د. يوسف زيدان: نقاط فوق الحروف
_ هناك “ثقافة عربية” قديمة ومعاصرة .. طبعًا.. ولكن ليس هناك، ولا كان أمس ولا سيكون غدًا، هذا الشيء الهلامي المزعوم الذي أسماه السفاحون الحاكمون لخداع البؤساء المحكومين : الوطن العربي.
_ فَزْعَةُ البعض عندما يسمعون بشيء يختلف عما تعطّن في أدمغتهم، دليلٌ على شعورهم العميق (المتواري) بالضعف والهوان .. ومن الأدلة الأخرى، البهجةُ البلهاءُ التي تُميل عقولهم وتُفرغ جيوبهم، عند مدح الآخرين لهم ولو بالكذب والزور.
_ التعامي، حيلةُ هروبٍ قد تنجح حينًا مع المهزومين غير الراغبين في الاعتراف بالحقائق، لكن إدمان التعامي عند التعامُل مع الواقع، بشكلٍ عام، يؤدي بأصحابه لا محالة إلى العمى التام .. ومن ثمَّ، إلى الزؤام.
_ انشغال الناس في بلادنا بأمور مثل (هل الكلب نجسٌ أم طاهر؟) بينما عالمهم يرتجُّ من حولهم، وتنهار الدول.. هو دليلٌ على العته العقلي العام، التام.
_ العربُ المعاصرون لن يفهموا مفردات واقعهم وملابساته والتباساته، إلا حين يعرفون تاريخهم الحقيقيّ غير المزيف سياسيًا وإعلاميًا.. وهذا مطلبٌ عسير، لكنه ليس مستحيلا.
_ الجهلُ أهونُ من معرفة أنصاف الحقائق.
_ دلّت تجاربُ الأمم عبر التاريخ، على أن الجماعات التي اهتمَّت بأمور دينها، وأهملت أمور دنياها .. خسرت الدنيا والدين.
_ الحكمةُ تحبُّ أن تستتر لأنها نادرةٌ، عزيزةٌ.. وكل ما يستعلنُ يُبتذل.
_ كلُّ ما زاد عندك عن حاجة يومك، فهو عبءٌ عليك..
_ لا يوجد شيء اسمه “خيانة المحبوب” فحيثما مال القلب لغير المحبوب، المزعوم، فهذا دليلٌ على أنه لم يعد محبوبًا.
_ مادام المعاصرون من العرب، المعصورون تحت مطحنة المآسي، يهتمُّون بالسفاحين والحكام المهووسين عبر التاريخ ويجعلون منهم أبطالًا موهومين، يموّهون بهم على الواقع المتدهور فكريًا وحضاريًا .. فسوف يظل المطحون حتى إشعار آخر مطحونًا، وسوف يبقي المعصور دومًا معصورًا.
_ كلُّ خروجٍ عن المألوف، تحيط به الأخطارُ.. والإبداعُ خروجٌ عن المألوف عند الناس، ولهذا تُحيط الأخطارُ دومًا والمبدعين.
_ منذ النصف الثاني من القرن العشرين، الحزين، إلى يوم الناس هذا. معظمُ القضايا العامة المطروحة على الساحة العربية، والمروَّج لها سياسيًا وإعلاميًا .. هراء.
_ الرسائلُ التي انتظرناها سنينًا، ولم تأتِ .. لن تأتي.
_ الحكامُ الذين تركوا خلفهم، عبر التاريخ القديم والمعاصر، ضحايا وحرائق وحسرات.. لا يستحقون التقدير إلا من مرضى النفوس، أو المهووسين.
_ السعيُ لعلاج عليلٍ لم يعرف ويعترف بأنه مريض، مضيعةٌ للوقت .. وكذلك الحال مع الجاهل المُعجب بنفسه.
_ لا تنتظر اهتمامًا من أحدٍ، أيًّا مَنْ كان .. فمن لم يهتم من قبل، قط، لن يهتم من بعد أبدًا.
_ كيف يمكن أن يكون هناك شيءٌ يُسمى “المعلوم من الدين بالضرورة”.. فإذا كان المقصود بالدين هنا (الإسلام) فقد اختلف علماء أصول الدين (المتكلّمون، علماء العقيدة) في تعريف “التوحيد” الذي هو جوهر الدين. وإذا كان المقصود المسيحية، فقد اختلفت الكنائس الكبرى وتصارعت حول طبيعة السيد المسيح، الذي هو المبدأ الأول للديانة . وإذا كان المقصود اليهودية، فقد تنازع في أصل الديانة التوراتيون والسامريون والأسينيون.. فأين، في أيِّ دين، معلوم بالضرورة ! ناهيك عن أن “الضرورة” مفهوم فيزيائي، لا ينطبق إلا على عالم الطبيعيات.
_ منذ ألف سنة، لم تتطوّر العقلية العربية ولم تتغير ملامح الواقع العربي الإسلامي، وكأن الكون ساكن ! وكل شيءٍ كامن فينا: الصراع المرير بين أهل السنة والشيعة، الاستبداد، استبعاد العلماء وتقريب الحقراء، كراهية اليهود واضطهاد المسيحيين، الميل العام للانفلات، التدين المظهري، عبادة الحكام، الافتتان بالنساء والتضييق عليهن. فماذا دهاكم يا قوم. ألفُ سنة مرَّت عليكم وأنتم مثلما كنتم دومًا : غرقى في العين الحمئة، وقانعون بالغَرَق !
_ درجة التخلف الحضاري في أيِّ بلدٍ، ترتبط بالضرورة بدرجة التعصب السائد بين أهله.. خصوصًا التعصب العرقي والعقائدي.
_ يتميّز كلُّ شيءٍ ويتحدَّد بضدَّه، إلا الإنسانُ، لأنه يجمع بين الأضداد جميعها.. فهو قاهرٌ حينًا، وأحيانًا مقهور .. عبدٌ معبود، وربٌّ مربوب .. لحظةً يُحبُّ، ولحظاتٍ يكون حيوانًا تحرِّكه الغرائزُ .