ما الفرق القانوني بين القتل العمد، والضرب المفضي إلى الموت؟

المحامي أحمد عبد العال | مصر

هناك خلط كبير بين جريمتي القتل العمد والضرب المفضي إلى الموت لأن النتيجة للجريمتين واحد وهو – إزهاق الروح – ، والفرق بين الجريمتين يتضح جلياً في القصد الجنائي والمتمثل في نية المتهم من الاعتداء، فإذا اتجهت نية وإرادة الجاني إلى قتل المجني عليه توافرت جريمة القتل العمد وإذا لم تتوافر النية والإرادة للقتل فلا تقوم جريمة القتل العمد. وفيما يلي نستعرض الفرق بين جريمتي القتل العمد وأركانه، والضرب المفضي إلى الموت وأركانه، وعقوبة كل منهما.

  • القتل العمد

تنص المادة ” 392 من القانون الجنائي”  على ما يلي: “كل من تسبب عمدًا في قتل غيره يعد قاتلا ويعاقب بالسجن المؤبد …” وتكون جريمة القتل العمد قائمة طبقا لهذه المادة،  اعتداء إنسان عمدا بغير حق على إنسان آخر عن عمد وقصد نتج عنه الوفاة مهما كانت الوسيلة المستعملة .

نستخلص مما تقدم بأن للقتل العمد ركنين وهما :

  • أولا: الركن المادي: وقد عبر عنه المشرع بـ “التسبب في قتل شخص للغير” ويعتبر القتل العمد من جرائم النتيجة التي تقتضي وجود نشاط إجرامي و نتيجة إجرامية و تجمع بينهما علاقة سببية .

ويتطلب السلوك الإجرامي لجريمة القتل العمد ارتكاب الجاني فعلا ماديا وإيجابيا يكون هو السبب في إزهاق روح الضحية ، ولا يهم شكل أو وسيلة العنف المادي المجرم هنا وهذا يعني ضرورة توفر ثلاثة عناصر تقليدية في الركن المادي للجريمة بصفة عامة، وتتمثل في فعل الاعتداء على الحياة يؤدي إلى نتيجة إجرامية هي وفاة المجني عليه، وقيام العلاقة السببية بين الفعل الإجرامي .

  • ثانيا: الركن المعنوي : والركن المعنوي في جريمة القتل العمد هو القصد الجنائي ومعناه أن تتجه إرادة الجاني إلى إتيان النشاط الصادر منه (إيجابيا كان أم سلبيا) وإلى النتيجة الإجرامية المقصودة من ذلك النشاط التي هي إزهاق روح المجني عليه. فجناية القتل العمد لا تقدم قانونا ولا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عن قصد وعمد

حيث أن الفعل الذي يفضي إلى إزهاق الروح يتأثر بمدى اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث النتيجة أم لا .

ولابد أن تتجه إرادة الجاني إلي قتل المجني عليه، فإن لم تتوافر هذه النية الخاصة فلا تقوم جريمة القتل العمد، والقول بتوافر نية القتل أو انتفائها من شأن قاضي الموضوع، فهي أمر خفي وظاهرة نفسية يستدل عليها بالمظاهر الخارجية والظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.

ويجب  علي المحكمة أن تثبت توافر هذه النية صراحة واستقلالا، والمظاهر الخارجية التي يستدل بها علي نية القتل عديدة فقد تكون استعمال آلة قاتلة، أو إصابة المجني عليه في موضع من جسمه يعد مقتلا وغيرهما من المظاهر التي تدل دلالة يقينية في تقدير المحكمة علي توافر نية القتل .

  • عقوبة القتل العمد

وتصل عقوبة القتل العمد إلي الإعدام إذا كانت مع سبق الاصرار والترصد أو بالسم أو إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخري أو كانت تنفيذا لغرضي إرهابي

جعل القانون عقوبة القتل العمد هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ” المادة 234/ 1من قانون العقوبات”.

 وإذا اقترن القتل العمد بظروف مشددة كانت عقوبته الإعدام، والظروف المشددة التي أخذ بها المشرع المصري ستة: سبق الإصرار والترصد، والقتل بالسم، واقتران القتل بجناية، وارتباطه بجنحة، ووقوع القتل أثناء الحرب على الجرحى حتى من الأعداء .

  • أما بالنسبة للضرب المفضي إلى الموت

فالجاني لا يقصد بالاعتداء على المجنى عليه بالضرب أو الجرح ازهاق روحه، ولكن أدى هذا الاعتداء إلى الموت.. نوجز هذا النوع من الجريمة إيجازا يتلاءم مع مقصدنا على النحو التالي:

  • أولا: أركان هذه الجريمة:

بيَّن شراح القانون أن جريمة الضرب المفضي إلى الموت تتطلب توافر ركنين: أحدهما: مادي، وهو يقوم على ثلاثة عناصر:

  • فعل الضرب أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة .
  • ثم موت المجني عليه.
  • وقيام رابطة السببية بين الفعل والنتيجة “الموت “

وثانيهما:معنوي، وهو يقوم على أمرين: أحدهما إيجابي، والآخر سلبي:

أما الأول: فهو أن يكون لدى الجاني قصد ارتكاب الضرب.

وأما الثاني: فهو ألا يكون الجاني قد قصد ارتكاب القتل.

وبعد أن بينا أركان جريمة الضرب المفضي إلى الموت، ننتقل إلى العقوبة في القانون.

  • ثانيا: عقوبة الضرب المفضي إلى الموت:

إن الضرب المفضي إلى الموت باعتباره عملا غير مشروع يترتب عليه مسئوليتان كغيره من الأعمال غير المشروعة؛الأولى:المسئولية الجنائية، وجزاؤها العقوبة، والثانية: المسئولية المدنية، وجزاؤها التعويض:

أ- جزاء المسئولية الجنائية لهذه الجناية:

وتقضي “المادة 236 من قانون العقوبات” بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع لكل من جرح أو ضرب أحداً عمداً أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكنه أفضى إلى الموت، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن.

وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، فإذا كانت مسبوقة بإصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد.

ب- جزاء المسئولية المدنية لهذه الجناية:

كما قضت المادة “164/ 1/ من القانون المدني “على أن” الشخص يكون مسئولا عن أعماله غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز، فالعمل غير المشروع باعتباره مصدرا من مصادر الالتزام يؤدي إلى أنه يثبت لمن وقع الضرر عليه حق المطالبة بالتعويض العادل عما أصابه من أضرار بسبب الفعل غير المشروع الواقع عليه”.

ولا نريد أن نطيل في بيان الفرق بين المسئوليتين، ويكفي أن نبين أن جزاء المسئولية الجنائية يكون حق المطالبة به للنيابة العامة باعتبارها ممثلة للمجتمع، أما المسئولية المدنية فإن هذا الحق يكون لمن وقع عليه الضرر، كما أنه لا يجوز الصلح ولا التنازل في الأولى؛ لأن الحق فيها عام للمجتمع، ويجوز ذلك في الثانية؛ لأن الحق فيها خاص للفرد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى