعب الفلسطينيّ الخاصّة، والتي تهدّد وجوده كشعب ساهم في بناء الحضارة العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة.

من هنا ومن منطلقات الحرص على ثقافتنا الشّعبيّة، فقد قمت وبالشّراكة مع ابن قريتي الدّكتور محمّد شحادة بجمع الأغنيّة الشّعبيّة للمناسبات المختلفة في قريتنا “السّواحرة”، وصنّفناها –حسب مناسباتها-، وصدرت عام 1982م في كتاب تحت عنوان “صور من الأدب الشّعبيّ الفلسطينيّ”عن منشورات الرّوّاد في القدس، وهي تتبع لجمعيّة الملتقى الفكريّ العربيّ في القدس.

وواصلت بحثي في التّراث الشّعبيّ، ولفت انتباهي أنّ لكلّ جماعة متجانسة جوانب ثقافيّة خاصّة بها، ومنها المثل الشّعبيّ، حيث عُرف أنّه لكلّ منطقة بعض الأمثال الخاصّة التي لا يفهمها إلاّ أهل تلك المنطقة، وقد عرف العرب أنّ لأهل مكّة أمثالهم، ولأهل المدينة أمثالهم وهكذا. وهذا لا يعني إهمال بقيّة الأمثال العامّة التي يفهمها جميع أبناء الجنس الواحد كالأمثال العربيّة مثلا، بل إنّ هناك أمثالا عالميّة يتداولها جميع البشر، لأنّ الشّعوب إذا عاشت ظروفا متشابهة تنتج ثقافة متشابهة.من هنا جاء كتابي:

” مضامين اجتماعيّة في الحكاية الفلسطينيّة”، وصدر عام 1983 عن دار الكاتب للنّشر والتّوزيع في القدس.

البيئة والتّربية العشائريّة

نشأتُ في بيئة عشائريّة، “عرب السّواحرة”، وهم عشائر بدويّة بدأت تستقرّ في العقد الثّالث من القرن العشرين، وأصبحت بلدتهم إحدى ضواحي القدس الشّريف، وأنا وُلدت وتربّيتفي هذه البيئة العشائريّة، حيث كانت الأعراف العشائريّة هي الأعراف السّائدة، ولا تزال حتّى يومنا هذا، لكن لم تعد لها السّطوة نفسها التي كانت سائدة حتّى ثمانينات القرن العشرين، وذلك بسبب انتشار التّعليم بين الأجيال الشّابّة، وقد تعلّمتُ هذه الأعراف دون قصد منّي، بل بحكم الواقع المعاش، وذلك من خلال بيتنا وبيوت الأقارب التي كانت ملتقى لحلّ الخلافات والنّزاعات والخصومات المختلفة، فالتّربية العشائريّة تقضي بأن تُحلّ الخلافات حسب الأعراف والتّقاليد، ومن المعيب اللجوء للشّرطة أو المحاكم لحلّ الخلافات، وترسّخت هذه المفاهيم بعد الاحتلال الإسرائيليّ، الذي لا يعترف به المواطنون، وبالتّالي فهم يحلّون مشاكلهم –حسب الأعراف والتّقاليد- بعيدا عن تدخّل السّلطات المحتلّة. ومع قناعاتي بعدم جدوى العشائريّة، بل أعتبرها سببا من أسباب “التّخلف الاجتماعيّ” الذي يقودنا إلى حلقات متداخلة من الهزائم على مختلف الأصعدة، وأتمنّى ذلك اليوم الذي ستقوم فيها دولتنا المستقلّة، بعد كنس الاحتلال ومخلّفاته كافّة؛ لتكون السّيادة للقانون. إلا أنّني وجدت نفسي في معمعة الأعراف العشائريّة رغما عنّي، وذلك بعد أن غيّب الموت الآباء والأجداد الذين كانوا يقومون بهذه المهمّة. فكثيرا ما يلجأ آخرون إليّ لحلّ مشاكلهم وخلافاتهم، ويطرقون باب بيتي دون موعد مسبق. وهذا يأخذ وقتا وجهدا وسهرا منّي، وعلى حساب مشروعي الثّقافيّ المتمثّل بالمطالعة والكتابة وحضور الندوات واللقاءات الثّقافيّة.

عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى في ديسمبر 1987م، كثرت الخلافات والخصومات، وكان لا بدّ من حلّها من خلال لجان الإصلاح التي تشكّلت في مختلف المناطق، ودخل في هذه اللجان شباب لا دراية ولا خبرة لهم في هذا المجال، وهذا دفعني لكتابة “القضاء العشائريّ”، الذي صدر عام 1988م عن دار الأسوار في عكّا.

أدب الأطفال

في الانتفاضة الشّعبيّة الفلسطينيّة الأولى، كنت أعمل في التّدريس صباحا وفي الصّحافة بعد الظّهر، وأيّام اغلاق المدارس بأوامر عسكريّة، وقد شاهدت بأمّ عيني عددا من جثامين الأطفال الذين اصطادهم جنود الإحتلال، فصعدوا إلى السّماء شهداء، تحفّهم أحزان أمّهاتهم وآبائهم ومن عرفوهم، وذات يوم من عام 1988م كنت مارّا في أحد شوارع مدينة البيرة، وإذا بسيّدة تخرج إلى الشّارع صارخة وهي تحمل طفلا لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات على صدرها، والدّماء تصبغ ثوبها، توقّفت وركضت باتّجاه المرأة واحتضنت الطّفل خوفا من أن يسقط من بين يدي والدته التي ظننتها جريحة، وتفاجأت أنّ الطفل هو المصاب برأسه، وسقط جزء من دماغه على صدري، ممّا أثار أحزاني وأبكاني. وأذكر أنّ “ماهر” هو اسم ذلك الطفل، وأنّه أصيب برصاصة حجمها كبير أطلقت من دبّابّة تتمركز على جبل الطويل، واخترقت جدار شرفة البيت وأصابت رأس ذلك الطفل الذي كان يلعب على سيّارة دمية لم تتمّ فرحته بها.

مشاهداتي للأطفال الشّهداء والجرحى أدمت قلبي، وأرهقت عقلي، فمن غير المعقول أن يُقتل أطفالنا أمام العالم أجمع، دون أن يجدوا من يحميهم. مشاهدتي للطّفل الشّهيد “ماهر” وغيره من الأطفال أورثتني حزنا دائما لا ينمحي، فانخرس قلمي وما عدت قادرا على الكتابة عن الأطفال الشّهداء لمدّة زادت عن الشّهر، لكنّ الفاجعة لم تغب عن مخيّلتي ولو للحظة واحدة. بعدها جلست في مكتبتي، أغلقت الباب خلفي وكأنّي أهرب من نفسي لنفسي، لم تعد عندي شهيّة للطّعام، شرعت أكتب بدموعي قبل قلمي، وأنا أتخيّل الشّهداء بمثابة ابني قيس الذي كان في الرّابعة من عمره، وابنتي أمينة التي كانت في الأشهر الأولى من عمرها، كتبت خلال أسبوع عددا من القصص للأطفال وعنهم، مستفيدا من مشاهداتي أثناء عملي الصّحفيّ. وتحصّل لديّ مجموعة قصصيّة أسميتها “المخاض” لقناعتي في حينه أنّ دماء أطفالنا وشهدائنا ستتمخّض عن ولادة دولة فلسطينيّة مستقلّة بعاصمتها القدس، بعد كنس الاحتلال ومخلّفاته كافّة، وقد صدرت عام 1989م عن منشورات اتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، الذي كنت عضوا في هيئته الإداريّة.

وواصلت كتاباتي القصصيّة للأطفال فصدر لي:

الغول، قصّة للأطفال، منشورات ثقافة الطفل الفلسطيني-رام الله 2007م.

– كلب البراري، مجموعة قصصيّة للأطفال، منشورات غدير،القدس2009م.

بلغ حبّي للأطفال مداه عندما أصبحت جدّا، وانطبق عليّ المثل القائل “ما أغلى من الولد إلا ولد الولد”، أو كما يقول المثل الإغريقيّ” ابنك ولدته مرّة، وابن ابنك ولدته مرّتين”، وعندما وصل سبطي “كنان ابن ابنتي أمينة” سنّ –الخامسة، كتبت له قصّة ” الأحفاد الطّيّبون”، التي صدرت عن منشورات الزّيزفونة لثقافة الطفل، بيتونيا-فلسطين 2016. وفي العام 2019 كتبت قصّة أخرى لكنان وشقيقته بنان تحت عنوان ” كنان وبنان يحبّان القطط”-صدرت عن دار الياحور للطباعة والنشر-القدس 2019.

وعندما بلغ سبطي “باسل ابن ابنتي لمى” عامه الأوّل كتبت له قصّة “باسل يتعلّم الكتابة“،صدرت عن منشورات الزّيزفونة لتنمية ثقافة الطفل، بيتونيا، فلسطين، 2017.

أمّا أحفادي أبناء ابني قيس، فلم أنعم بقربهما كما نعمت بقربي من أبناء ابنتيّ أمينة ولمى، فابنتا قيس ولدتا في أمريكا وتعيشان فيها، وقد التقيت الكبرى لينا المولودة في 21-5 –2015مأربع مرّات أولاهما بعد ولادتها بساعات قليلة، أمّا شقيقتها ميرا المولودة في 1-12-2017م، فقد التقيتها مرّتينأولاهما في صيف العام 2018م والثانية في حزيران 2019م عندما جاؤونا زائرين، وقضوا معنا أسبوعين. وقد كتبت رواية لليافعين لحفيدتي لينا أسميتها “لنّوش”، صدرت عام 2016  عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، وغلافها الأوّل يحمل صورة شخصيّة للغالية لينا وهي في سنّ تسعة أشهر.

أمّا أميرة قلبي حفيدتي ميرا التي سحرتني بحبّها عندما رأيتها، فقد كتبت لها قصّة

ميرا تحبّ الطيور”،صدرت عن دار الياحور للطباعة والنشر-القدس 2019م.وغلافها الأوّل يحمل صورة شخصيّة للينا وهي ابنة عام.

كما كتبت ثلاث روايات أخرى موجّهة لليافعين محورها يدور حول الأرض، وضرورة زراعتها والاعتناء بها، خصوصا وأنّها تسلب منّا يوما بعد يوم. وهذه الرّوايات هي:

       عشّ الدّبابير-رواية للفتيات والفتيان-منشورات دار الهدى-كفر قرع، تمّوز-يوليو- 2007م.

الحصاد-رواية لليافعين، منشورات الزّيزفونة لثقافة الطفل، 2014م، ببيتونيا-فلسطين.

البلاد العجيبة- رواية لليافعين- مكتبة كل شيء- حيفا 2014م.

الأدب السّاخر:

بعد توقيع اتّفاقيّات أوسلو في 13 سبتمبر 1993م بين منظّمة التّحرير الفلسطينيّة وإسرائيل، استبشرنا خيرا بأنّ السّلام المنشود سيتحقّق، قدت سيّارتي إلى مدينة أريحا، ورأيت بصحبة ابني قيس الذي كان في التّاسعة من عمره قوّات الأمن الوطنيّ الفلسطينيّ تجوب شوارع المدينة بلباسها العسكريّ وبأسلحتها الخفيفة، ففرحنا بها، وقد شملت مرحلة “غزّة أريحا أوّلا” انضمام بلدة العوجا في الأغوار إلى أريحا، فقرّرت زيارة تلك البلدة التي تبعد بضعة كيلومترات، وعند المدخل الشّماليّ لمدينة أريحا أوقفتني دوريّة مؤلّلة للجيش الإسرائيليّ، وطلبت منّي بطاقة الهويّة، فصرخت بهم رافضا طلبهم، وسألتهم عن وجودهم في ذلك المكان، وبأنّني أنا سأطلب منهم هويّاتهم؛ لأنّ المنطقة تابعة للسّلطة الوطنيّة! فضحك ضابط الدّوريّة وهو يشرح لي بأنّ الانسحاب كان من أريحا والعوجا، ولا يشمل ذلك الطريق الواصل بينهما! ولم أقتنع منه، فاتّصل بالدّوريّة المشتركة التي يشارك بها فلسطينيّون وإسرائيليّون، ولمّا حضرت الدّوريّة أوضح ضابط فلسطينيّ صحّة ما قاله الضّابط الإسرائيليّ، وكان ذلك صدمة لي، حيث تلفّظت بكلمات نابيّة، وقرّرت العودة إلى أريحا، وفي مخيّم عقبة جبر عند المدخل الجنوبيّ لمدينة أريحا، تذكّرت حكاية كانت مقرّرة في كتاب القراءة للصّفّ الرّابع الإبتدائيّ أيّام دراستي في أواخر خمسينات القرن العشرين، وجاء فيها “وقف حمار الشّيخ في العقبة”، وعدت إلى بيتي وكتبت مقالة ساخرة بعنوان”حمار الشّيخ” مستغلا لقب الشّيخ اللاصق باسمي دوما، سخرت فيه من الموقف الذي حصل معي، ومن اتّفاقات أوسلو، وواصلت كتابة المقالات تحت ذلك العنوان الذي اتّخذته “كلاشيه” لعشرات المقالات السّاخرة حول مشاهداتي في المدن والبلدات الفلسطينيّة، وجمعتها في كتابين هما:

–  حمار الشيخ.منشورات اتّحاد الشّباب الفلسطيني -رام الله2000م.

