لماذا سُمي (يعقوب) بـ (إسرائيل)؟
د. يوسف زيدان | الإسكندرية
حين نقول (إسرائيل) تنصرف الأذهان فورا إلى اسم البلد الذي يجاورنا، و يدعى أهله أنهم و لعرب أبناء عم ، غير أن مقصودى الآن، هو بيان أن الدولة المجاورة أخذت اسمها من أشهر أنبيائها، وهو النبى يعقوب ابن النبى إسحاق بن إبراهيم أبى الأنبياء، عليهم السلام جميعا.
وقد تحول اسم يعقوب إلى إسرائيل، فى قصة شيقة وردت بالتوراة التى نؤمن نحن المسلمين بأن اليهود حرفوها، و يتهمنا اليهود بالتخريف والتجديف في حقهم ؛ إذ انهم لم يزعموا أصلا أن التوراة كتاب سماوى، حتى يقوموا هم يتحريفه بعد نزوله.
في (كتب) التوراة ، سفر التكوين، الذي حكى لنا قصة إبرام (إبراهيم ابو الجمهور) حدثت عملية تغيير درامي لاسمٍ آخر.
فقد أنجب إبراهيم إسحاق من امرأته سارة (ساراي) بعدما كان قد أنجب قبله ابنه البكر إسماعيل، من الجارية المصرية هاجر.. وحرنت سارة على هاجر وابنها فطردهما إبراهيم إلى الصحراء .
تقول آيات الفصل الحادي والعشرين، من سفر التكوين: (ورأت سارة “ابن هاجر المصرية” الذي ولدته لإبراهيم يمزح فقالت لإبراهيم: اطرد هذه الجارية وابنها ، لأن ابن هذه الجارية لا يورث مع ابني إسحاق).
وانتهى الأمر بطرد هاجر وابنها إلى صحراء بئر سبع، وكبر إسماعيل وسكن في برية فاران، واتخذت له أمه زوجة من أرض مصر .
وعلى ذلك فالمفترض أن المصريين هم أخوال العرب؛ لأن اسماعيل الذي هو جد كل العرب. كانت أمه وزوجته من مصر .
أما إسحاق فقد تزوج فتاه جميلة، اسمها جميل: (رفقة)، فأنجبت له وهو في الستين من عمره، توءماً: عيسو ، يعقوب.
ثم حدثت مجاعة في الأرض، فنزل إسحاق بأسرته إل مملكة جزار الفلسطينية التي يحكمها (أبيملك).. تقول الآيات: (وسأله أهل المكان عن امرأته، فقال هي أختي! لأنه خاف أن يقول امرأتي حسنة المظهر. وحدث إذ طالت له الأيام هناك، أن ابيملك رأى إسحاق يلاعب [رفقة] امرأته. فدعا أبيملك إسحاق وقال: ماهذا الذي صنعت بنا؟ لولا قليل لضاجع أحد قومنا امرأتك، فجلبت علينا إثماً. وأمر ابيملك جميع القوم قائلاً : من مس هذا الرجل وامرأته، يقتل قتلاً . وزرع إسحاق في تلك الأرض ، فأصاب في تلك السنة مائة ضعف وباركه الرب).
وكان من المقرر أن يرث عيسو النبوة ؛ لأنه من نزل من بطن أمه قبل أخيه، وبالتالي صارت له مرتبة (البكورية) التي توليها اليهودية أهمية كبرى.
ولما شاخ إسحاق وكلت عيناه، طلب من ابنه عيسو أن يجهز له وجبة شهية، فيأكلها، ويباركه بعدها . أي يمنحه عهد النبوة !
فاحتال يعقوب على الأمر بمساعدة أمه (رفقة)، ودخل على أبيه بالطعام قبل أن يصل أخوه وقد غطى ذراعه بشعر ماعز ، حتى يبدو ملمسه مثل أخيه عيسو الذي كان شعر جسمه كثيفاً (عيسو في العبرية تعني: المغطى بالشعر) فانخدع إسحاق عليه السلام ، ووهب النبوة ليعقوب، وهو يظن أنه ابنه الآخر.
فلما جاء عيسو بالطعام لأبيه، انكشف الأمر ! تقول الآيات التورانية، مانصه: (فلما سمع عيسو كلام أبيه صرخ عالياً بمررارة؟ وقال له باركني أنا ايضاً يا أبي، فأجابه: جاء أخوك بمكر وتخذ بركتك .. وحقد عيسو على يعقوب بسبب البركة التي باركه بها أبوه).
وهكذا صار يعقوب نبيًا، ثم تغير اسمه في لحظة حاسمة إلي إسرائيل.. وما هذه اللحظة الحاسمة إلا أنه لقى الله في الصحراء، وكان الله (تعالى) في صورة رجل، فتصارع يعقوب والله طيلة الليل، فغلب يعقوب!
تقول الآيات التورانية: (ولما رأى الله أنه لا يقوى على يعقوب في هذه الصراع، ضرب حق وركه فانخلع، وقال ليعقوب: طلع الفجر فاتركني! فقال يعقوب: لا أتركك حتى تباركني! فقال الرجل [الذي هو الله]: لا يدعى اسمك يعقوب الآن. بل إسرائيل، لأنك غالبت الله والناس وغلبت .. وباركه هناك) .
و تعنى كلمة إسرائيل حرفيا، فى اللغة العبرية: الذى تصارع مع الله! أو: الذى غالب الله. . و هكذا تغيرت أسماء الأنبياء فى التوراة، بشكل درامى يرتبط بالحصول على النبوة و البركة.