النخيل في القرآن والسنة
إعداد: ماجد الدجاني | فلسطين
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)..إنها النخلة الشجرة الطيبة التي ضرب الله بها المثل لكلمة التوحيد عندما تستقر في القلب الصّادق فتثمر الأعمال المقويّة للإيمان، وقد ذكر الله كلمة “نخيل 20 مرة في كتابه العزيز طلبا للتدبر وذكرا لعظيم نعمه على الخلق، والرسول محمد عليه الصلاة والسلام شبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجوده على الدوام، فإنه من حيث يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس.
قَالَ إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ قَالَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هِيَ النَّخْلَةُ”
ةقد ورد في القرآن الكريم الوصف التفصيلي لتراكيب النخلة وشكلها الظاهري نكره فيما يلي:
- جذع النخلة: قال تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً [مريم: 25]
- فروع النخلة: قال تعالى : ( وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ) [إبراهيم: 25]
- ساق النخلة: قال الله تعالى: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ) [ق: 10] وباسقات أي : طوال.
- أكمام النخلة: وهو ما غطى جمارها من السعف والليف والجذع ، فالعذق والطلع قبل أن يخرجا مغلفين في أكمام ، قال تعالى: (وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ) [الرحمن: 11] .
- ثمره النخلة: قال تعالى: (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ) [الأنعام: 99] .
- طلع النخلة: قال تعالى: (وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ) [الأنعام: 99]. والطلع : هو أول ما يخرج من الكيزان وهو عبارة عن الأزهار المذكرة والأزهار المؤنثة الموجودة داخل الإغريض في النورات .
- شطء النخلة: وهو ما خرج حول أصولها وهو الفسيلة، كما قال تعالى: (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) [الفتح: 29].
- عرجون النخلة: هو أصل العذق الذي يحمل الشماريخ التي تحمل الثمار بعد التلقيح والإخصاب
- الفتيل: الخيط الرقيق (المفتول) في شق التمرة كا قال تعالى : ” وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ” (النساء 49)
- القطمير: القشرة الرقيقة على النواة(8) ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) [فاطر: 13] .
- القنو: هو العذق بما فيه من الرطب، وهو الشماريخ بما تحمله من ثمار رطبة. قال تعالى : ( وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ) [الأنعام: 99].
- النقير: هو الثقب الموجود في ظهر غلاف البذرة ويحدد مكان الجنين ومنه يدخل الماء إلى الجنين عند الإنبات ويخرج منه الجذير ، قال تعالى : (وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء: 124].
ولاتزال شجرة النخل من روائع الروضة الشريفة وتسمى عمود المخلقة (ذات العطر) أو الحنانة
فقد بكى جذع النخلة حزناً على ابتعاد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عنه فقد وروى الإمام أحمد بن حنبل وذكر البخاري في غير موضع من صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم الجمعة يسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يخطب الناس فجاءه رومي وقال: ألا أصنع لك شيئاً تقعد عليه كأنك قائم؟ فصنع له منبراً درجتين ويقعد على الثالث، فلما قعد نبي الله على المنبر خار كخوار الثور أي الجذع ارتج لخواره المسجد حزناً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل إليه رسول الله من المنبر فالتزمه وهو يخور فلما التزمه سكت ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو لم التزمه مازال هكذا حتى يوم القيامة حزناً عليه.
وفي رواية أخرى كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إن شئتم) فجعلوا له منبراً، فما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه وهي تئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: “كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها”.
ومثلما ذكرت النخلة في القران الكريم ذكرت ايضا في السنة النبوية المطهرة وهذا مما يزيد عظمتها وفائدتها ومن الأحاديث التي ذكرت فيها النخلة :
(1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمن كشجرة لا يتحاثَّ ورقها (أي لا يسقط ) قال ابن عمر : فوقع في نفسي أنها النخلة وعنده رجال من العرب فذكروا الشجرة فما أصابوا حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وهي النخلة).
(2) قال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل مَثَلُ المُؤْمِنِ الّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأتْرَجّةِ رِيحُهَا طَيّبٌ وَطَعْمُهَا طَيّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا).
(3) وفي الحديث (خير المال سكة مأبورة ) أي سكة نخل مصلحة.
كما وردت صفات ثمرات النخيل وفوائدها الغذائية والعلاجية في السنة النبوية المطهرة في أحاديث ومواقف كثيرة منها:
(1) قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (من تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر) (متفق عليه) .
(2) كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: “من تصبح بسبع ثمرات، وفي لفظ من تمر العالية، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر” (أخرجه البخاري ومسلم) .
(3) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله، يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله، أو جاع أهله، قالها مرتين أو ثلاثاً (رواه مسلم ).
(4) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوع أهل بيت عندهم التمر (رواه مسلم ).
(5) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في عجوة العالية شفاء أو أنها ترياق أول البكرة (رواه مسلم) .
(6) وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : ( كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الديدان في البطن)
ويحدثنا القرآن الكريم بأنه عندما أحست السيدة مريم العذراء عليها السلام بآلام الوضع أمرها الله عز وجل أن تهز جذع النخلة وتأكل الرطب.
” وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا”(سورة مريم).
والمسلم يفطر على التمر في صومه ويفطر على التمر أول أيام عيد الفطر قبل صلاة العيد وكان الرسول يحنك الأطفال حديثي الولادة بالتمر لأنه تقوي اللثة
فلماذا كانت النخلة وكان الرطب … إنه إعجاز إلهي … فالبلح والتمر من الأطعمة سهلة الهضم سريعة الامتصاص والتي تمد الإنسان سريعاً بالطاقة مع احتوائها على الدهن والبروتين والمعادن والألياف والماء مع احتوائها على بعض الفيتامينات التي تحمي الإنسان من أمراض سوء التغذية.
ومن محتويات البلح والتمر
المواد السكرية:
تمد الإنسان بالطاقة اللازمة لإتمام العلميات الحيوية في الجسم، حيث يحتوي التمر على سكر القصب وسكر الفاكهة وسكر العنب (الجلوكوز) وهي من السكريات سهلة الهضم سريعة الامتصاص في الجسم فتعطي الإنسان الطاقة اللازمة له.
من هنا كان من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يفطر الصائم على رطبات فإن لم يجد فتمرات حتى تسعف الصائم فور إفطاره بالطاقة اللازمة للجسم.
المواد الدهنية:
المواد الدهنية في التمر ليست من الدهون المعقدة التركيب ولكنها أبطأ في هضمها وامتصاصها من المواد السكرية سالفة الذكر وهي تعطي الجسم طاقة حرارية عالية.
وتدخل الدهون في تركيب المخ، والجلد وتقوم بعملية تدعيم للأعضاء الداخلية للجسم كالكلية وإعطاء الوجه والجسم الشكل الممتلئ الجميل، وتمنع جفاف بشرة الوجه واليدين والرجلين والشعر وتعتبر مخزنا للطاقة في الجسم يستغلها في الأزمات ووقت الصوم والمرض.
يستخدم نوى البلح في تنمية الكائنات الحية الدقيقة (الفطرية البكتيريا) في المختبرات والمصانع لإنتاج الدهن والبروتينات والفيتامينات والهرمونات ومضادات الحيوية.
يستخدم النوى في إنتاج الفحم البلدي وزيت النوى لاحتوائه على 8.5 في المئة زيت.
لذلك نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عن حرق نوى البلح.
وكل ما في النخيل يستعمل:
تستعمل جذوع النخيل في أعمال البناء والنجارة وفي أغراض شتى لا تخفى علينا جميعاً بالمنطقة العربية. وتستعمل الأوراق في تسقيف المنازل وعمل الأسيجة وأكشاك الظل، والسلال وفي عمل حشوات جيدة (الكارينة) للكراسي، كما يدخل في صناعة الورق. وتستعمل أعناق الأوراق في صناعة الكراسي والأقفاص والأسرة والسلال.
قالوا عن النخلة:
قال لقمان لابنه: يا بني: ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله خليلاً صالحاً فإنما الخليل الصالح كمثل النخلة، إن قعدت في ظلها أظلت و إن احتطبت من حطبها نفعتك وإن أكلت من ثمرها وجدتها طيباً..
وكم سمعنا عن شعراء يناجون نخلهم فلقد تغنى على سبيل المثال أمير الشعراء أحمد شوقي بالنخل فقال :طعام الفقير وحلوى الغني وزاد المسافر والمغتربز
كما قال امرؤ القيس في معلقته الشهيرة :
وفرع يزين المتن أسـود فاحم أثيث كقنـو النخلة المـتـعثكل
غدائره مستشزرات إلى العلى تضل المدارى في مثنى ومرسل
وقال حسان بن ثابت يفخر بالنخلة :
بها النخل والآطال تجري خلالها جداول، قد تعلو رقاقاً وجرولاً