أنا وحماري .منشورات دار التّنوير للنّشر والتّرجمة والتّوزيع – القدس2003م.

فيهذين الكتابين اللذين تلقّاهما القرّاء بقبول حسن، وأحدثا ضجّة واسعة، كان الحمار في كلّ مقالة حواريّة بيني وبينه يأخذ دور الحكيم الذي لا يخطئ، بينما أنا آخذ دور المسؤولين والمتنفذّين، فيصحّحني الحمار، وكأنّه يقول لي:” أنتم ترتكبون أخطاء لا يخطئ فيها حمار!” وسأكتفي هنا بمقالة واحدة للمفكّر الفلسطينيد. خضر محجز عن الكتاب جاء فيها:

سؤال الثقافة والأيديولوجيا في حوارية جميل السلحوت: “حمار الشيخ

المطالع لكتاب جميل السلحوت (حمار الشيخ) يكتشف، منذ الوهلة الأولى، أنه أمام نوع من كتابة مختلفة: حيث تبرز قدرة الأسلوب الأدبي، على الخوض في مسائل سياسيّة وثقافيّة واجتماعيّة شائكة، لا يجرؤ على خوض غمارها، إلا من امتلك ناصيتي النّقد السّياسيّ والنّقد الإبداعيّ.

لقد قيل كلام كثير حول انفصال السّياسة عن الإبداع، لكن كلّ هذا الكلام يتعرّض للشّطب على يد جميل السلحوت، بجرّة قلم، عندما يقول:

“أما أنا وحماري، فلم تكن لدينا مشكلة على الإطلاق؛ فأينما وجدنا طريقا سالكا سرنا فيه، بغض النّظر: على الرّصيف، أو على جانب الشّارع، أو في منتصفه. ولا أخفيكم سرا أنّني كنت أشعر، وكأنّني عنترة زماني، عندما نوقف السّير، أو تهرب مجموعة من السّيّاح مبتعدة عنّا، لالتقاط الصّور التّذكارية لنا”.

إذا كانت هذه الحواريّة نصّا غير مكتمل، وواقعة ثقافيّة، فإنّ علينا أن نحللها باعتبارها مادّة خامّا، يجري استخدامها، مع موادّ أخرى ذات علاقة بالنّصّ، ومن خارجه. فالقصّة في النّصّ ما زالت بعيدة عن الاكتمال: بمعنى أنّ هناك فجوات في الحكي وتكتّما في النّصّ، واستعمالا متضاربا، إلى حدّ كبير، لسرد كلّ من المؤلف الضّمني والرّاوي والمؤلّف المدنيّ.

فالمؤلّف المدنيّ، جميل السلحوت، شخص موجود، ويسكن في القدس، وله رقم هوية وعنوان محدّد. لكنّنا ـ كمتلقّين ـ لا نعرف آراءه السّياسيّة، ولا موقعه الأيديولوجيّ، رغم أنّه جزء جوهريّ من النّصّ. كيف سنعرف ذلك؟. ليس أمامنا إلا أن نستكشفه من النّصّ، عن طريق إعادة تكوين لحمة المؤلّف، من خلال نصّه.

لكنّ النّصّ لا يبرز لنا جميل السلحوت بشحمه ولحمه، بل يبرز بدلا من ذلك مؤلّفا معدّا بعناية، على يدي جميل السلحوت الشّخص المدنيّ. وهذا المؤلّف المقدّم لنا بين السّطور، سوف يكون هو المؤلّف الضّمنيّ، الذي يتموقع وراء منظومة القيم ومواقف الأيديولوجيا.

إذن فالمؤلف الضّمنيّ هو الذي سنحاوره ـ كمتلقين ـ ونكتشف آراءه. يقول وين بوث:” إنّ المؤلّف عندما يكتب لا يخلق مثالا إنسانيّا عامّا فقط؛ ولكنّه يخلق نسخة مضمونيّة من نفسه، تكون مختلفة عن المؤلّفين الآخرين، والذين نقابلهم في أعمال مؤلّفين آخرين… فمهما حاول أن يكون لاذاتيا، فإنّ قارئه لا بدّ أن يشكّل صورة عن المؤلّف الرّسميّ، أو المؤلّف الثّاني، أو الضّمني، الذي يكتب بمثل هذه الطريقة”.

أضف إلى كلّ ذلك، شخصيّة الرّاوي، الذي ليس هو المؤلّف الضّمنيّ، ولا المؤلّف المدنيّ؛ بل هو شخصيّة وهميّة، مهمّتها التّنقل بين مفاصل النّصّ؛ لتمارس الحكي نيابة عن واحد منهما، في أغلب الأحيان، أو عن كليهما في أحوال نادرة.

إنّ ابتداع شخصيّة الرّاوي أمر جوهريّ لعمليّة السّرد. فلا يعقل أن يكون هناك سرد دون سارد. ثم لا يعقل أن نتصوّر أن جميل السلحوت هو الرّاوي ـ أو السّارد ـ (فالمصطلحان يشيران إلى ذات المعنى). لذلك يلجأ السّرد ـ ولا أقول المؤلّف: فالقصّة هي التي تبتدع راويها ـ لابتداع هذه الشّخصيّة، التي يمكن اعتبارها مجرّد تقنيّة، أو أسلوب لا يمكن الاستغناء عنه. وفي النّقد الثّقافيّ سوف يكون أمامنا مجال واسع، لمقارنة حقيقيّة، بين هذه الشّخصيّات الثّلاث: المؤلّف المدنيّ، والمؤلّف الضّمنيّ، والرّاوي، إضافة إلى كشف الانزياحات الأيديولوجيّة بين ثلاثتها.

سوف يبرز لنا المؤلّف الضّمنيّ، في حمار الشّيخ، منتقدا صلبا لكثير من الظّواهر المجتمعيّة، في الأرض المحتلّة، التي صارت أرض السّلطة الفلسطينيّة. وعندما نتأمّل المقطع المقتبس السّابق قليلا، فسوف نتساءل: أين حدود السّياسة هنا من الإبداع، وأين هو الفارق بينهما؟

لقد امتزجا في خطاب ثقافيّ، ينتقد كلّا من السّلطة السّياسيّة وثقافة المجتمع. ولنا أن نتساءل هنا: أيّ نوع من المجتمعات هذا الذي يستطيع فيه راكب حمار أن يوقف حركة المرور!. إنّ أوّل مظاهر التّحضّر وجود القوانين. وإنّ أوّل مظهر من مظاهر وجود القانون في بلد هو حركة المرور. وإنّ من أوّل ما درسناه، في مساقات القانون، هو أنّه لا يوجد قانون حيث لا تتوفّر له سلطة القهر. إنّ توفّر القدرة على القهر، لدى أيّ تشريع، هو الذي يعطيه صفة القانون. دع عنك سخافات أناس يجلسون في السّلطة، ثم يدعون النّاس لاحترام القانون، فهذه مهمّة المخاتير وشيوخ العشائر. ولا أظنّ أحدا منّا انتخب رئيس السّلطة؛ ليحل محلّ كبير المخاتير!.

إنّ جميل السلحوت يبرز تخوّف السّيّاح، من حمار الشّيخ، بالسّخرية السّوداء من هذه العجائبيّة، التي تحكم مجتمعا يفترض أنّه الآن على أبواب الاستقلال، بعد حرب طويلة خاضها طوال مرحلة من الثّورة والانتفاضة، سعيا وراء هذا الاستقلال. أفلا يكون السّؤال الثّقافيّ المضمر في هذا الخطاب هو: هل نحن مؤهلّون فعلا لإنشاء مجتمع مستقلّ؟ وإذا ما أنشأناه، فهل سيكون على هذه الشّاكلة؟ وهل يستحقّ مجتمع ما الاستقلال السّياسيّ، لمجرد رغبته في العودة إلى الوراء؟

إنّ جميل السلحوت يدرك أنّ النّص منظومة علاماتيّة ألسنيّة، وليس مجرّد كلمات منفصلة عن الواقع، لمجرّد أنّها مطبوعة على الورق. وبذا فهو يخرج للنّصوصيّة اليمينيّة المتطرّفة لسانه: ساخرا من كل شعوذات منظّريها السّخفاء القائلين باستقلال النّصّ عن خارجه. فقد أدرك جميل السلحوت مبكرا أن تلك النّصوصيّة هي، في نهاية المطاف، خدمة ثقافيّة مجّانيّة للاستعمار الثّقافيّ، الذي يريد من المثقّفين أن ينشغلوا بعلاقات متوهّمة، بين حروف النّصّ المطبوع، وطرق تنسيقها على الورق، وجماليّات الفواصل والعتبات، بعد أن قتلوا التّاريخ والمؤلّف والعلاقات الإنسانيّة.

لقد تحوّل النص بين أيدي غلاة اليمين المتطرّف في أمريكا ـ وعلى أيدي مدفوعي الثّمن هنا ـ إلى (الله): الذي هو علّة العلل، والمستغني بذاته عن سواه. لقد حدث كل ذلك، بهدف تحويل الدّرس الأدبيّ إلى غرفة مظلمة، مقفلة الأبواب، لا يرى طلّابها ما يحلّ بذويهم في الخارج، على يد علاقات القوّة، تاركين كلّ ذلك دبر آذانهم!. ولا جرم؛ فهم مشغولون الآن بقراءة (الأرض الخراب)، أو سماع باخ وبيتهوفن!.

والكاتب مدرك لطبيعة هذه العلاقة المرضيّة، التي أتاحت لكتّاب أن يظهروا للمتلقّين في صورة المدافعين عن الحقيقة، ثم نراهم في موطن آخر (واقعيّين)، مدركين بأنّ الحقيقة في هذه الأيّام صارت (نسبيّة)، وتحتمل وجوها عدّة. لقد صار بإمكان بعض هؤلاء الكتّاب، الظّهور بمظهر (النّيتشويّين) المتحرّرين، من أيّ تصوّر مسبق لوجود الحقيقة الجوهر. وبذا فقد أصبح باستطاعة العدوّ ـ وفق هذا المنطق ـ إعادة تشكيل الحقيقة، وفق رؤيته، متذرعا بقوّة القوّة، القادرة على فرض (حقائق جديدة)، بغضّ النّظر عن موافقتها لمنطق العدالة أم لا!.. وكأنّ الحقيقة، المستمدّة قوّتها من ذاتها، لم تعد موجودة!

الكاتب ليس مدركا كلّ هذا فحسب، بل إنّ حماره ـ حتّى ـ يدرك ذلك ويتصرّف وفقه، في منطق حماريّ مترفع عن شعوذات (المثقّفين)، فيقول:

“حتى أحد كتّابكم الكبار يقدّم التّنازلات السّياسيّة المجّانيّة، ليس لوجه الله، وإنّما من أجل وجه مقرّري منح جوائز نوبل للآداب”( ).

وعندما يعترض الرّاوي، ويزجر هذا الحمار الحكيم، يأبى الحمار أن ينزجر، مواصلا التّحدي بإظهار الحقيقة، قائلا:

“ولكنّه تبرّع بمساواة المستوطنين مع الفلسطينيّين، الذين بقوا في ديارهم، في حدود إسرائيل.”……………………………………………………………….

سنعود الآن إلى اعتراض الرّاوي على منطق حماره (الحمار)، في كشفه لهذا القبح؛  لنكتشف أنّ هذا الخوف هو خوف أيديولوجيّ، ناتج عن شعور الكاتب بالقوّة المضمرة لـ(بلدوزرات الثّقافة) الذين يسمّيهم إدوارد سعيد، طبقة الإنتلجنسيا. يقول:

“لكن طبقة رجال الفكر (الإنتلجنسيا) هي ذاتها عنصر مساعد… وقد رُسم دور لهذه الطّبقة، وصُنع لها ؛ بوصفها طبقة مُحدثِنة [من اسم الفاعل]: أي أنّها تمنح الشّرعيّة، والسّلطة المرجعيّة، لأفكار حول التّحديث والتّقدّم والثّقافة، تتلقّاها من الولايات المتّحدة، بصورة رئيسيّة. ويقوم الدّليل على هذا في العلوم الاجتماعيّة، وبما يفاجئ إلى درجة كبيرة [يقوم الدّليل كذلك] من الجذريّين [ اليساريّين الرّاديكاليّين] الذين أخذوا ماركسيّتهم، بالجملة، من نظرة ماركس التّسلطيّة إلى العالم الثّالث.”

ومعلوم لنا جميعا، أنّ تلك الطّبقة قد استطاعت ـ بسبب عوامل تاريخيّة متعدّدة، أكثرها ينقصه الشّرفـ أن تتعاقد، مع المؤسّسة السّياسيّة، على صياغة مؤسّسة الأدب، بما يخدم هذا التّحالف، في وجه كلّ أنواع الثّقافة المهمّشة والشّعبيّة، السّائدة في أوساط البسطاء، الذين لا يعرفون لهم وطنا سوى فلسطين، التي عرفوها، وآمنوا بأنّها تستحقّ منهم أكثر من هذا.

لكن هذا الخوف الأيديولوجيّ، الموظّف إبداعيا على يد جميل السلحوت، لا يستطيع أن يرفد الرّاوي بقوّة المنطق، إذ سرعان ما يجد الرّاوي نفسه صغيرا، أمام منطق هذا الحمار الحكيم، المتعالي بحمرنته، عن إنسانيّة أشخاص ينسبون أنفسهم إلى طبقة الإنتلجنسيا، ثم لا يشعرون بالعار من ” أن تُقرن قضيّة الأسرى بقضيّة العملاء المتعاونين.” لا في الأدب وحده، بل في الاتّفاقات السّياسيّة كذلك.

يواصل الرّاوي هذه السّخرية السّوداء، من علاقات ثقافيّة، في المجتمع الفلسطينيّ، بدأت تبرز أخيرا، من مثل هذا النّوع من (ثقافة البلاغة)، التي تتوسّل بطنين الكلمات الكبيرة؛ لتخفي وراءها فراغا موحشا، وجهلا مختبئا وراء قعقعات الحروف. وهذا النّوع من الخطاب السّياسيّ الدّيماغوجيّ، الذي يستخدمه أناس مدفوعو الأجر، في أغلب الأحيان، وجهلة مغرّر بهم في قليل من الأحيان، هو الذي يبرّر للدّكتاتورية السّياسيّة، عقد اتّفاقيات تحتاج منها إلى كلّ هذا العدد من المروّجين الدّيماغوجيّين. فتعال لنرى كيف يحلو للرّاوي أن يتزيّا بزيّ واحد من هؤلاء الدّيماغوجيين، فيقول:

“كنت مزهوّا بنفسي كالطاووس، وأنا أشرح للحضور المكاسب التي حقّقناها منذ بدء العمليّة السّلميّة… وقد زادني حماسا جمهور المستمعين، الذي كان في غالبيّته من كبار السّنّ، الذين لا يسمعون جيّدا. بينما كان الباقون تنقصهم الثّقافة السّياسيّة، ويطربون للشّعارات الرّنّانة، التي اعتدت على استعمالها… أخذت أهاجم كلّ فلسطينيّ وعربيّ ينتقد العمليّة السّلميّة… فهم مناضلو شعارات، جلبوا الويلات على شعبنا، ولم يستوعبوا العمليّة السّلميّة”.

لقد كان من الممكن لنا أن نتصوّر، للحظة، أنّ موقف الرّاوي هنا هو نفس موقف المؤلّف الضّمنيّ، لولا أنّنا رأينا المؤلّف الضّمنيّ يبرز لنا فجأة، من خلال تبنّيه لمنظومة القيم، التي يؤمن بها الحمار؛ في تبادليّة ذات مدلول أيديولوجيّ، تفضّل منطق الحمار المتمسّك بالثّوابت، على منطق الإنسان المضحّي بالثّوابت، على مذبح احتياجاته الصّغيرة. وهكذا كان لا بدّ للرّاوي ـ استجابة لموقف المؤلّف الضّمنيّ ـ أن يبيّن الموقع الأيديولوجيّ للحمار، الذي هو نفس موقع المؤلّف الضّمنيّ، فيقول، استكمالا للموقف السّرديّ السّابق، ما يلي:

“وعندما انصرفت، وجدت حماري أبا صابر متكدّرا غاضبا من حديثي واتّهمني بالتّهريج وعدم الوضوح في الموقف السّياسيّ”.

وأخيرا:

نحن، كمتلقّين، قد شكّلنا للمؤلّف الضّمنيّ في (حمار الشّيخ) صورته التي انطبعت في أذهاننا، واستنتجناها من نصّه. لكن ما يبقى هو سؤال من نوع جديد: هل جميل السلحوت هو نفس هذه الصّورة، التي رسمناها له بتأثير نصّه؟ أرجو أن يكون الجواب نعم. وأعتقد أنّه كذلك.”

موقع دنيا الوطن-19-12-2005

******

 

ندوة اليوم السّابع

في شهر آذار 1991م وبمبادرة ودعوة من جميل السلحوت التقى كلّ من: جميل السلحوت، ديمة جمعة السمان، ابراهيم جوهر، ربحي الشويكي ونبيل الجولاني، ودعوا عشرات الكتّاب والمثقّفين الفلسطينيّين لعقد ندوة ثقافيّة دوريّة أسبوعيّة أسموها “ندوة الخميس” في مركز القدس للموسيقى في القدس الشّريف، يتحاورون ويتبادلون في الشّأن الثّقافيّ المحليّ والعربيّ والعالميّ، ثمّ انتقلت من يوم الخميس إلى يوم السّبت كي لا تتعارض مع ندوة يعقدها اتحاد الكتّاب في الوقت نفسه، فحملت النّدوة المقدسيّة اسم “ندوة اليوم السّابع”، وعندما توقّفت ندوة اتحاد الكتّاب عادت النّدوة إلى مساء الخميس، واحتفظت باسمها ولا تزال “ندوة اليوم السابع”، وبعد حوالي عامين انتقلت إلى المسرح الوطنيّ الفلسطينيّ، ولا تزال النّدوة مستمرّة حتّى يومنا هذا.

أهداف الندوة:

–      الحفاظ على الهويّة الوطنيّة والثّقافيّة في القدس.

–      عقد ندوات ولقاءات لفضح ممارسات الاحتلال وسياساته التّهويديّة للمدينة.

–      جمع وتدوين التّراث الشّعبيّ الفلسطينيّ في القدس.

–      عمل دراسات وأبحاث عن الأبنية التّاريخيّة والمساجد والكنائس والأديرة والزّوايا والتّكايا والمقابر التّاريخيّة في القدس.

–      عمل دراسات وأبحاث عن العائلات المقدسيّة العريقة، وحياة”التّمدّن” في المدينة كنموذج للحياة المدينيّة في فلسطين.

–      عمل دراسات وأبحاث عن الشّخصيّات المقدسيّة والفلسطينيّة والعربيّة والاسلاميّة التي كان لها دور في القدس.

–      طباعة النّتاجات الأدبيّة والثّقافيّة والأبحاث لمبدعي القدس.

–      تواصل المثقّفين والكتّاب الفلسطينيّين مع بقيّة زملائهم في الدّاخل الفلسطينيّ وبقيّة أجزاء الضّفّة الغربيّة.

وكبداية-ضمن الامكانيّات المتاحة-استقرّ رأيهم أن يناقشوا كتابا يختارونه، وأن يحدّدوا موعدا لمناقشته، وتعطى الأولويّة في الحديث لمن كتب عن الكتاب، ثم يجري نقاش عام يشارك فيه من يريد من الحضور، واشتراط الكتابة هنا من أجل تشجيع الحركة النّقدية ومحاولة تفعيلها، ومن أجل النّشر والتّوثيق في الصّحافة المحليّة والعربيّة والألكترونيّة.

ومن أهداف النّدوة أيضا هو الأخذ بأيدي المواهب الإبداعيّة الشّبابيّة، حيث يستمع الحضور لإبداعاتهم ويقيّمونها ويوجّهون أصحابها نحو الرّقيّ الابداعيّ .

ومن اللافت للانتباه أنّ النّدوة قد استمرّت دون انقطاع، وتكاد تكون النّدوة الثّقافيّة  الوحيدة المستمرّة على السّاحة الفلسطينيّة، بل على السّاحة العربيّة، وهي النّشاط الثّقافي الأبرز في القدس، حيث إنّها مستمرّة منذ بداية آذار – مارس- العام 1991 بشكل أسبوعيّ دوريّ دون انقطاع، ويحرص الكتّاب والمثقّفون المقدسيّون الفلسطينيّون على حضورها بدافع ذاتيّ، لإيمانهم بأنّ كلّ فرد فيها سيستفيد بتنمية قدراته الثّقافيّة والإبداعيّة، حتّى أنّ البعض يترك عمله من أجل حضور النّدوة.

ويكفي النّدوة فخرا أنّها تقوم بالتّعريف على الكثير من النّتاجات الثّقافيّة المحليّة والعربيّة فور صدورها، وكثير من المخرجين المسرحيّين يعرضون (بروفاتهم) الأخيرة أمام روّاد النّدوة، ويستمعون إلى ملاحظاتهم وانتقاداتهم قبل أن يعرضوها أمام الجمهور، وقد صدر عن النّدوة كتاب تسجيليّ توثيقي بذلك تحت اسم “أبو الفنون”.

وكثير من الكتّاب والأدباء المقدسيّين يعرضون إبداعاتهم على عدد من روّاد النّدوة؛ ليعطوا ملاحظاتهم عليها قبل نشرها، ويعدّلون ويصحّحون ابداعاتهم بناء على ذلك،

دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس:

في العام 2010م أسّس الكاتب سمير الجندي، وهو أحد روّاد الندوة دارا للنّشر أسماها “دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، وكانت روايتي “ظلام النّهار” باكورة إصداراتها. وصدر عنها لاحقا مئات الكتب.

والنّدوة تعنى بمواهب الشّباب الإبداعيّة، فتأخذ بأيديهم وتوجّههم، وتستمع لهم من أجل صقل مواهبهم وتنمية إبداعاتهم. ونظرا لاستمراريّة النّدوة ومواظبتها وجدّيّتها، فقد أصبحت قراءاتها وإصداراتها المنشورة في العديد من الصّحف والمواقع الإلكترونيّة المتخصصّة، مرجعا للطّلبة والدّارسين في الكثير من الجامعات المحليّة والعربيّة.

دواة على السّور:

انبثق عن النّدوة نشاط ثقافيّ شبابيّ شهريّ هو: دواة على السور، أسّسته عام 2011م الشّابّتان المبدعتان نسب أديب حسين ومروة السيوري، وتعقد نشاطاتها شهريّا في أماكن مختلفة في القدس وغيرها من الأراضي الفلسطينيّة، حيث يجري تجميع المواهب الشّابة في مختلف مجالات الابداع، والاستماع إليهم وتوجيههم، والأخذ بأيديهم.

تاريخ:

من ذكرياتي عن ندوة اليوم السّابع حرص الشّاعرة الكبيرة الرّاحلة فدوى طوقان على حضور النّدوة بشكل شبه مستمرّ، كانت تأتي غالبا بصحبة الشّاعر المرحوم عبد القادر العزّة، الذي كان يستضيفها في بيته في بير نبالا شمال القدس، وقد حدّثتنا عن لقائها بزعيم الأمّة الرّاحل جمال عبد النّاصر، وكيف قال لها بأنّه عرض عليه الانسحاب من سيناء مقابل إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، فأجاب:

أوجاع الشّعب الفلسطينيّ في الأراضي المحتلّة أكثر أهمّيّة عندي من رمال سيناء.

كما عزفت لنا ذات أمسية على العود بعد الحاح منّا عليها، عندما علمنا منها أنّها تجيد العزف على العود، لكنّها –كما قالت- لم تمسك العود بيديها بعد حرب حزيران 1967م، ووقوع ما تبقّى من فلسطين تحت الاحتلال.

وفي النّدوة تشجّعت بعض الأقلام على نشر نتاجها الأدبيّ، بعد أن شاركوا في النّدوة، واستمعوا إلى نصائح بعض روّادها، ومن هؤلاء المرحوم الشّاعر عبد القادر العزّة، نسب أديب حسين، الكاتب سمير الجندي صاحب دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، مروة السّيوري، الشّاعر بكر زواهرة، الرّوائي عيسى القواسمي، الرّوائي عبدالله دعيس، الشّاعر رفعت زيتون، الرّوائي مهنّد الصبّاح، الشّاعر نعيم عليّان، الشّاعر د. عزالدين أبو ميزر، رائدة أبو الصويّ، وغيرهم.

وخصّصت النّدوة العام 2005م جلساتها لأدب الأطفال، وركّزت في نقاشاتها على أدب الأطفال الإسكندنافي المترجم إلى اللغة العربيّة، والصّادر عن دار المنى في ستوكهولم، والذي وزّعته مؤسّسة دياكونيّا السويدية في الأراضي الفلسطينية والدّول العربيّة، وصدرت النّقاشات في كتاب تسجيليّ “في أدب الأطفال” وتمّت ترجمته إلى اللغة السويديّة.

وفي صيف العام 2011م زارت السّيّدة منى زريقات هيننج،  وكاتب أدب الأطفال السّويديّ أولف ستارك النّدوة، واجتمعا مع عدد من أعضاء النّدوة، حيث شرحوا لهم عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، خصوصا جدار التّوسّع الاسرائيلي، وما يسبّبه من معاناة للشّعب الفلسطينيّ، وعن تاريخ ندوة اليوم السّابع، وقد أشاد السّيّد ستارك بالنّدوة ووصفها بأنّها النّدوة الأسبوعيّة الممؤسسة والمستمرة في العالم جميعه، وعندما عاد إلى بلاده كتب بناء على تلك الزّيارة قصّة الأطفال”الصّبيّ والصّبيّة والجدار” والتي صدرت في نفس العام  باللغتين العربية والسويديّة مزيّنة برسومات أنّا هيجلند عن دار المنى في ستوكهولم.

وممّا يجدر ذكره هنا أنّه صدر عن النّدوة حتّى الآن ثلاثة وعشرون كتابا توثيقيّا لجلساتها.

رابطة الكّتاب الفلسطينيّين

كانت نتائج حرب حزيران 1967م العدوانيّة كارثيّة على فلسطين الوطن والشّعب، وتعدّت عواقبها الوخيمة حدود فلسطين إلى دول الجوار والمنطقة برمّتها.

وبسبب هذه الحرب نزح العديد من الكتّاب والمثقّفين الفلسطينيّين أمثال: ماجد أبو شرار، معين بسيسو، عبد الرّحيم عمر، عزّالدّين المناصرة، يحيى يخلف، رشاد أبو شاور، خالد أبو خالد، يوسف الخطيب، ليلى الأطرش، مفيد نحلة، فخري قعوار، حكم بلعاوي، ليانة بدر، وغيرهم ممّن قادوا الحراك الثّقافيّ بين النّكبة والنّكسة فيما بات يعرف بالضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وفي حزيران 1969م جرى إبعاد الأديب خليل السّواحري، وعام 1975م جرى إبعاد الأديب محمود شقير، ولم يعد في الأراضي المحتلّة من كتّاب وأدباء جماعة “الأفق الجديد” سوى صبحي الشّحروري، فدوى طوقان، محمّد البطراوي وجمال بنّورة. كما لم تعد هناك صحف يوميّة أو مجلات، ممّا حدا بالبعض مثل محمود شقير إلى الكتابة في الصّحف العربيّة التي تصدر في الدّاخل وهي صحافة الحزب الشّيوعي الاسرائيلي “الاتّحاد، الجديد والغد”.

وهذا الفراغ كانت له تأثيراته السّلبيّة على الحراك الثّقافيّ، تماما مثلما هو كذلك في مختلف مجالات الحياة.

غير أنّ الشّعب الفلسطينيّ سرعان ما استوعب المرحلة الجديدة، وبدأ يعدّ نفسه لمواجهتها، وهذه المواجهة اتّخذت أشكالا عديدة، منها التّنظيم الجماهيريّ والمؤسّسيّ، وبدأت بعض المؤسّسات النّقابيّة تستعيد عافيتها، فظهرت عدّة نقابات كانت موجودة أصلا قبل الاحتلال، مثل نقابات: عمّال البناء، عمّال الفنادق، عمّال الطراشة والدّهان، سائقي الباصات، وغيرها. وساعدها في ذلك أن تبنّت النّضال الجماهيري بعض الأحزاب والتّنظيمات، مثل الحزب الشّيوعيّ الذي تحوّل لاحقا إلى حزب الشّعب، والجبهة الديموقراطيّة لتحرير فلسطين.

التّنظيم النّقابي للكتّاب في الأراضي المحتلّة

ظهر أوّل تنظيم نقابيّ للكّتاب الفلسطينيّين عام 1977م كتجمّع يحمل اسم “كتّاب البيادر” نسبة إلى مجلّة البيادر التي أسّسها ويرأس تحريرها الصّحفيّ المقدسي جاك خزمو، ” ومن هؤلاء الكتّاب: فوزي البكري، أسعد الأسعد، عادل سمارة، عادل الأسطة، جميل السلحوت، خليل توما، محمد أيوب، عبدالله تايه، جمال بنورة، سامي الكيلاني، إبراهيم جوهر، ربحي الشويكي، عدنان الصباح، غسان عبدالله، إبراهيم العلم، يوسف حامد، مفيد دويكات، نبيل الجولاني وآخرون، وصدر عن هذا التّجمّع مجموعة قصصيّة مشتركة لعدد من الكتّاب.

وتوالت لقاءات الكتّاب ومشاوراتهم إلى أن اتّفقوا عام 1978م مع إدارة الملتقى الفكري العربي في القدس ومن رموزها المرحومان الدّكتور حيدر عبدالشّافي والمهندس ابراهيم الدّقاق،على تأسيس دائرة للكتّاب في الملتقى لتشكّل غطاء قانونيا يمارسون فيه نشاطاتهم الثّقافيّة، وقد تمّ الاتّفاق على ثلاثة أشخاص لإدارة هذه الدّائرة وهم: أسعد الأسعد، علي الخليلي وجمال بنّورة، ومن نشاطات تلك الفترة تأسيس دار للنّشر باسم “دار الرّوّاد” تعمل تحت مظلّة الملتقى الفكريّ، وأصدرت عدّة كتب عام 1982م منها “ساعات ما قبل الفجر” وهي مجموعة قصصيّة للأسير محمد عليّان، وكتاب “صور من الأدب الشّعبيّ الفلسطينيّ” لجميل السلحوت والدّكتور محمد شحادة، ومجموعة قصصيّة مشتركة لعدد من القاصّين. ولم تكن هذه الدّائرة كافية لتلبية طموحات الكتّاب، فبقي الحراك مستمرّا رغم معارضة حركة فتح التي لم تكن تؤمن بالعمل الجماهيري وقتئذ، واتّخذت الكفاح المسلّح شعارا وحيدا لها.

رابطة الكتّاب الفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة:

استمرّت النّقاشات بين الكتّاب بمبادرات منّي ومن الكاتب أسعد الأسعد، الذي كان يدعو الكتّاب لاجتماعات في مجلّة الكاتب التي كان يرأس تحريرها، حتّى تمخّضت في ربيع العام 1984 عن تأسيس رابطة للكتّاب تحمل اسم ” رابطة الكتّاب الفلسطينيّين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة”، وأن يكون مقرّه الرّئيس في القدس عاصمة الدّولة الفلسطينيّة العتيدة، مع امكانيّة فتح فروع له في بقيّة المدن، وأن تقتصر عضويّته على كتّاب الضّفّة الغربية وقطاع غزّة المحتلتين، وشارك في تأسيس الرّابطة عدد من الكتّاب منهم: أسعد الأسعد، جميل السّلحوت، ابراهيم جوهر، يوسف حامد، نبيل الجولاني، سامي الكيلاني، ربحي الشويكي، غسّان عبدالله، عدنان الصّبّاح، محمد أيّوب، عبدالحميد طقّش، صالح زقّوت، وعمر حمّش.

وتشكّلت هيئته الإداريّة الأولى من: أسعد الأسعد رئيسا، جميل السلحوت، ابراهيم جوهر، سامي الكيلاني، نبيل الجولاني، يوسف حامد، ربحي الشويكي، غسان عبدالله، وعمر حمش، وكان مقرّ الاتّحاد في مكتب مجلّة الكاتب في بيت حنينا، وتمّ استصدار ترخيص للاتّحاد كجمعيّة عثمانيّة باسم كلّ من أسعد الأسعد، ابراهيم جوهر ونبيل الجولاني.

في حين رفض المحسوبون على حركة فتح الانضمام للرّابطة، لعدم إيمان الحركة بالعمل الجماهيري في حينه.

في العام 1986م شكّل أنصار حركة فتح اتّحادا للكتّاب موازيا للاتّحاد القائم، وكان يقف على رأسه الشاعران المرحومان عبد اللطيف عقل، علي الخليلي وعدد آخر من الكتّاب منهم: المتوكل طه، الدكتور سمير شحادة، عبدالناصر صالح وعزّت الغزّاوي.

وجرت لقاءات عدّة من أجل توحيد الاتّحادين في جسم واحد، وبعد اندلاع انتفاضة الشّعب الفلسطينيّ في 9 كانون أوّل 1987م، اتّخذت اللقاءات جدّيّة أكثر من قبل، وللخروج من المأزق تمّ طرح أسماء كبيرة لرئاسة الاتّحاد مثل المرحومين الشّاعرة فدوى طوقان، والدّكتور اسحاق موسى الحسيني- رغم شيخوختهما-، وفي نيسان –ابريل- من العام 1988م، وبعد انطلاق الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى، جرى الاتّفاق على توحيد الاتّحاد في اجتماع في بيتي، وبمبادرة منّي حُسم الخلاف بالاتّفاق على إعطاء رئاسة الاتّحاد وأمانة الصّندوق لأنصار حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينيّة، وبناء عليه جرت انتخابات هيئة إداريّة مكوّنة من: المتوكّل طه رئيسا، أسعد الأسعد أمينا للسّرّ، وعضوية كلّ من: جميل السلحوت، عمر حمّش، محمد أبو ضاحي، سامي الكيلاني، إبراهيم جوهر، نبيل الجولاني، يوسف حامد، الدكتور سمير شحادة وعبد الناصر صالح. وتمّ اتّخاذ عيادة الدّكتور أنيس القاق في شارع صلاح الدين في القدس مقرّا للاتّحاد، ثمّ انتقل بعد حوالي عام إلى بيت حنينا.

وفي العام 1991م جرت انتخابات جديدة للهيئة الإدارية، فاز فيها كلّ من: المتوكل طه رئيسا، أسعد الأسعد، جميل السلحوت، ديمة جمعة السمان، عبدالناصر صالح، د. يونس عمرو، د. سمير شحادة، عمر حمش، عبدالحميد طقش، محمد أيوب، سامي الكيلانيوربحي الشويكي. وبعد قيام السّلطة الفلسطينيّة إثر اتّفاقات أوسلو التي جرى توقيعها في 13 سبتمبر 1993م، جرى دمج الكّتاب في اتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين الذي نقل مقرّة من دمشق إلى رام الله، واستمرّت المسيرة.

الأندية

شاركت مع نخبة من أبناء بلدتي عام 1976م في تأسيس نادي جبل المكبّر، ومنهم: المحاميان محمد موسى أسعد عويسات وحسين عبيدات، جميل السلحوت، فهد شقير، علي محمد علي عويسات”أبو سميح”، حسين محمد داود العلي عويسات، حسين محمد علي القنبر، موسى عطا عبده، ابراهيم موسى السلحوت، ابراهيم حسين السلحوت، محمد شحادة، ناصر محمد بشير، خليل ورّاد زعاترة، عارف محمد أبو اصبع، محمود تيّم هلسة، عيسى الحصيني، وآخرون، وكنت عضوا منتخبا في هيئته الإدارية عدّة دورات.

كما كنت عضوا في نادي الموظّفين المقدسيّ، وشغلت عام 1976م عضوا منتخبا في هيئته الإداريّة. كما كنت عضوا في نادي الخرّيجين العرب في القدس.

أدب الرّحلات:

أتيحت لي الفرصة لزيارة عدد من الدّول العربيّة والأجنبيّة، وبما أنّ الترّحال يحمل في ثناياه فوائد جمّة، ومنها الاطّلاع على ثقافات وحضارات البلدان والشّعوب التي يزورها المرء، فإنّني اغتنمت هذه الرّحلات لزيادة معرفتي، وقد كنت كثير الأسئلة؛ لأعرف أشياء كثيرة كنت أجهلها، كما كانت تلحّ عليّ ضرورة معرفة الفوارق بيننا وبين الشّعوب الأخرى، فانتبهت لجمال الطّبيعة، والعمران في المناطق التي شاهدتها عن قصد، أو تلك التي قادني إليها مضيفوي. كنت أختزن في ذاكرتي كلّ ما أشاهده، وكلّ ما أسمعه، وكتبت ذلك بداية في كتابي:

       كنت هناك، من أدب الرّحلات، منشورات وزارة الثّقافة، رام الله-فلسطين، تشرين أوّل-اكتوبر-2012م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى