هل تتكرر الإصابة بفيروس كورونا؟
أ.د. فيصل رضوان| أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية بالوكالة الامريكية للمحيطات والاجواء (نوا)- الأستاذ الزائر بجامعة سوهاج
يتفق معظم خبراء المناعة والاوبئة أنه من غير المحتمل على الإطلاق أن يصاب من تم شفائهم من عدوى الكورونا بالمرض مرة اخرى بعد فترة وجيزة. ربما معظم تقارير الإصابة مرة أخرى، هى حالات مرض مطولة لأشخاص لم يتم شفائهم تماما من المرض، حيث يأخذ الفيروس دورة بطيئة تتراوح بين أسابيع وربما يزداد نشاطه بعد شهور من تعرضهم للإصابة الأولي. والاقتراح الثانى هو أن التشخيص الاولى للإصابة بالفيروس لم يكن صحيح.
ورغم مرور سبعة أشهر من حدوث الوباء ، إلا أن الفيروس التالى الجديد لا زال يتصرف بشكل طبيعى، ويؤكد الآمال بأن مناعة القطيع يمكن تحقيقها باستخدام لقاح؛ ربما يكون متاحا خلال شهور قليلة. عادةً ما ينتج الأشخاص المصابون بالفيروس التاجي جزيئات مناعية تسمى الأجسام المضادة. وقد أفادت عدة فرق بحثية مؤخرًا أن مستويات هذه الأجسام المضادة تنخفض في شهرين إلى ثلاثة أشهر ، مما تسبب في بعض القلق عند البعض. ولكن من المعلوم أن إنخفاض الأجسام المضادة أمر طبيعي تمامًا بعد أن تنحسر العدوى الحادة.
ولحسن الحظ، فأن الأجسام المضادة ليست الشكل الأوحد للحماية ضد المرض، حيث يحفز الفيروس جبهة قتال آخرى من الخلايا المناعية التي يمكنها أن تقتل الفيروس، وتظل متأهبة لخوض معارك مستقبلية ضد نفس الهدف. ولا زال هناك الكثير مجهول عن المدة التي تستمر فيها خلايا T المسماة بالذاكرة memory T cells- تلك التي تحتفظ ببصمات فريدة للأعداء من الفيروسات التاجية عموما— ربما تستمر مدى الحياة؛ والتى يمكنها أن تدعم الدفاعات المناعية ضد فيروس الكورونا المستجد.
يصنع معظم الأشخاص الذين يتعرضون للعدوى بالفيروس التاجي بشكل حاد، أجسامًا مضادة يمكنها تقضى على الفيروس نهائيا؛ وكلما كانت الأعراض شديدة، كانت الاستجابة أقوى. ولكن ربما قلة من الناس ممن أصيبوا بشكل خفيف لا ينتجون الأجسام المضادة بمستويات كبيرة، حيث أن الكتائب الاولى من خلايهم المناعية قد تمكنت من التعرف على الفيروس الدخيل وسحقه بشكل سريع.
عند الاصابة بالعدوى فإنه يتم تنشيط خلايا مناعية تسمى خلايا البلازما plasmoplasts حيث تفرز الأجسام المضادة وتزداد أعدادها بشكل هائل. وبمجرد أن تتلاشى العدوى، لا يستطيع الجسم الحفاظ بتلك المستويات من الخلايا لمدة طويلة. حيث يدخل جزء صغير منها إلى النخاع العظمي ويؤسس معملا صغيرًا لإنشاء ذاكرة مناعة طويلة المدى ، تستطيع أن تنتج أجسامًا مضادة عند الحاجة إليها مرة أخرى. أما بقية هذه الخلايا فتموت بشكل تلقائى.
وفى النهاية يجب أن نشير الى عامل أساسى كان سببا فى نجاح فيروس كورونا الجديد فى إجتياح العالم شرقا وغربا، وهو سهولة انتشاره بين الناس بسبب طول فترة حضانته بالجسم دون أعراض ظاهرة، أو بأعراض خفيفة فى احيان كثيرة. لذا فإن القضاء عليه يستوجب علينا جميعا تثبيط انتشاره والوقاية منه، والالتزام التام بالتباعد وارتداء الكمامات حتى يختفى تدريجيا.