مذبحة الوعّاظ

صبرى الموجى | رئيس التحرير التنفيذي لجريدة (عالم الثقافة)

 جاء قرارُ وزير الأوقاف المصرية – بضم جميع مساجد الجمهورية دعويا لوزارة الأوقاف كمرحلة أولى، وغلق الزوايا التى لم يُعين بها إمام راتب، بالإضافة إلى قصر الخطابة على خريجى الأزهر، والنزول بسقف المقبولين من الأزهر لممارسة الخطابة حتى الثانوية الأزهرية ـ صادما من عدة وجوه:

أولها أن استيلاء الأوقاف على ملكيات الغير من جمعيات أهلية ومؤسسات خيرية، كأنصار السنة، والجمعية الشرعية، سلوكٌ غير قانونى، إذ كيف يحق لجهة حتى ولو كانت وزارة أن تستولى على منشآت جمعيات أهلية تمتلك تراخيص إنشائها وحجج ملكيتها؟

والسبب الثانى لعوار ذلك القرار هو قلة عدد الأزهريين المؤهلين للخطابة مقارنة بعدد المساجد والزوايا فى شتى أنحاء الجمهورية، وبالتالى سيعانى كثيرٌ من الزوايا من عدم وجود خطيب للمنبر فى يوم الجمعة، مما سيؤدى إلى غلقها، ودخول مُتخذى القرار آنف الذكر تحت طائلة قول الحق سبحانه ( ومن أظلمُ ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم فى الدنيا خزىٌ ولهم فى الآخرة عذاب عظيم).

كما أن ثمة سببا آخر يؤكد خطأ ذلك القرار، وهو أن حرمان المنابر من الخطباء المتطوعين بلا أجر سيُرهق ميزانة الدولة بتوفير مقابل خطباء المكافأة، في وقتٍ تتحسس فيه الدولة خطاها نحو التنمية والرخاء.

والسبب الرابع الذى يؤكد عدم دراسة ذلك القرار، هو قصر الخطابة على الأزهريين وفقط؛ بحجة أنهم هم المؤهلون، وإغفال حق الكليات المناظرة( دار العلوم ، الآداب ، التربية لغة عربية، فضلا عن حاملى درجات الماجستير والدكتوراه فى الدراسات الإسلامية).

 فمع احترامنا لسمو الأزهر وعلو مكانته كجامع وجامعة، إلا أنه ليس كل أزهرىٍ ( شلتوت أو الشعراوى أو عبد الحليم محمود، وغير هؤلاء من أعلام الأزهر الأجلاء)، وليس كل من عداه – أعنى خريج الأزهر – يُوصف بالجهل المركب.

والتذرع بأن قصر الخطابة على خريجى الأزهر بغرض نشر الوسطية والاعتدال، ونبذ العنف قول يجانبه الصواب، فليس كل أزهرى وسطيا، بل يوجد منهم المغالون أيضا، كما أنه ليس كل خريجى الكليات المناظرة بن لادن والظواهرى، بل فى كل جامعة يوجد الوسطيون كما يوجد الغلاة والمتطرفون.

وسدا لباب الفتن، وغلقا لباب الزوابع التي أثارها ذلك القرار اللامدروس بقصر الخطابة على خريجى الأزهر؛ لابد أن تُراجع وزارة الأوقاف نفسها وتُوسع دائرة الاختيار التى لابد أن تتم عن طريق لجنة من علماء الأزهر الثقات، تختار الأجدر والأكفأ سواء من الأزهر أو غيره، مع إلزام المُرخص له بمزاولة الخطابة – عن طريق إقرار يُوقع عليه بخط يده – بعدم طرح القضايا السياسية على المنبر، وعدم إثارة الفتن والخلافات داخل المسجد، ومن يُخالف ـ وقطعا لن يخفى على رجال الأمن، الذين سيزعون مُخبرين لهم بكل مسجد وزاوية، يُسحب منه ترخيص الخطابة وفورا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى