أنا الحقيقة وأنت الظلال

نداء يونس| فلسطين


لم يكن من الحكمة أن نعيد الطلب
ولا أن نترك في الغيب ذاك الجواب
أيها الحب الذي قد عرفته
قبل أن أخطو في الجرح،
وأوغل،
قبل أن ينشق الليل عن مخلب للغياب.
لم أقرأ العناوين جيدا على باب البلد
لم أدقق كثيرا بالرسائل التي من عتب
أيها الحب الذي قد عرفته
قبل أن أغلق نافذة
وأوغل،
أو أظل أحاول الأبد.
يابس هذا الوقت
ممتليء بالردم والأحجار
كثير كالأصداف
شفاف
مائل ومسحور ومحاط بالآيات
مسور بالرقى والحكايات
نسميه الانتظار اعتباطا
لأنه كل شيء:
الأحجار، الطريق، الأشجار، مقاعد الحديقة،
كرة الولد، ضفيرة البنت،
نار المواقد المعدة للشواء
القرابين في الحكايا
حمالوا البضائع في الموانئ
المرافيء
السرير، الستائر، السر
والجسد المطفي كالسجائر
في الفراغ.
لست وحدي تماما
ولست معك.
أدخل إلى قبعة الساحر
أقول أحيانا أنني سأتحول إلى طائر
لكنني استعصيت على السحر
ثم أقول – ورغم أنني لم أعد أكترث،
أن التجارب تعلمنا كم مرة يمكننا الفشل.
أيها الحب الذي لم يقفز معي
الذي لم يرغب أن يتحول إلى طائر
الذي لم أقفز فيه لأنه ليس قبعة
الذي لم يعدني بشيء،
يمكننا أن نلتقي في أكثر الأمكنة غرابة
ونلتقط “سيلفي”
ثم نتلقى الإعجابات بفرح مصطنع
ونقتسمها مناصفة
كأنها ميراث .. أو لنقل إنها كذلك
ما دمنا لا نجد شيئا آخر نقتسمه،
ما دمت أدعي أنني حقيقة
وأنك الظلال.
أرْتَفِعُ بالحب عن الحب.
أعلق جسدي
وأنتظر أن يجف
السماء لا تتوقف
ولا يمشي الانتظار.
لا تعرف الساحرات كيف يعدن الرجفة الأولى
ولا الدهشة
ولا أنا،
يتركن في جذوع الأشجار التعاويذ
يبدأن حين ينتهي الحب
أو حين يوشك أن يبدأ
مع فرق في النوايا.
لا فرق،
لا حاجة للامتلاء،
أظل طازجة كما لو أنني قتلت نفسي للتو
كما لو أنني تمكنت من إخفاء الأمر
كأنني مسحت لوح الحب
الذي لم يكن أكثر من ليل يدخل الحياة من باب مدرسة
ينظر إلى التلاميذ الذين يكتب عليهم الوقت
بأثر غير قابل للمحو
ما فسد.
لم يكن في الأمر حكمة أبدا
هكذا تبدأ الحكايا
هكذا تنتهي
عاصفة
ثم
تخمد.
للحكمة منطق أحصنة العربات
التي تتعلم السير باتساق
في ذات الوقت
بسرعة
بجدية مطلقة
لكنها لا تجر في المحصلة
سوى عربة واحدة.
كم يمكن أن نعيش هذه الحياة الافتراضية
قبل أن تنقطع الكهرباء.
الحقيقة كلب لا ينبح
لكن عواءه يصيبني بالصداع.
أول الأشياء آخرها
لغتي انتهاء.
لو كان للحفر أسماء،
لو كان لها ذاكرة،
كنا نناديها
كانت تقفز فينا
كنا نسميها أسماء الخيبات والطرقات والأمكنة
التي لا نستطيع أن نشتمها.
لو كانت اللغة تابوهات فقط
هل كان سيُغفر لي أنني أردد هذه الكلمة:
الحب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى