اليوم السابع تناقش ” صهيل الأصايل ” لـ” آمنة الكيلاني “

القدس: 21-1-2021- ناقشت ندوة اليوم السّابع المقدسيّة عبر “زوم” بسبب جائحة كورونا قصّة الأطفال “صهيل الأصايل” للكاتبة آمنة محاميد زيد الكيلاني، رسومات منال نعيرات، تنفيذ ومونتاج معاذ عبد الحق. صدرت القصّة عن دار الشامل في نابلس.

افتتح النّقاش مديرة الندوة ديمة جمعة السّمان فقالت:

“صهيل الأصالة ” للكاتبة آمنة زيد الكيلاني قصة أطفال تمسك بيد الطفل وتصحبه في رحلة تاريخية شيقة إلى زمن غير الزمن.. إلى عصر مضى .. ولكنه لم يمت.. إذ ان التاريخ لا يموت.. ولا ينتهي ولا يتغير. كما ذكرت الكاتبة في سياق القصة.

قصة شيقة تدخل الطفل الى عالم المغامرة وخوض المجهول.

خيول بأجنحة.. وفرسان ملثمون.. وسيوف ورماح… الخ

تطير الخيول المجنحة وتحلق عاليا بفرسانها.. يصطحبون بطل القصة صاحبنا المقدسي الى عصر قديم ليدخل هذه التجربة الممتعة.. فيسأل ويسأل .. ويقارن بين أصالةالقديم وتطور الجديد.

يعيش سحر الشرق بكل ما فيه من إبداع.. عظمة المكان.. العمران واللباس والجدران المنقوشة بآيات من القرآن الكريم بخط جميل .

عشرة أيام عاشها صاحبنا ابن القدس مذهولا.. مستمتعا بكل ما شاهد.. مشاهد أشعرته انه يعيش في زمن السندباد.

قصة مليئة بالخيال المحبب للطفل، كتبت بلغة بسيطة جميلة غير معقدة ولكنها غنية بالمفردات والمعلومات التي لم تكن دخيلة بل جاءت متناسقة متسلسلة تحمل عنصر التشويق الذي يشد الطفل إلى نهاية القصة.

وأجمل ما بالأمر ان الكاتبة بثت رسالة أمل في نهاية القصة جاءت على لسان فارس أصيل جاء من الماضي الجميل.. قال موجها كلامه لبطل القصة المقدسي عندما رأى الجنود المدججين بالسلاح:” (لن تبقى مدينتك محاصرة يا بنيّ).

اذ انتهت الرحلة عند قبة الصخرة الذهبية في المدينة المقدسة.

وتأتي المفاجأة.. لم تكن تلك الرحلة سوى حٰلم تاريخي جميل

وقد لفت نظري أن القصة مكتوبة باللغتين العربية والانجليزية على ذات الصفحة.. مما يزيد من مسؤولية الكاتبة.. إذ أن القصة لم تكن موجهة للأطفال الناطقين باللغة العربية فقط، بل للناطقين باللغة الانجليزية أيضا.. أي أن القصة موجهة إلى عدد أكبر من الأطفال.

تحتاج إلى توازن بين الثقافات والاهتمامات المختلفة.. وقد أتقنتها الكاتبة.. وزاد من جمالية القصة الرسومات البديعة التي كادت أن تنطق بريشة الفنانة منار النعيرات.

لا شك أن القصة تشكل إضافة نوعية للمكتبة العربية.

وقال جميل السلحوت:

 وصلتني هذا القصّة إلكترونيّا بسبب جائحة كورونا، وما تسبّبته من إغلاق وتقييد لحركة التّنقّل بين المدن الفلسطينيّة. والقصّة مترجمة للغة الإنجليزية، فالصّفحة منها تقابلها ترجمتها للإنجليزيّة.

لا أعرف الكاتبة ولم يسبق لي أن قرأت لها، وهذا قصور غير مقصود منّي، فأنا أرتاد عادة مكتبات “وأكشاك” بيع الكتب، لكن لم أعثر على كتابات لكاتبة القصّة آمنة محاميد زيد الكيلاني، وعندما استعنت “بجوجل”وجدت أنّه صدر لها عام 2012 قصة أطفال بعنوان”سلحوفة تصنع طائرة ورقية”، ولم أعثر على غيرها، وهذا لا يعني أنّه لم يصدر لها قصص أخرى.

وعودة إلى قصّة “صهيل الأصايل، وهي قصّة كتبت بلغة فصيحة مشكولة الكلمات، ترافقها رسومات جميلة لمنال نعيرات التي تؤكّد من جديد قدرتها الفائقة على تقديم رسومات لقصص الأطفال تليق بأطفالنا. والقصّة رسوماتها مفروزة الألوان وكما يبدو على ورق مصقول، وإخراجها لافت بجماليّاته، ويحسب للكاتبة وللنّاشر وجود ترجمة للقصّة إلى اللغة الإنجليزيّة، وهذه حسب معلوماتي المتواضعة قصّة الأطفال المحلّيّة الأولى التي تصدر باللغتين العربيّة والإنجليزيّة وتقع بين يديّ.

وواضح من خلال مضمون القصّة أنّ الكاتبة قد استفادت من التّاريخ، عندما كان العرب والمسلمون أمّة ماجدة، وكأنّي بها توصل للأطفال بطريقة غير مباشرة معلومات مفادها أنّ أمّة ذات تاريخ عريق لن تقبل الذّلّ والمهانة، وستعود إلى أمجادها ولن تترك قدسها مكبّلة محتلّة.

والقصّة تدعو الأطفال إلى التّساؤل والتّفكير حول معلومات وردت في القصّة، وتشكّل برهانا ودليلا على حضارة بناها الآباء والأجداد بعرقهم وبدمائهم. فالطّفل بطل القصّة الذي رافق في منامه فرسانا أشدّاء، حطّت بهم الرّحال في باب كيسان وهو أحد أبواب دمشق القديمة، وواصلوا طريقهم إلى القصر الذي في حديقته نوافير يخرج ماؤها هادرا من أنياب أسود تشير إلى قصر الحمراء ” وهو قصرٌ أَثريّ وحصن شَيَّده الملك المسلم العربيّ أبو عبد الله محمد الأول محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمر بين 1238-1273 في مملكة غرناطة.” في الأندلس-اسبانيا حاليّا، ثمّ طافوا في بلاد ما بين الرّافدين والمقصود هنا العراق، وحضارة الفترة العبّاسيّة، وهناك يرون طيف فتاة تصرخ مستنجدة “أغيثوني…أغيثوني”!. ثمّ تحلق الخيول إلى أن تصل سماء القدس فيتعرّف عليها الطّفل كونها مدينته، ” أومأ الفارس الملثّم لمرافقيه من الفرسان أن تحطّ خيولهم في ساحة البراق، ولكن الجياد ارتعدت ونكصت إلى الخلف، وبقيت معلّقة في الفضاء. حيث كانت السّاحة والمدينة محاصرتين بجنود مدجّجين بالسّلاح….وبقيت الخيول معلّقة بين سماء مدينتي حيث أشار الفارس الملثّم لي مودّعا وقائلا: لن تبقى مدينتك محاصرة يا بنيّ فنحن قادمون.”

والقارئ لهذه القصّة سيجد أنّها تعبّر عن أحلام الفلسطينيّين الذين ينتظرون النّصرة من إخوانهم العرب والمسلمين، وتؤكّد أنّ دوام الحال من المحال، وأنّ النّصر قادم بالتّأكيد، ومن خلال تحليق الفرسان فوق القدس، ورؤيتهم لمسجدها العظيم”الأقصى”، ومحاولتهم الهبوط في ساحة البراق تذكير بأهمّية المدينة الدّينيّة، وتذكير بحادثة الإسراء والمعراج. ويلاحظ أنّ الكاتبة لم تختر أماكن قصّتها عبثا أو صدفة، فسوريا تعيش مأساتها بسبب حرب الإرهاب عليها منذ عام 2011، والعراق يعاني منذ احتلاله عام 2003، والأندلس ضاعت من العرب منذ العام 1492، والقدس محتلة منذ العام 1967.

ملاحظة: ورد في القصّة:”وأنا أنظر من علٍ أبحث عن مدينتي” والصّحيح “من علُ” فعلُ مبنيّة على الضّم، وفي وصف امرئ القيس لحصانه في معلقته :

“مكرّ مفرّ مقبل مدبر كجلمود صخر حطّه السّيل من عل”

جاءت من باب: يجوز للشّاعر ما يجوز لغيره، وجاءت مجرورة لمناسبة قافية القصيدة مجرورة اللام في أبياتها جميعها.

ولو قرأنا بيت الشّعر آنف الذّكر منفردا لضممنا لام “عل”.

وقالت دولت الجنيدي:

عنوان القصة جميل ورسومات القصة جميلة ومتطابقة مع الكتابة.وهذان عنصران مهمان لاختيار كتاب قصة والتشجيع على القراءة.

لغة القصة سليمة وجميلة وسردها جميل.ذات ابعاد تاريخية وتعليمية تدفع الطفل الى البحث والتقصي.لذلك فهي تصلح لاعمار متقدمة اكثر من كونها قصة أطفال صغار .

ربطت الكاتبة بين الماضي والحاضر عن طريق حلم ، حيث أن تتبع الطفل لصوت يسمعه وأستجابته باللحاق بالفارس الملثم وبقية الفرسان دون علم اهله خطأ تربوي،لانه مهما كان الانسان حر في احلامه فانه ممكن ان تترسخ الفكرة في ذاكرة الطفل القارئ دون ان يشعر فيستسهل فعل ذلك الشيء .

اعادت الكاتبةالطفل الى زمن غابر ليستكشف الفرق بين القديم والحديث حيث انه يرى الفرسان يركبون الخيول ويطيرون  بها بدل استعمال السيارات والطائرات والقطارات ألآن. ويعلم انهم يتحاربون بالسيوف والرماح ا بدل الطائرات والصواريخ والقنابل في ايامنا هذه.

يأخذ الفارس الملثم الطفل الى اماكن فيها آثار تاريخية معينة ويعطيه لمحة او اسم في كل مكان ليستكشف الطفل اسم المكان .حيث ياخذه الى دمشق وبغداد والى قصر الحمراء في غرناطة،وعندما يسأله الطفل عن العصر الذي بني فيه هذا القصر،يجيبه اقرأ التاريخ يابني وستعرف .وهذا شيء صعب على الأطفال الصغار .

في آخر الرحلة يعودالفارس الملثم مع بقية الفرسان بالطفل الى مدينته ،مدينة القدس وتبقى الفرسان والخيول معلقة بالفضاء لانهم لم يستطيعوا الهبوط في ساحة البراق لانها محاصرة بالجنود المدججين بالسلاح.ويعدون الطفل بالعودة لتحريرها.وهنا يصحو الطفل من نومه على صوت امه الرقيق تناديه ليذهب الى المدرسة.

ذكرت الكاتبة ان الطفل  عاد من النافذة ولم تذكر من اين خرج في البداية. وكيف هبط الطفل حين عودته مع ان الفارس الملثم الذي كان يجلسه امامه وبقية الفرسان لم يستطيعوا الهبوط بسبب محاصرة ساحة البراق من الجنود المدججين بالسلاح .

لم يكن لبقية الفرسان دور في القصة سوى الانطلاق والعودة من مكان إلى مكان بامر من الفارس الملثم.لذلك ممكن ان يقوم الفارس الملثم وحده بهذه المهمة.

اقتبست الكاتبة فكرة القصة من قصة الاسراء والمعراج والبراق.وسبقتها الكاتبة مريم حمد بهذه الفكرة الخيالية في قصتها ( الارجوحة) .وانا شخصيا لا احبذ هذه الفكرة لان هذه القصص خيالية وقصة الاسراء والمعراج والبراق هي قصة حقيقية واقعية من صميم ديننا ومعتقداتنا .وممكن ان يربطها الاطفال بالخيال مثل هذه القصص الخيالية .

واخيرا تعطي هذه القصة الامل لاطفال القدس واهل القدس بتحرير مدينتهم وكل فلسطين بان الغوث قادم بإذن الله.ولكن يجب ان يبدأوا هم بالدفاع عنها اولا ولا يستكينوا ليلتحق بهم الاحرار من العرب وكل العالم.

وكتب الدكتور عزالدين أبو ميزر:

ابتداء نبارك للكاتبة الفاضلة إصدارها الجديد المرمّز والمشكل والمسرود بلغة عربية سليمة تبعث على السرور والانشراح.

  ولولا آخر سطرين في هذا الاصدار أشارت بهما الكاتبة على أن كل ما جرى كان مجرّد حلم، ورؤيا مناميّة، لكانت المآخذ عليه أكثر من عدد الكلمات التي استعملت في سرد أحداثه.

  صحيح أنه عمل امتزج فيه الخيال مع الحقيقة ليخدم اهدافا معيّنة في ذهن الكاتبة، فكانت الخيول المجنحة والفرسان الملثمون الذين أرجعونا في الزمن الى الوراء، الى عصر كان يتسم بالعزة والمنعة والفخر، أمام واقع متردّ نعيشه، كله انبطاح وذلّة.

كل أماكن الرحلة مرمّزة وخاصة باب كيسان، الذي لا يعلمه كثير من المثقفين، ناهيك عن طفل ليس له من الثقافة إلا القليل القليل إن لم تكن معدومة، وأنه أحد أبواب دمشق القديمة. وبركة الأسود في غرناطة الأندلس، وألأقل رمزيّة بغداد العراق الحبيب.

  كان الهدف بعث الهمّة في نفس القارىء، وأن لكل أجل كتاب، وأن الفجر العربيّ قادم لا محالة، صحيح أن التاريخ لا يموت، ولكن ليس كل التاريخ صحيح، فلا يكون كاتب التاريخ إلاا مادحا أو قادحا، ولكن لجوء الكاتبة الى معالم مادية ثابتة يبعد عن قصتها الكذب والتزوير.

ولي ملاحظات أود أن أقولها باختصار:

– لن يستطيع الصغار قراءة هذا الإصدار بدون معاونة الكبار ولا أظن أن لدى الطفل الجلد على البحث والتنقيب في المراجع.

– الأخطاء اللغوية والأملائية قليلة جدا لا تتعدى اثنتين في نظري وهما كلمة يقرأون ليس على واو مهموزة يقرؤون. وجملة مدجّجين بالسلاح، والصحيح مدججين في السلاح. فالقنفذ مدجج في الشوك وليس بالشوك.

  • ولولا أن كل ما جاء في الإصدار مجرد حلم، فالقصد التربوي والتعليمي بمغامرة الطفل غير المحسوبة وأخذه مسئولية قرار الذهاب في هذه المغامرة ومع فارس ملثم غريب وإن كان بمقام الجد، دون مشاورة أهله أو ذهاب أحد كبير منهم معه كان قرارا خاطئا  ولا يُتأسّى به. فقد تودي بحياته أولا يعود. وكان على الكاتبة التنويه إلى ذلك، في أن الحلم يقع فيه احيانا أمور لا يقبلها العقل ولا المنطق السليم.

وكتبت نزهة الرملاوي:

القصة جميلة الطرح محفزة للأطفال واليافعين أن يقرأوا التاريخ وعظمة الحضارات الإسلامية وإن داهم بلادنا الإنكسار  والهزيمة.

تحثّهم على قراءة حضارة عربية مزدهرة في شتى العلوم، فهي نواة للحضارة الغربية الحديثة، وقد كان الغرب يغرق في ظلمات الجهل نتيجة سيطرة الكنيسة على الناس وقتل ابداعهم ومبتكراتهم، تحثّ القارئين أن يكونوا عظماء ومنتجين ومنتصرين كأسلافهم وأجدادهم المفكرين العظماء العرب.

 توجه الكاتبة أنظار القراء من خلال رحلة خيالية من الأحلام إلى زيارة مدن وأسواق شيّدت في العصرين الأموي  والعباسي.. أثرت القصة القارئ الطفل أو اليافع بمفردات جديدة مثل السيوف، الخيول، الركاب، صهيل، الأصايل لأن طفل المرحلة لا يعرف عنها الكثير، ولكنه يعيش حالة الحروب في الوطن العربي المفكك، وقارنت وسائل المواصلات المستخدمة حاليا بتلك المستخدمة في السابق كالخيول.

وجّهت أنظار القارئ إلى دمشق ( الغارقة بدمائها) وبغداد ( الجريحة النازفة بعذابات الطائفية)  والقدس (الأميرة الأسيرة التي تنتظر خيول الفاتحين) وما فيها من أعزاء مرابطين.

كلمات القصة كانت قوية وجزلة..إضافة إلى جمالية الإخراج للكتاب ورسوماته التي خطتها الفنانة منار نعيرات .

ما لفت الأنظار أن الكاتبة لم تعط اسما للطفل الحالم.. ولم تجعل مسببا لذلك الحلم.. ولو أنها جعلت مدخلا ولو بسيطا لكان أفضل..كمشاهدة صور للخيول على جهاز الحاسوب، والانتباه إلى جمالها وقوتها..فيكون الربط ما بين الحاضر والماضي..وما بين الحلم والحقيقة.

أيضا تركت الخيول المجنحة الطفل على أبواب القدس  وحده، وقالت له سوف نعود..لو أن الرجل الملثم الذي ناداه بالجد أعطاه مفتاحا لدخول الأبواب مع أقرانه لكان أفضل.

وكتب نمر القدومي:

مُجرد رأي وتحليل :

قد تطغى الفكرة على القصة، وقد تهيم الكاتبة بجناحيها فوق خيال العِبرة، وتنتقي كلماتها من قاموس اللغة الصعبة. أسلوب عالي الوتيرة لسن الأطفال بعيدًا عن الذهن أو حتى الفِطرة، وبما أنه حُلم يعيش الوهم، فكان الخيال أضعافا مُضاعفة بحيث تاه الهدف وتاهت الحِبكة !

الكاتبة ( الكيلاني ) حاولت جاهدة أن تضع النقاط على الحروف في محاولة غير موفقة لإيصال رسالة أو رسالات لفئة الأطفال، فكانت مُبعثرة.

لغة جزلة صعبة، بحاجة إلى فك رموز غامضة … المكان والزمان بحاجة إلى ( لسان العرب ) والعم ( چوچل ). والقصة المفروض يقرأها الطفل ودون مُساعدة.

حتى وإن قلنا بأنه يحق للكاتب ما لا يحق لغيره، فقد تناثرت حروف القصة هباء منثورا. ومع الإعتذار الشديد للكاتبة ( الكيالي )، فالقصة غير موزونة ؛ لا أهداف مرجوة، لا إرشادات تربوية تخص الأطفال ولا حتى معالم تاريخية واضحة أو رسائل تنويرية.

هناك ثغرات واضحة للقارئ الكبير، ولم نجد أي ترابط بين أحداث القصة والواقع الحالي، فقد دمجت الكاتبة خيال داخل خيال. نحن في النهاية نُخاطب أطفالا، وما قرأته إنما هو لغز وليست حكاية.

وكتبت هدى عثمان أبو غوش:

تدور القصّة حول أحد الأطفال أو اليافعين(لأنّه يوجد ضبابيّة حول سن الطفل) الذّي يباغته أحد الفرسان الملثمين في ساعات الليّل ويطلب منه من خلف نافذة غرفته أن يصطحبه معه،لتبدأ الرحلة إلى عصر آخر فيه رائحة المدن والسّيوف والتّاريخ عبر امتطائهم الخيول،ويتضح في النّهايّة أنّ الرّحلة هي حلم راوده في منامه حين أيقظته أُمّه.

بدايّة أستبعد أن تكون القصّة موجهة للأطفال كما ذكر على وجه الغلاف،وذلك لأنّها لا تحاكي عقل وحواس الطفل.

غلب على القصّة سرد المكان بحذر، إذ لم تحاول الكاتبة تفسير موقع اسم المكان التّاريخي، لتحفز القارئ على البحث عن المعلومّة، ففي ذكرها ساحة العباسيّة وبوابة كيسان (أحد أبواب دمشق القديمة)كان من الأفضل أن تفسّر موقع المكان  بسبب جهل الكثيرين لهذه المعلومة،وكذلك في عدم ذكرها اسم القصر وموقعه (قصر الحمراء في غرناطة) ،وقد تعمّدت الكاتبة الغموض في الأماكن وعدم تعريف مواقعها ليبحث القارئ وحده

ونستدلّ ذلك من خلال إجابة الفارس الملثّم لسؤال اليافع من بنى القصر ؟فكانت إجابته أن يبحث في التّاريخ!

ذكرت الكاتبة القبّة الذهبيّة وحائط البراق ومدينتي، من خلال تلك المعلومات سيعرف اليافع الفلسطيني وحتّى الطفل هوية المدينة ألا وهي القدس لأنّ المعلومّة متداوله في قاموسه الاجتماعي والتعليمي.

من هنا أرى أن القارئ الصغير سيخرج في نهايّة القصّة للبحث عن لغز الأماكن،ولن يخرج بمتعة والاستفادة من معلومة ما.إنّ الطّفل أو اليافع وحتّى القارئ عامة بحاجة إلى القصّة أولا ليستمتع ومن ثمّ  ليغذّي ذهنه بما هو جديد ومختلف ولتكون القصّة متنفسا له،أو تحاكي  همومه بشكل غير مباشر.

لذا أرى أنّ تمرير المعلومة مع متعة الحدث من خلال القصّة ترسخ في ذهن القارئ،بالإضافة للخيال،لكن في القصّة امتنعت الكاتبة عن التّوضيح وتركت المعلومة غامضة.

إنّ السّرد المعلوماتي في القصّة لم يحقق المتعة سواء للطفل أو اليافع،إذ غلب السّواد على القصّة منذ بدايتها،الفارس الملثّم في اللّيل،الحزن والوجع في قصّة الاستغاثة، أرى إن  هذهّ الاستغاثة  تشدّ القارئ  وتستوقفه لمعرفة السّبب،وعدم المرور كنظرة خاطفة،لأنّ المشهد  مؤثر،وقد خلقت الكاتبة مسافة بين اليافع وشّخصيّة المرأة التّي حملت الرّمزيّة لمعاناة العراق المذبوح والمنقسم، فأصبحت العلاقة باردة فأصابتنا بالبرود.

إنّ القصّة لم تحرّك حواس القارئ فتثير قلبه ليتعاطف مع شخصية أو مكان ما،إذ يمكن اعتبار القصّة عبارة عن لوحات وقفزات صور من أماكن التّاريخ جاءت كفارس يرشد اليافع  وليعتبر شاهدا على عصر جميل ولّى وعصره المتناحر،حسب رأيي إن القصّة هي  صرخة ألم وحنين للماضي ولجمال الأماكن التّاريخيّة كي لا ينسى القارئ تاريخه،لكنّ الأُسلوب الغامض لم يكن برأيي موفقا،ولم تربط بين الأماكن بحدث مؤثر لتمكن القارئ من متابعته. فالسؤال الذي يطرح هل عالجت القصّة قضيّة ما تتعلق بالطفل أو اليافع،أم جاءت القصّة لتذكر اليافعين بماضيهم وأنّ أجدادنا هم خلاصنا نحو الحرّيّة!

أحسنت الكاتبة في الوصف عامّة الممزوج بالخيال وخاصّة تصوير العراق الذي يستغيث من خلال امرأة رأسها يطاول السّماء وقدماها منغرستان في ماء الرّافدين و في وصف الطبيعة، خاصّة النّجوم والقمر وتحوله للبدر،ونلاحظ اختلاف حالة الجو ما بين العصرين ففي الرجوع إلى الماضي نشاهد الغيوم الكثيفةومع اقترابه للعصر الحالي،تبرز صفاء السّماء والهواء منعشا، وهنا يكمن جمال الوصف والإبداع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى