الصوم والمناعة ضد الأمراض ومنها كورونا

أ.د. فيصل رضوان أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية – جامعة سوهاج مصر – والمعهد القومي للمحيطات – الولايات المتحدة الأمريكية

لقد تطور البشر في بيئة لم يكن الطعام متاحًا فيها دائمًا بالقدر الذي نراه الآن؛ وكان علينا التكيف والتأقلم في ظل عناصر غذائية محدودة. وقد أدى ذلك إلى الاعتقاد بأن فترات الصيام قد تكون جزءًا من “حالتنا المثالية” كجنس بشرى حتى نستمر بقوة على هذا الكوكب، وكانت بذاك نهج مقدس، له ضوابطه ورخصه في جميع الأديان السماوية، وتدعمه الآن نتائج الأبحاث العلمية التي تفيد بشكل عام بأن تقييد السعرات الحرارية يحسن قدرتنا على مكافحة الأمراض الالتهابية بأنواعها، وينظم التمثيل الغذائي والمناعة الذاتية.

هناك العديد من وجبات الصيام العصرية هذه الأيام، مثل الصيام القاسي لعدة أيام، والماء فقط، إلى استراتيجيات التغذية المتقطعة المقيدة بوقت مثل الأكل فقط خلال فترة ست ساعات كل يوم ، ومن الواضح أن هذه الأنظمة الغذائية لها تأثيرات هامة على ترتيب دورة التمثيل الغذائي بجسم الإنسان.

نعرض هنا ثلاث دراسات جديدة نُشرت مؤخرًا في مجلة Cell الشهيرة عن تأثيرات الصوم على آليات الجهاز المناعي المختلفة. تكشف نتائج البحوث عن استجابات مناعية مختلفة اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على نوع وكيفية الصوم الذى تمت دراسته، مما يؤكد أنه ليس كل صوم عن وجبة ما مثلا، أو تنفيذ نوعا ما من الرجيم الغذائي قد يؤدى إلى نفس النتائج. 

بدأ العلماء في الربط بين أنواع ودورات الصيام والاستراتيجيات الغذائية، ونشاط جهاز المناعة. وأظهرت النتائج أن نماذج من الصوم ربما تؤدي إلى تغييرات قوية في آليات عمل نظام المناعة. وعليه يمكن أن يؤدي كل نظام غذائي معين إلى تأثيرات مناعية مختلفة، إيجابية أو سلبية.

 أظهرت إحدى الدراسات آثار تقييد السعرات الحرارية على زيادة نشاط خلايا الذاكرة Memory T- cells  في الفئران. واكتشف البحث ايضا تعزيز حماية الخلايا التائية T-cells ضد الالتهابات والأورام عندما تم تقليل تناول السعرات الحرارية للحيوان بنسبة 50 بالمائة.

بحثت دراسة أخرى في تأثير الصيام الكامل قصير المدى على الوحيدات Monocytes، وهي خلايا مناعية؛ نوع من خلايا الدم البيضاء يتم إطلاقها بكثافة عندما تدخل  كالبكتيريا والفيروسات والفطريات، حيث تندفع بسرعة للهجوم وتكون التهابا حول العدو الجرثومي  في كل من النماذج البشرية والفئران. وجدت الدراسة أن فترة قصيرة من الصيام في كل من الإنسان والفأر أسفرت عن تواجد عدد أقل من  Monocytes  فى الدم وانخفاض نشاط الالتهابات عمومًا.

هذه بالطبع ملاحظة مفيدة إذا تم تطبيقها على شخص يعاني من حالة التهابية مزمنة مثل الروماتيزم والربو وخلافه، ولكن يبقى السؤال عن مدى صحة القول بأن انخفاض عدد هذه الخلايا قد تؤثر بالسلب على قدرة الجسم على شفاء الجروح أو محاربة العدوى؟

 الإجابة نجدها فى دراسة أخرى قارنت التأثير المناعي للصيام قصير المدى مع الصيام طويل المدى على قدرة الفئران على محاربة العدوى. وقد وجد أنه في حين أن الصيام قصير المدى (أقل من 24 ساعة) لا يضر إطلاقًا بقدرة الحيوان على شفاء الجرح أو محاربة العدوى، فإن الصيام الأطول بدأ بالفعل في إحداث مشاكل. عند تجويع لمدة 48 ساعة قبل إصابة الجلد أو إحداث العدوى، لوحظت اختلالات كبيرة فى استجابة للجهاز المناعي للحدث.

المراجع:

S Jordan et al. : Dietary Intake Regulates the Circulating Inflammatory Monocyte Pool.

Cell. https://bit.ly/2KiiSIj

N Collins et al.: The Bone Marrow Protects and Optimizes Immunological Memory During Dietary Restriction

Cell. https://bit.ly/2KiiSIj

F Cignarella et al.: Intermittent Fasting Confers Protection in CNS Autoimmunity by Altering the Gut Microbiota.

Cell Metab. https://bit.ly/3czWWEi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى