سوالف حريم.. فرخ الحمام

حلوة زحايكة | فلسطين

أغاظني وأغضبني ذلك الغراب الذي سطا على بيضة من بيضتي الحمامة البرية التي اختارت أن تبني عشها المتواضع في مزهريّة معلقة في سقف شرفة بيتي. لكن هذه سنّة الحياة وتكامل الطبيعة، قمت باستضافة الحمامة كما يليق بها، فوضعت لها وعاء ماء في المزهرية، ووعاء آخر فيه قمح لتشرب وتأكل وتحضن بيضتها المتبقيّة، وكنت أحيانا أنثر لها القمح على أرضية الشرفة، لتلتقطه وأنا أراقبها بسعادة. وفقست البيضة وجاء الفرخ الذي صار ينمو يوما بعد يوم، راقبته ساعة ساعة ويدي على قلبي خوفا من ذلك الغراب، ولحسن حظ الفرخ وأمّه فقد كان الغراب يحوم في الوقت الذي أكون فيه الشرفة، فيحلق ويقترب إلى أن ييأس ويغادر.

ولما اكتسى الفرخ ريشا كنت أنقله إلى داخل البيت، أطعمه القمح وفتافيت الخبز حتى يملأ حوصلته، أداعبه وأعيده لعشّه؛ كي ينتظر عودة أمّه التي يبدو أنّها صارت على يقين بأنّني لا أؤذي صغيرها، فصارت بيننا ألفة. يوم أمس طار الفرخ خلف أمّه التي لاحظت أنّ جناحيه ليسا قادرين على حمله لمسافات طويلة، فطارت أمامه حتّى عاد إلى عشّه.

صباح هذا اليوم طار خلف أمّه بهمّة ونشاط، راقبتهما حتّى غابا عن عينيّ، فتمنّيت لهما السّلامة. وعند ساعات الظهيرة وبينما أنا واقفة على الشّرفة عاد إلى المزهرية، وقف على حافتها وكأنّه يراقبني أو يشكرني على رعايته، لكنّه ما لبث أن قفز وحطّ بجانبي. فقدمت له واجب الضيافة، فالتقط حبّات القمح من يدي بسعاة ملأت قلبي حبّا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى