الأبلة الناظرة وتجديد الخطاب الثقافي “١”

بقلم: فرحات جنيدي | مصر

انشغلت وزيرة ثقافتنا باخد الصورة واكتفت بتقليص دورها لتصبح الابلة الناظرة التي تفرح بنشاط مدرسي يبرز اسمها دون أن تهتم بما هو أهم، والذي هو أساس عملها وهو تأسيس جيل يحمل الراية متسلحاً بالعلم والثقافة قادراً علي المواجهة والبناء. وفي مدرسة ثقافتنا يوجد الكثير من الوجوه النشطة كل صباح متراصة أمام الابلة الناظرة فها هو قنبلة المعرفة هيثم الحاج علي يمين الابلة الناظرة بعدما جمع النبهاء من تلاميذه فالقوا تحية العلم بقوة وثبات مما أثار الغيرة في نفس “النمبر وان” السيد/ أحمد عواض الذي أسرع وجمع الأفضل والأفصح من تلاميذه وأذاع عليهم نشرة الأخبار الصباحية فأسرع العبقري خالد عبد الجليل وجمع الميمنة والميسرة بجوار الابلة الناظرة وطلبهم بابتسامة جميلة من أجل صورة بالحجم الكبير تعلق علي باب المدرسة لكن العجوز الماكر محمد أبو سعدة لم يظهر اي اهتمام لكن عندما طبعت الصورة أندهش الجميع بموقعه المتميز في الصورة وهو يقف في شموخ يمسك بساري العلم . انشغل الجميع بالصورة واهملوا المضمون فلا نجد سياسة ثقافية ولا نجد عند هولاء ثقافة سياسية أو علمية أو أدبية فنية تمضي وزيرة ثقافتنا ورجالها في تنفيذها. إن وزيرة ثقافتنا أمسكت بشعار تجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف كما فعل مَن قبلها لكن الحقيقة التي غابت عن الجميع أنها هي ورجالها لا يعرفون شيئاً عن الخطاب الديني ولا وسائل تطويره ولم يقوموا بأي شيء منذ احتلالهم للكراسي في اهم المواقع التي تمثل القوة الناعمة التي من المفترض أن تقوم بما لا تستطيع القيام به القوة الصلبة وهى القوة العسكرية.

لقد فشلت وزيرة ثقافتنا ورجالها في كل المواجهات بينما نحج الاخر في كل المواجهات واصبح الشارع المصري موقعاً جيداً لتنفيذ كل المخططات ونشر كل الأفكار بكل سهولة وعدم مقاومة ولا اذكركم بالإرهاب الاسود والأفكار المتطرفة التي تصدرت المشهد منذ سنوات ولكن يكفيني أن أشير إلي مقال السيد البرادعي الذي عاد من جديد ليتصدر المشهد بعد مقاله الذي نشره بالجزيرة مباشر منذا ايام وتساءل فيه: هل حانت لحظة التغيير في العالم العربي؟ مقال البرادعي كالعادة أثار جدلا واسعاً بين متابعيه ما بين مؤيد له، وناقم عليه.. المهم في الأمر اين نحن من الشارع المصري الذي أصبح بطبيعة الحال يقبل أي فكر خارجي لانه وبكل بساطة و صراحة لم يجد في الداخل من يطرح عليه أي فكر أو يرشده ويزرع فيه افكاراً صحيحة لأن وزارة ثقافتنا ورجالها اهتموا بالمكاسب الشخصية واستغلال مواقعهم لإرضاء الأصدقاء والأحباب والأقارب وأخذ الصورة بوجوه مبتسمة. وعندما نواجههم يلقون باللوم علي الأزهر تارة وعلي جهل الشعب تارة آخر ونسوا بل تناسوا أن تعليم وتثقيف ونشر الفكر الصحيح هي مهمتهم الاولي والأخيرة. أيها السادة من أجل التخلص من شرور وجهل الإرهاب الأسود والافكار التي تحمل مخططات غربية تهدف إلي تفكيك وحدة الوطن وتدميرها لا يجب علينا أن نتوقف عند الأزهر ودوره بل علينا أن نتوقف عند القوة الناعمة التى تستطيع أن تهزم ذلك الفيروس القذر المسمى بالإرهاب ومخطط الغرب لخلق شرق أوسط جديد وتلك القوة هى الثقافة, والآن وأنا أخط تلك الكلمات يعبث بعقلى سؤال لوزيرة ثقافتنا ورجالها:- أين وزارة الثقافة المصرية وأين النخبة التى ترتع فى حظيرتها؟ والسؤال الثانى:- أين نحن قبل الحدث؟ فالإرهاب والتطرف والأفكار القذرة قد وجدت مناخاً وبيئة خصبة لها فى الشارع المصرى منذ وقت بعيد, لقد عرفت طريقها إلى عقول الشباب المصرى ودخلت كل بيت بوسائل مختلفة فاستطاعت أن تخلق لنفسها قاعدة ويكون لها أتباع فى كل مكان يؤمرون فيعلنون الطاعة فعبثوا بالدولة والشباب وبعقول الأمة ولم يتصدى لهم أحد, ولقد صرخنا ونادينا بأن تتحرك وزارة الثقافة وأن تفتح أبوابها وتقدم الفكر الصحيح وأن تستخدم كل كوادرها لتصحيح المفاهيم المغلوطة عند الشباب والنشء لكن يبدو أن وزيرة ثقافتنا تتلذذ بنسمات هواء نيل الزمالك وكرست وقتها كله للقاء الإعلاميين والحفلات والمهرجانات وأخذ الصورة فقط، وإن تكرمت تحضر إحدى الندوات داخل مبنى المجلس الأعلى للثقافة. وبكل صراحة حال الوزيرة من حال كل العاملين تحت قيادتها من مدراء ورؤساء قطاعات ورؤساء سلاسل ورؤساء تحرير المجلات والصحف والدوريات التي تخرج من وزارة الثقافة وكذلك المثقفين, فكل تلك النخبة التى تنعم بأموال الدولة ومؤسساتها أصبحت من أصحاب الياقات البيضاء لا يتحركون إلا بالسيارات ولا يجلسون إلا أسفل التكييفات فتحولوا إلى شيوخ لنشر الفكر المتطرف والإرهاب الأسود بتكاسلهم عن أداء واجباتهم وتحولت وزارة الثقافة إلى حظيرة هدفها تسمين النخبة.أايها السادة أعلم أن الحديث عن الفساد وإهدار المال العام لا جدوى منه وهو ليس دوري بل هو دور الاجهزة الامنية والنيابة الإدارية والنيابة العامة وأن مهمتي هي الإشارة له فقط انما دوري هو الثقافة والابداع ونشر الفكر الصحيح ومن هذا المنطلق اقول انه قد آن الأوان أن نتكاتف ونعمل بكل جهد من أجل كشف القصور في دور قصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب والمركز القومي للسينما وكل المواقع المنوط بها نشر الفكر وتصحيح المفاهيم المغلوطة في وزارة الثقافة. أيها السادة إن تجديد الخطاب الديني هو جزء من عملنا وعمل ومهام وزارة الثقافة لكن العمل الأصيل هو تجديد الخطاب الثقافي بما يتماشى ويتناسب مع الواقع الذي نعيشه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى