قراءة في قصة ” صهيل الأصايل ” للكاتبة الفلسطينيّة آمنة الكيلاني
هدى عثمان أبوغوش | فلسطين
قصّة الأطفال” صهيل الأصايل ” للكاتبة الفلسطينيّة آمنة الكيلاني عن دار الشامل للنّشر والتّوزيع نابلس-فلسطين، والرّسومات للفنّانة المبدعة منار نعيرات.
تدور القصّة حول أحد الأطفال أو اليافعين(لأنّه يوجد ضبابيّة حول سن الطفل) الذّي يباغته أحد الفرسان الملثمين في ساعات الليّل ويطلب منه من خلف نافذة غرفته أن يصطحبه معه،لتبدأ الرحلة إلى عصر آخر فيه رائحة المدن والسّيوف والتّاريخ عبر امتطائهم الخيول،ويتضح في النّهايّة أنّ الرّحلة هي حلم راوده في منامه حين أيقظته أُمّه.
بدايّة أستبعد أن تكون القصّة موجهة للأطفال كما ذكر على وجه الغلاف،وذلك لأنّها لا تحاكي عقل وحواس الطفل.
غلب على القصّة،سرد المكان بحذر،إذ لم تحاول الكاتبة تفسير موقع اسم المكان التّاريخي، لتحفز القارئ على البحث عن المعلومّة، ففي ذكرها ساحة العباسيّة وبوابة كيسان (أحد أبواب دمشق القديمة)كان من الأفضل أن تفسّر موقع المكان بسبب جهل الكثيرين لهذه المعلومة،وكذلك في عدم ذكرها اسم القصر وموقعه (قصر الحمراء في غرناطة) ،وقد تعمّدت الكاتبة الغموض في الأماكن وعدم تعريف مواقعها ليبحث القارئ وحده
ونستدلّ ذلك من خلال إجابة الفارس الملثّم لسؤال اليافع من بنى القصر ؟فكانت إجابته أن يبحث في التّاريخ!
ذكرت الكاتبة القبّة الذهبيّة وحائط البراق ومدينتي، من خلال تلك المعلومات سيعرف اليافع الفلسطيني وحتّى الطفل هوية المدينة ألا وهي القدس لأنّ المعلومّة متداوله في قاموسه الاجتماعي والتعليمي.
من هنا أرى أن القارئ الصغير سيخرج في نهايّة القصّة للبحث عن لغز الأماكن،ولن يخرج بمتعة والاستفادة من معلومة ما.إنّ الطّفل أو اليافع وحتّى القارئ عامة بحاجة إلى القصّة أولا ليستمتع ومن ثمّ ليغذّي ذهنه بما هو جديد ومختلف ولتكون القصّة متنفسا له،أو تحاكي همومه بشكل غير مباشر.
لذا أرى أنّ تمرير المعلومة مع متعة الحدث من خلال القصّة ترسخ في ذهن القارئ،بالإضافة للخيال،لكن في القصّة امتنعت الكاتبة عن التّوضيح وتركت المعلومة غامضة.
إنّ السّرد المعلوماتي في القصّة لم يحقق المتعة سواء للطفل أو اليافع،إذ غلب السّواد على القصّة منذ بدايتها،الفارس الملثّم في اللّيل،الحزن والوجع في قصّة الاستغاثة، أرى إن هذهّ الاستغاثة تشدّ القارئ وتستوقفه لمعرفة السّبب،وعدم المرور كنظرة خاطفة،لأنّ المشهد مؤثر،وقد خلقت الكاتبة مسافة بين اليافع وشّخصيّة المرأة التّي حملت الرّمزيّة لمعاناة العراق المذبوح والمنقسم، فأصبحت العلاقة باردة فأصابتنا بالبرود.
إنّ القصّة لم تحرّك حواس القارئ فتثير قلبه ليتعاطف مع شخصية أو مكان ما،إذ يمكن اعتبار القصّة عبارة عن لوحات وقفزات صور من أماكن التّاريخ جاءت كفارس يرشد اليافع وليعتبر شاهدا على عصر جميل ولّى وعصره المتناحر،حسب رأيي إن القصّة هي صرخة ألم وحنين للماضي ولجمال الأماكن التّاريخيّة كي لا ينسى القارئ تاريخه،لكنّ الأُسلوب الغامض لم يكن برأيي موفقا،ولم تربط بين الأماكن بحدث مؤثر لتمكن القارئ من متابعته. فالسؤال الذي يطرح هل عالجت القصّة قضيّة ما تتعلق بالطفل أو اليافع،أم جاءت القصّة لتذكر اليافعين بماضيهم وأنّ أجدادنا هم خلاصنا نحو الحرّيّة!
أحسنت الكاتبة في الوصف عامّة الممزوج بالخيال وخاصّة تصوير العراق الذي يستغيث من خلال امرأة رأسها يطاول السّماء وقدماها منغرستان في ماء الرّافدين و في وصف الطبيعة، خاصّة النّجوم والقمر وتحوله للبدر،ونلاحظ اختلاف حالة الجو ما بين العصرين ففي الرجوع إلى الماضي نشاهد الغيوم الكثيفةومع اقترابه للعصر الحالي،تبرز صفاء السّماء والهواء منعشا،وهنا يكمن جمال الوصف والإبداع.