أمّ كلثوم تغرّد في بغداد مرتين

محمود محمد سهيل الجبوري ــ العراق ــ بابل

الأهتمام بالفنّ والفنّانين كان سمة بارزة في بلد يعشق الفنّ واهله وهو العراق وعاصمته الساحرة بغداد جوهرة الزمان، عرى المحبّة والأخوة بين الشعبين العربيين المصري والعراقي قويّة و قديمة وتمخّضت عن زيارة للفنّانة المصرية الكبيرة أمّ كلثوم (1898 ــ 1975) الى العراق مرّتين ،الأولى 1932، والثانية 1946، فبدعوة من صاحب مقهى الهلال ببغداد (عبد الجبّار سبع) لأحياء اثني عشر حفلة ، وصلت امّ كلثوم الى بغداد بعد ظهر يوم الخميس 17/11/1932 بطائرة هبطت في مطار بغداد المدني في الوشّاش (المثنّى حاليا)، المحامي (جلال سامي افندي) قدّم لها مستقبليها ، كان معها جوق موسيقي من ثمانية فنّانين بضمنهم (محمد القصبجي)و(ابراهيم العريان) و(سعد جرجيس) وكان معها اخوها (خالد) ، سكنت في شارع طه في الأعظمية ، في ليلة افتتاح الحفل القى الشاعر العراقي (جميل صدقي الزّهاوي) قصيدة قال فيها :ـ حملت ما يعجز الفتيان محمله وما ابن عشرين فهو لأبن سبعينا
شاعر عراقي آخر هو (معروف عبد الغني الرصافي) القى قصيدة في فندق الهلال قال فيها:ــ
اسمعي لي قبل الرحيل كلاما

و دعيني اموت فيك غراما
هاك صبري خذيه تذكرةل ي

وامنحي جسمي الضنى والسقاما 

تكريما لقدوم امّ كلثوم الى بغداد ادباء بغداد اقاموا حفلة لها في فندق الهلال يوم 3/12/1932 ، وفد من الصحفيين العراقيين زارها في اليوم الثالث وهم (عبد الغفور البدري) و(ابراهيم حلمي) و(عبد الجبار سبع) و(عبد الجليل الراوي) و(روفائيل بطّي)، امّا حفلة الصحفيين لها فكانت يوم 11/12/1932 في القصر الذي اقامت فيه ،كذلك القنصلية المصرية اقامت لها حفلة من قبل القنصل (محمد سعيد بك)، اثناء اقامتها ببغداد زارت مدينة سلمان باك برفقة القنصل ، الشاعر ملّا عبود الكرخي
(1861ــ 1946) كتب قصيدة عن زيارة ام كلثوم فقال فيها : ـ
هله بأم كلثوم ابشري
كلما تردين يجري
ياهله بست الغواني
الكاملة و حلوة معاني
يعجز بمدحج لساني
و كذلك اهل قطري
الزيارة الثانية للفنانة امّ كلثوم للعراق كانت بتاريخ 2/5/1946 بمناسبة عيد ميلاد جلالة الملك فيصل الثاني ملك العراق ، وصلت الخميس عندما هبطت الطائرة في مطار الحبّانية ، نقلت بسيارة ملكية الى القصر الملكي ، ثمّ ذهبت الى فندق ريجينت ، مساءا اقيمت لها حفلة في قصر الرحاب وكانت الحفلة مذاعة في ارجاء العراق ،الوصلة الأولى كانت (يا ليلة العيد) ثمّ (سلو كؤوس الطلا) لأحمد شوقي و (غنّيلي شوي شوي) و(كلّ الأحبة ثنين ثنين) و ختمتها بقولها ( يادجلة ميّتك عنبر و زرعك عالعراق يعيش فيصل و يتهنّى و نحي له ليال العيد) ، استمرّت الحفلة الى الساعة الثالثة صباحا ، الشاعرة العراقية (نادية الشبيبي) كانت حاضرة في الحفلة و قالت :ـ
يا ربّة الفنّ في دنيا الترانيم

ويا حديث الملأ يا امّ كلثوم
غنّي الخلائق فالآذان صاغية

وخفّفي همّ محزون و مهموم
غنّي لنسمع بنت الدوح صادحة

والدوح لولاك شوك جدّ مذموم
ورتّلي نغما تصبوا النفوس له

فالنفس يطربها عذب الأناغيم
حضر الحفلة رئيس وزراء العراق (ارشد العمري) والوصي (عبد الأله بن علي) و(نوري سعيد) ، في اليوم الثاني ذهبت ام كلثوم الى دار المفوضية المصرية ، وصي العراق (عبد الأله) قلّد ام كلثوم وسام الرافدين و عقد من الؤلؤ الفاخر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى