اليهودية ديانة عرقية والمسيحية عالمية أقرّت الحرم أو الشلح

د. يوسف زيدان | الإسكندرية

لا يمكن فهم طبيعة كلمة (حرم) إلا بالنظر في طبيعة الديانات الثلاث التي نسميها سماوية، مع أن أى دين هو سماوى و مرتبط بالسماء بالضرورة.

كما لا يمكن فهم حدود الكلمة، إلا بالنظر إلى تاريخ مدينة الإسكندرية، التي صاغت الفكر الديني المسيحي، على نحو لا تكاد مدينة أخرى من المدن القديمة  (العظمى) تصل إليه.  . و فى ذلك نقول:

أما اليهودية فهى ديانة عرقية فى الأساس، و لا يجوز النظر إليها على اعتبار أنها رسالة سماوية، إلا مجازا.  فاليهودى هو من كانت أمه يهودية! وعلى ذلك فلابد لليهودي من أن يكون منتميا إلى واحدة من القبائل اليهودية الاثنتي عشرة، التي يرجع إليها نسب أى شخص يهودي.

و بالمناسبة، تجب الإشارة إلى أن اثنين من أكبر القبائل اليهودية:  (المؤابين و العمونيين)، هما نسل ابنتي (لوط) النبي، اللتين أسكرتاه في ليلتين متوالتين، فصاجعهما تباعا : الكبرى في الليلة الأولى، و فى الليلة التالية الصغرى ! فحملت الأولى: مؤاب، و حملت الابنة الثانية بالطفل: بن عمى؛ الذى صار فيما بعد، جد القبيلة الأخرى  (هم الذين يقولون ذلك في التوراة )

وبالطبع، فهناك مشكلة كبيرة تواجه مفهوم السلالات اليهودية، و تكذب أوهام النقاء العرقى.  أعني مشكلة وجود القبيلة الثالثة عشرة، الآسيوية، التي تهودت لما تهود حاكمها؛ و وجود يهود الفلاشا ذوي الأصول الزنجية والملامح الإفريقية الصريحة. 
وهم الذين نقلتهم دولة إسرائيل مؤخرا، من إثيوبيا بعد سقوط حكم النجاشي هيلاسلاسى، وأطلق أبناء عمومتنا من اليهود على عملية نقلهم إلى إسرائيل، اسما (توراتيا) هو: بساط سليمان.. وبالمناسبة، فإن  (سليمان) الذى هو عند المسلمين نبي من أنبياء الله، هو أصلا عند اليهود  (ملك) استهل فترة حكمه الملكي، بقتل أخيه المنافس معه على العرش، و قتل قائد جيوشه.
المهم، أن صيغة  (يهودي) هي صيغة عرقية تتعلق بالنسب و السلالة، و بالتالى فإن اليهودي قد يكون متدينا، أو يكون ملحدا، لكنه يظل رغم ذلك، و رغم أنفه: يهوديا.
وقد جاءت المسيحية أصلا، كحركة إصلاح لليهودية، وكان يسوع المسيح يهوديا، ولذلك اهتم اليهود ببيان نسب أمه مريم، حين حاكموه. 
وقد قال المسيح لتلاميذه: إلى طريق الأمم لا تمضوا.. والمقصود بالأمم هنا، غير اليهود اليهود.  والمقصود بعدم المضي إليهم، عدم الدعوة والتبشبر بينهم.
غير أن بطرس الرسول، دعا و بشر  (كرز) بين الأمم، فانتشرت المسيحية انتشارا واسعا، خاصة بعد مجيء مرقس الرسول إلى مدينة الإسكندرية التى بشر فيها و دعا للدين الجديد، ثم قتل  (استشهد) ودفن جثمانه بكنيسة بوكاليا بالإسكندرية، ثم سرق الإيطاليون (البنادقة) جثمانه، ونقلوه إلى البندقية  (فينيسيا) وبنوا فوقه كنيسة سان ماركو البديعة. وبعد قرون عاد جزء من الجثمان للإسكندرية . 
المهم، أن المسيحية صارت ديانة عالمية غير مقصورة على الانتماء العرقى، مثلما هو الحال في اليهودية.
و كان اليهود إذا خرج بينهم نبي يقول إنه  (المخلص) امتحنوه، ثم كذبوه، و أحالوا أمره إلى الرومان الذين كانوا يمثلون السلطة المدنية (العسكرية) الحاكمة، للتصرف معه باعتباره من الأدعياء. وكان هذا غاية أمرهم، و أقصى ما يمكن لهم أن يفعلوه!
وأما المسيحيون فقد سنوا سننا بعدما استقرت أمور ديانتهم، فكانوا إذا خرج أحدهم عن العقيدة التى تؤمن بها هذه الكنيسة أو تلك، يعقدون  (المجمع) الكنسي للنظر في أمره، فإن ثبت عندهم خروجه، عن الإيمان القويم، كان نصيبه الحرم أو الشلح..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى