استراتيجية مقاومة وعلاج الفيروسات

أ.د/ أحمد علي دنقل | أستاذ الوراثة الجزيئية

أولا: التطعيمات (الفاكسينات) المضادة للفيروسات:

اتفقنا فيما سبق على أن الفيروسات كيان موجود، وليست كائنات حية يمكنها التكاثر كباقي الكائنات الدقيقة الممثلة في الفطريات والبكتريا خارج أجسام عوئلها المصابة، وكونها كيانات ضعيفة أقصى مدة مسجله لها لبقائها خارج جسم العائل هو تسعة أيام تقل عن ذلك في فصل الصيف حيث ارتفاع درجة الحرارة يؤدي الى تكسيرها. ولهذا توصف  الفيروسات  بأنها كيانات “متطفلة إجباريا” يلزم لبقاء نوعها أن تستمر في العدوى وعندما تهاجم وتصيب إحدى خلايا عائلها مثل الإنسان تتحول إلى صورة شرسة وعندئذ إما ينشط الجهاز المناعي إذا كان بالقوة الكافية  ويكون أجسام مضادة تستطيع تدميرها والقضاء عليها، وتبقي على تلك الاجسام المضادة المناعية حتى لا تعاود الإصابة العائل مرة أخرى، أو في حالة ضعف الجهاز المناعي  يتمكن  الفيروس من السيطرة تماما على خلايا المصاب ويسخرها لخدمته ويبدء في مضاعفة إعداده  بالتكاثر المتتالي، ويكون نسخ جديده تدمر تلك الخلايا المصابة وتتحرر منها وتقوم بعدوى الخلايا الأخرى المجاورة لها. ويصبح المريض في انتظار الدعم العلاجي الخارجي له من خلال تلقي العلاجات أو تقوية جهازه المناعي، حتى يتمكن من التخلص من تلك الفيروسات.

بعدما لجأ الأطباء الصينيون لوسيلة علاج سريعة وهي أخذ سحبات دموية من المصابين الذين تم شفاءهم وفصل بلازما الدم من تلك السحبات بعد الكشف والتأكد عن وجود أجسام مضادة لفيروسات كورونا كونتها اجهزتهم المناعية، والتي أدت إلى التخلص من تلك الفيروسات وشفائهم التام. وحقن هذه البلازما المحملة بالأجسام المضادة في المرضى المصابين الجدد، والتي تتطابق فصائلهم الدموية معا ، بغرض إحداث مقاومة مبكرة والتخلص من الفيروسات قبل ان يستشري في أجسادهم،  مع إعطاء العشائر الخلوية (سيتوكين) مثل الانترفيرون المحفزة للجهاز المناعي بالتحديد في حالة الإصابة بالفيروسات.
ويجدر بنا القول إنه عند ظهور أي سلالة جديدة من الفيروسات، يسعى علماء الفيروسات بغير هوادة بحثا عن طعم (فاكسين) لمقاومه ذلك الفيروس بشكل أساسي، أي إجراء وقائي  قبل الإصابه بالفيروس ومطاردته بمجرد دخوله الى جسم العائل، وذلك باستخدام فيروسات غير قادرة على إحداث المرض، أي استخدام الأغلفة البروتينية الخارجية لها فقط، أي المفغرة التي من الجينوم الفيروسي، بحيث لا يتمكن من التكاثر بعد الإصابة، إستخدامها كعدوى صناعيه للإنسان، الأمر الذي يؤدي الى استحساس، وبمعنى إحرار استفزاز  الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضاده بكميات كبيره تكون مستعدة للتخلص من الفيروس الحقيقي  الشرس “المعدي والمسبب للمرض” وتدميره تماما، وهو ما يسمى بالتطعيم وذلك الأمرنجح في القضاء عالميا على فيروسات الجدري وشلل الأطفال والتي أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاءها. وهناك بعض التطعيمات التي تعطي للأطفال مثل فيروس الكبد الوبائي B و الطعم ضد الأنفلونزا العادية، ولكن تأثيرة يستمر لمدة عام، والطعم المضاد للسعار الكلب. إلا أن بقية الفيروسات مثل فيروس الكبد الوبائي C وفيروس ايبولا والأيدز وزيكا وكورونا بمختلف أنواعها لا زالت قيد البحوث التجارب المعملية على مستوى العالم. سنكمل الحديث عن استراتيجيات علاج الفيروسات في المقالات القادمة. ونسأل الله رفع البلاء عن الناس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى