ذاكرة رسالة

منال رضوان | أديبة وإعلامية مصرية


ماذا سيكون شعورك إذا ما عادت الخطابات الورقية مرة أخرى ؟
استوقفني ذلك السؤال على إحدى صفحات فيسبوك ليحرك شهيتي نحو البوح.
– وقتها كنت سأكتب من دون توقف، أكتب حتى النهاية، ستحلق حروفي مع العصافير، أزركش أطراف دفتر رسائلي بورد ملون وفراشات صغيرة، سأرسم علامات اللانهاية للحب والسعادة وحكايات سُعّدَه، وأخفي مراسلاتي عن عيني هانم التي لا تجيد القراءة لكنها تتقن جَدل ضفائر الصغيرات وتهذيب أحلامهن.
سأفرح وألهو وأكتب رسائلي عن القصص الجديدة والأحلام المنتظرة ولن أخجل من الاعتراف بجهلي بمذاق القهوة. كقطعة سكر مدلكة بزيت النعناع ستكون مكافأتي لنفسي عن كتابة الخطاب الأول من دون ندبات حمراء لقلم جاف يصوبني فوق السطور، سأكتب خطاباتي وأدخر الأموال التي أنفقتها في شراء مرطب الشفاه الأحمر لمحاكاة معلمتي الجميلة.
سأشتري طوابع بريدية لمختلف البلدان وأفتش عن هواة المراسلة وأدفع بعض الأموال الإضافية لشراء طوابع تذكارية لحفظ الماضي على صفحات ذاكرة منسقة ومختارة بعناية
آهٍ.. لو عادت الخطابات؛ عندها لن أتذمر من كثرة الواجبات المدرسية وأعتبرها بمثابة التدريب العملي على صياغة الحرف المنمق شديد الإبهار، سأكتب عن الحلم الأصدق والحب الأول والطقس الأخير وأنقش الحروف التي توثقني وتظل بعدي فوق السطور، كطائر صغير يلتقط حبات من القمح يضعها في مكمنه ولا يكترث متى يكون موسم الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى