الجانب المشرق من الحياة

أ.د. محمد سعيد حسب النبي | أكاديمي مصري

لم تفارقه مشاعر القلق من دخول الامتحانات، إنها إرث اكتسبه عبر تجارب طويلة من خبرات مشابهة خلال رحلة تعليمه المعتادة؛ حيث تتنازعه أحاسيس متناقضة ما بين رغبة الأداء المميز في تلك الامتحانات وخشية الإخفاق فيها والتي تلوح أمام عينيه. رغم أنه يعلم علم اليقين أن المواد الدراسية ليس بذلك القدر من الصعوبة والتعقيد. وبالفعل خاض التجربة ولم يبلغ بأدائه ما كانت تصبو إليه نفسه وما تمنت نواله بسبب هذا القلق المتنامي من خبرة الامتحانات. وبعد جلسة مناقشة كان الهدف منها التغلب على مشاعر القلق الذي لا معنى له، وبتأمل واقعي لقدراته وإمكاناته دخل الامتحانات وكان الأداء فيها مختلفاً هذه المرة.

كثيرة هي الخبرات التي يخشاها الإنسان، وكثيرة هي المواقف التي تحتاج إلى استشعار القدرة والكفاءة ودعم الإحساس الداخلي بإمكانات الفرد وقابليته للتغلب على كل صعب. ومن الضروري في هذا السياق ألا نفكر بصيغ متناقضة على نحو أننا قادرون أو غير قادرين؛ وإنما ينبغي التفكير في أننا قادرون حقاً، والقضية التي ينبغي أن تشغلنا هي كمّ القدرة ومقدار الاستطاعة ودرجة تحقيق النجاح. وإني لأعلم بعض الناس من أصحاب القدرة الهائلة والاستحقاق الأوفر؛ ولكنهم فقدوا الثقة في أنفسهم فعجزوا عن تحقيق أية درجة من درجات النجاح. 

إن التفكير بطرق إيجابية في قدراتك ومقدراتك يجعلك تحس مشاعر حافزة طيبة. وحتى تلك المشاعر التي تتنامى إليك من نفسك وتصيبك بالإحباط أحياناً فتقعدك عن كل جهد؛ يمكنك أن تحولها إلى مشاعر إيجابية وذلك من خلال التفكير فيها بصورة مختلفة تدعم بلوغ المراد وتحققه.

ولاشك أننا نمر بلحظات نرى الأمور وكأنها تكاتفت ضدنا وتكدست في مواجهة رغباتنا، وهنا تظهر قدرات الإنسان الفطن الذي ينقب عن ثغرة في جدار الأحداث ليبصر منها طريقاً لاجتياز العقبة ومساراً يبلغ من خلاله غايته. إنه ينظر للأمور بطرق مختلفة، وإذا به يحقق الاستفادة من الأحداث نفسها التي تبدو معقدة وبطريقة إيجابية. إنها الدعوة التي نسمعها كثيراً بأن ننظر إلى الجانب المشرق في الأمور، ولكن هذا النوع من النصائح لا يكون فعالاً في بعض الأحيان؛ لأنه لا يغير مفاهيمنا، وقد يكون من المزعج أن نتلقى نصيحة بالنظر إلى الجانب المشرق بينما لا نستطيع رؤيته أو رؤية الموقف من الأساس.

لابد وأن نستفيد من زوايا التفكير  المختلفة، لجعل الجانب المشرق جانباً حقيقياً بالنسبة لنا، وذلك من خلال الطريقة التي ننظر بها إلى مواقف حياتنا وأحداثها، وبذلك يصبح هذا المنظور الجديد جزءاً تلقائياً ومعتاداً من تفكيرنا وقناعاتنا وسلوكنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى