قصة قصيرة: قذيفة مسرعة

عمران الحمادي |  اليمن

حزم حقائبه متجهاً صوب صنعاء بعد قصف كوخه الذي بالكاد يقف في مكانه…. اللعنة من أين جاءت هذه القذيفة… رائحة البارود ما تزال عابقة في أنفه.. أنزل شهادته الثانوية المعلقة على جدار مطلي بالتراب المحروق… تحسسها بأصابعه الخشنة، آلمته كثيراً عندما دغدغت ذكريات مريرة عاشها في ذلك الوقت الذي منعه أبويه من إكمال تعليمه الجامعي لظروف العائلة الإقتصادية المتردية… أقفل عليها بقفل أسود!

توقف للحظات يتأمل كيف احترق ذلك الكوخ الذي عاش فيه لأكثر من ثلاث سنوات يرثي فيها فاجعة موت أبويه بغارة من الطيران على مزرعة الشيخ “مُكري” وهما يعملان بالأجر اليومي تحت تسلط وجبروت الشيخ.. الذي توفي إثر جلطة دماغية حين شاهد مزرعته وقد أصبحت قطعاً من “الفحم” المتراكم فوق بعضه.

يا إلهي إلى أين أذهب!

الظلام حالك، الدخان يملىء المكان، ألسنة النيران تتصاعد، وعلى إثرها ولّى متجهاً صوب “فرزة ” صنعاء ووصل بعد أكثر من ست ساعات من السير مشياً على أقدام ماعادت أقدام!

انتظر أول سيارة يسافر بها وسط صباح مليء بالدخان، وضع يديه على القفل الأسود، متحسراً على سنوات مضت من عمره دون فائدة.

لم يكن لوحده.. فقد تدافع العشرات إلى موقف السيارات حاملين ما تبقى معهم من ذكريات مريرة يعيشونها مع أوبئة وأمراض تحصد العشرات على مدار الأيام.

انتظروا لساعات.. آملين بسيارة تخلصهم من محنتهم ولكنّ القذيفة التي حصدتهم جميعاً كانت هي الأسرع في الوصول.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى