الآمال المصرية من التعليم اليابانى

أ.د. فيصل رضوان

أستاذ التكنولوجيا الحيوية وعلوم البحار بالوكالة الأمريكية لعلوم المحيطات والأجواء (نوا).

هناك روح قوية لتوطيد أواصر التعاون المصرى اليابانى فى مجال التعليم بمراحله المختلفة، بدأت تظهر على الأفق وبشكل واضح. جاء ذلك مع إهتمام غير مسبوق للدولة المصرية بالاستفادة العملية وإدخال الثقافة اليابانية فى مجال التعليم، والتى تقدس قيمة الوقت والتفاني فى العمل، وفي ضوء التركيز الواضح فى نظام التعليم الياباني على تكوين جوانب الشخصية، بما فيها القيم الأخلاقية والعمل الجماعي.

تمكنت مصر خلال الأربع سنوات السابقة من جذب إستثمارات تعليم برأس مال يابانى يقدر ب 9.1 مليار جنيه شملت خطة بناء 100 مدرسة للتعليم قبل الجامعى على النظام اليابانى موزعة فى ربوع مصر، بدأ أكثر من 40 مدرسة منها فى قبول الطلاب. وكان نصيب التعليم الجامعى هو إستكمال البنية التحتية لأول مجمع يابانى شامل للتعليم العالى والبحث العلمى بمصر، والذى بدأ بنواة الجامعة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا بالقاهرة.

الى جانب الربط التعليمى وتقوية الشراكة المصرية اليابانية، لعل الهدف الاستراتيجى الأكبر هو خدمة التنمية البشرية في مصر والمنطقة العربية وإفريقيا، خصوصا فى النواحى المهارية ومنهجية حل المشاكل، والتطبيق العملى المعتمد على البحث والإبتكار.

ولا عجب من ذلك، حيث أن نظام التعليم الياباني معروف في جميع أنحاء العالم بأنه أحد أفضل الأنظمة. حيث أنه إلى جانب المناهج الحديثة والمتطورة ، تسعى المؤسسات التعليمية اليابانية أيضًا إلى أولوية هامة للغاية، وهى تعليم مادة الأخلاق للشباب في محاولة لتربية البشر سلوكيا بشكل منهجى.

النظام التعليمى باليابان

على الرغم أنه ليس كل شئ مثاليًا ، فإن اليابان تفتخر بنظام تعليمي قوي حيث تدور هذا النظام بشكل ضيق وصارم للغاية حول المدرسة والاختبارات. المنافسة بين الطلاب لدخول المدارس الثانوية والجامعات عالية جدًا لدرجة أن الأطفال يقضون أحيانًا معظم وقتهم في الدراسة من أجل الوصول إلى المسار الصحيح للمدرسة المناسبة. في بعض الأحيان ينهار الطلاب نفسيًا ويتوقفون عن الدراسة. وحتى أن البعض منهم ينسحبون من المجتمع ، وهم مرهقون عقليًا للغاية لمواجهة عقبات الحياة والتعليم. وتتم الآن محاولات كثيرة في طريقها لإعادة تشكيل نظام مدرسي يخفف من الضغط على الطلاب.

الحياة المدرسية فى اليابان

الحياة المدرسية فى اليابان مكتظة. يحضر الطلاب الفصول الدراسية من الإثنين إلى الجمعة ، مع نصف يوم إضافي يقتطع من يوم السبت بكل إسبوعين. علاوة على ذلك ، يلتحق العديد من الطلاب (وربما بشكل غير إرادي) حضور فصول ما بعد المدرسة من أجل الدراسة لامتحانات القبول بالثانوى العام، أو الحصول على حصص تقوية فى اللغة الإنجليزية.

لا يوجد عمال نظافة في المدارس اليابانية. حيث يكون الطلاب فرق للتعامل مع جميع أنواع الصيانة والحفاظ على نظافة مدرستهم. البعض يمسح الأرضيات، والبعض الآخر يمسح السبورات ، والبعض الآخر يعتنى بالمراحيض، والبعض الآخر يزيل الأعشاب الضارة وينظف الحدائق. يعتبر ذلك نشاط رائع لبناء الفريق ، وتحمل المسؤلية وحب المكان ورعايته.

تهتم دور التعليم باليابان بإقامة المهرجانات الرياضية والثقافية والمعارض والمسرحيات واحتفالات الأغاني الوطنية. مما يقوى روح المنافسة وتطور الشخصية اليابانية. وعادةً ما تتم جميع أوقات التدريب المبكر لهذه المهرجانات فى الوقت المخصص للطلاب بعد المدرسة ، فى جدول زمني مزدحم بالانشطة.

الإمتحانات بالمدارس اليابانية

الإختبار شئ مهم جدًا- خاصة إختبارات القبول- وهو عالم خاص ودقيق في اليابان. يجب على الطلاب الذين يرغبون في الإنتقال إلى المدارس الإعدادية أو الثانوية أو الجامعات إجتياز إختبارات القبول الشاقة. وهذه الإختبارات مرهقة للغاية ، في الواقع ، يُطلق عليها اليابانيون اسم جحيم الإمتحان (شيكن جيجوكو ، 試 験 地獄). تستغرق هذه الإختبارات عددًا لا حصر له من ليالي الأرق للدراسة ، حيث يجلس الطلاب غالبًا في مدارس مزدحمة، بعد اليوم الدراسى، من أجل محاولة الحصول على فرصة مؤهلة. العديد من الطلاب تبدأ التحضير خلال السنة الثانية من الإعدادية ، مما يعني حوالي عامين من الدراسة لمجرد الالتحاق بالمدرسة الثانوية التي سعوا إليها.

الجامعة بنفس الصعوبة. وغالبًا ما تكون متطلبات الإختيار صعبة للغاية لدرجة أن حوالي 56 ٪ فقط من الطلاب يجتازون المحاولة الأولى. أولئك الذين يفشلون فى المرحلة الاولى للقبول، يجب أن يدرسوا لمدة عام كامل بمفردهم من أجل محاولة إختبار العام المقبل.

ولعله بعد دخول الشراكات الأجنبية إلى اليابان، وإحضار ثقافات العمل الخاصة بها ، فإن المعيار الصارم للنتائج قد يتحول ببطئ. ففى الثقافة الغربية ، على سبيل المثال ، ينظر سوق العمل إلى المهارات والخبرة والشخصية على رأس المدارس الجيدة.

ويظل الإختلاف الرئيسي المثير للإهتمام بين المدارس اليابانية مقارنة بالعالم، هو التركيز الشديد على تعليم الأخلاق وخصوصا فى المراحل الاُولى من التعليم. ويتم بالطبع تدريس المواد القياسية مثل الرياضيات والعلوم والموسيقى والتربية البدنية ، لكن “الأخلاق” مادة منفصلة كاملة مع الكتاب المدرسي الخاص بها. هذه الحصة ليس فقط لتحديد ما يجب على الطلاب فعله أخلاقيًا، بل هو وقت للمناقشة حول المعضلات الأخلاقية عمومًا ؛ وكيف سيكون رد فعل الطلاب على موقف معين. ربما ليست هناك إجابات خاطئة أو صحيحة مطلقًا ، بل هو وقت طيب للحديث عن المناطق السوداء والبيضاء والرمادية – تمامًا مثل الحياة الواقعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى