الكتابة خلق !

سهيلة بورزق | واشنطن

تجربة الوقوف على ملابسات الجنون داخل النّص الأدبي، تحتاج إلى قلق مزمن من قارىء يجيد استكشاف الإجابة الفردية؛ من خلال أسئلة طرحت بشكل ما مجازا؛ للوصول إلى حلول افتراضية. ورغم أنّني لا أجيز أن يفهم من كلامي أنّ الأدب يقدّم حلولا في حين هو يبحث في اللغة عن الأسباب فمثلا تكتب الرواية  لإسقاط معايير فكرية وفلسفية وفنية خاصة بكاتبها فقط.

نحن نقرأ الرّواية بأشكال مختلفة ونفهمها أيضا كذلك، بدليل أنّ النّقد المتعدّد لرواية واحدة من طرف أكثر من ناقد يختلف تناصّه بل و يبرز لنا الناقد الواحد جزئيات ضعف الرّواية التي يراها ناقد آخر استمرارية فنية يحتاجها النّص ليترسّب المعنى.

الجنون في الكتابة غير أخلاقي لدى البعض من الكتّاب في حدّ ذاتهم وبين أفراد مجتمع يقرؤون لتزداد تعاستهم.

سأوفّر عليكم الخوض في الكلام المبرر وغير المبرر وأسأل، هل نحن بحاجة إلى كاتب على مقياس كلّ قارىء؟ 

لماذا الكاتب مرفوض بجنونه حين يريد أن يتميّز أو حين يريد أن يشارك في خلق فلسفة أدبية جديدة لا تخضع إلى منطق معين؟

لا أنكر أنّ الخطاب الأدبي له خصوصيته تماشيا مع قلق الكاتب، لذلك أنا أقول إن الكاتب مجرّد حالة بشرية تحاول القفز على الطبيعة، ليكون الجنون غايتنا في النّص وهذا أهم شروط الاختلاف .

أنا أدعو إلى الكتابة بخلق؛ حتى لا نحرق اللغة في فكرة ضعيفة، إنّ صناعة الكتابة تشبه تخصيب اليورانيوم بشكل أخطر والكاتب حالة بشرية، لا يمكن إخضاعها للشروط. الكثير من الكتّاب يعتقدون أنّ الكتابة مجرّد فضفضة، غير أنها حتمية نفسية تتكون خارج سلطة كيانهم الجسدي، إنّهم يتعاملون مع الأنا الذي لا يعرفونه ورّبما لا يثقون به.

للكتابة مواصفات متعددة وفرط الجنون فيها إسقاط فلسفي يخص وعي الكاتب بذاته، لا يمكن الخروج من دائرة الذات لأنّها هي الفاعلة والفعّالة في النّص.

أريد أن أؤكد أيضا أنّ الكاتب ليس بحاجة إلى حماية من أحد، وليس بحاجة إلى قارىء يسأل أكثر مما يجيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى