الأديبتان السوريتان صباح سعيد السباعي وليلاس زرزو (وجها لوجه)
سوريا | ليلاس زرزور
ولدت في مدينة حمص حائزة على ليسانس اللغة العربية وآدابها صدر لها ست مجموعات قصصية ( حروف السحاب – همس السَحر – من أقصى القلب – وهج مجرات بلورية – معارج البوح – يمرّ طيفهم، و رواية للساقية شبابيك – رواية أصوات بوجوه تم طبعها بإشراف الناقد الاستاذ الأديب والشاعر محمد دحروج ، ومجموعة قصص قصيرة، و رواية قيد الطبع. لها كتابات منشورة في مجلات ورقية والكترونية ومواقع التواصل في منتديات أدبية. ولها مشاركة في كتاب روائع صفوة الأدباء الذي جمعه وأعدّه الدكتور إبراهيم الرفيع. وقد كتب عن بعض النصوص كبار الأساتذة والأدباء وقد نالت مجموعتها القصصية همس السحر دراسة أكاديمة من قبل الدكتورة منى بشير، البناء الفني في مجموعة همس السحر مقاربة أسلوبية، في مجلة محكمة بالجزائر. ويقوم الدكتور جاسم خلف الياس بدراسة لإنتاجها الأدبي في موسوعة عن الرواية والقصة القصيرة .. وكان لنا معها هذا الحوار الجميل الماتع …
لكل كاتب طفولة راعفة بالحب والشوق فما هي أبعاد طفولتك ؟ وكيف التقى بكراسة القصة والرواية ؟
أول لقاء مع الحياة وجدتُ حولي الكتب والمكتبة كان والدي رحمه الله قارئًا نهمًا، يتقن أربع لغات متبحر بالعلم والثقافة والفن. استمعت إلى قصص العربي الصغير منه، قبل أن أتعلم القراءة والكتابة.. وجدتني أمسك الكتاب وعمري لا يتجاوز العشر سنين، أقرأ وأحيانًا كثيرة لا أفهم ما أقرأ فأسأل والدي… وبدأ خيال القلم على دفاتري… وتطورت بعدها الحكاية لأصوغ نصوصًا اطلع عليها أساتذتي وبعض الأصدقاء وشهدوا لي هكذا كانت البداية.
الحب والشوق والوطن والحنين هي مفردات الكاتب فما هي مفردات كتابتك ؟
للكلمة أجنحة للكلمة قلب لا أعرف رصف مفردات للاستعراض، هي سهلة فيها المجاز والخيال والواقع والإنسان… الوطن هو الروح والقلب، مانقدمه من إنجاز قليل أمام عظمته.
لكل أديب بعد يميزه عن الآخرين فما هي أبعاد نصوصك؟
سؤال قد يجيب عنه القارئ حسب رؤيته والناقد، أستطيع القول، أجمع شروق شمس الحياة وغروبها في سلة الإنسان فهو الأساس، أقطف ثمار الحنين المتساقطة من القلوب وأرسمها على السطور.
رقص غجري
قُتلتْ؛ حين سُرق كحل عينيها بكمشة خدوش ودم، ذات يوم رأيتها تشتري قلم حمرة بشعر مصفف بأناقة. نظرتْ لي مبتسمة: هكذا نحن النساء، ليس عليكَ إلا نبش التأويلات بين الحقول اليابسة.
قُتلتْ وهي تدفنه في الحديقة، ذات يوم رأيتها تطوف حول مقبرة المدينة، ثم عادتْ إلى السوق تشتري حزمة تحويل فرح، التفتتْ نحوي وقالت: للأسف سقطت محفظتي في قلب الحديقة.
مات أحدهم، حين كان يجيّر كل حديث وحادثة لصالحه، حين كان يفتح مغارة فمه ويدلق الشتائم راميًا الانتقادات على الكون، على المؤذن على الشجرة على الصبح الصغير، ذات يوم رأيته بكامل أناقته يقود سيارته، لا يعرف أنه مات.
أُصبتُ في مقتل؛ بأن قررتُ أن أحبّ، فتكاثرت الغيوم
وقهقهتْ مفكرتي، على الطاولة قطع صغيرة مبعثرة، أصطدم بصوت فرّامة الأيام، أبتعد كثيرًا، لا أحبّ أن أتحول إلى أجزاء.
ماذا سيقول المغني إذا انتحرت الكلمات والألحان؟
من ترى من االكتاب في عصرنا من يستحق لقب كاتب وماهي صفات الكاتب الفذ؟
لكل مؤلف وكاتب بصمة مميزة وأبعاد… الكاتب الفذ، هو الذي يكتبنا، ويقول ما عجزنا أن نقوله، هو نبوءة واستقراء دون تكلف.
النص يحمل بعدا ذاتيا وبعدا وطنيا وبعدا انسانيا هل حدثتنا عن ابعاد قصصك ؟
يتداخل البعد الإنساني مع نواحي الحياة، أما الجانب الذاتي فهو انصهار مع لقطات أراها، حين نكتب عن الحب أو الفراق أو الحزن، ليس بالضرورة هو نحن هو حالة ذهنية متوهجة، قدح شرارة في العقل يسافر فيها عبر الخيال وفي عمق الواقع، ذخيرته اللغة وقاموسها، يعبر المحطات بأسلوب خاص.
ما رأيك بالمسابقات الأدبية؟
هي مجال متاح للمنافسة الأدبية وللتعريف عن المؤلف أو الشاعر… لست ضدها بالمطلق ولست معها.
كيف نكتب القصة أو الرواية وماهو تصورك وطرق التعبير عنه؟
هي تكتب نفسها، وهي ترسم خطوطها أقصد تتابع الأفكار في الذهن أو الأحداث في الحياة، هي فعل يتطلب التركيز لأنها قصيرة وكتابة القصة قصة ليس بالأمر السهل، في مضغوطة تحمل أبعادها الكبيرة بسطور قليلة، بطلها مجازي، يبحث عنه القارئ ربما يجد نفسه هو البطل. أو لابطل رئيسي فيها، تكثيفها يأكل الحوار الطويل. لا تتحمل تعدد الأبطال. قد تكون حديث نفس، أما الرواية فهي: مساحة واسعة يلعب فيها الزمن دورًا أساسيا والمكان، الحوار متعدد فيها، بين حوار داخلي أو بين الأبطال، الحبكة فيها مهمة، مجالها واسع جدًا… قابلة لشخصيات كثيرة، أساسية و ثانوية، فيها تداخلات وانفعلات، وتصادم احيانًا وبعض الروايات قد يصل عدد صفحاتها إلى أكثر من مئتين صفحة.
ماهي الشروط التي ينبغي أن تتوفر للكاتب الناجح؟
أن يكون صادقًا، متعمقًا، يملك أدواته بتمكن، أي اللغة يملك بعدًا إنسانيًا، يحمل رؤية ما.
ما رأيك بمصطلح أدب ذكوري وأدب نسائي ؟
أؤمن بالأدب والجمال بغض النظر من هو المؤلف أو الشاعر، لا أحبذ مصطلح أدب ذكوري وأدب نسائي.
ما رأيك بمستوى الحركة الأدبية الراهنة في وقتنا المعاصر ؟
حسب ما تمر به بلادنا العربية وظروفها، أرى أنها نشطة وتحاول أن تتطور.
ما رأيك بالنقد ؟ وهل أنصفك ؟
النقد تحليل وتفكيك وقراءة جديدة للنص من خلال الغوص بين السطور، وأبعاد المفردات، النقد منهج وليس ذوقًا شخصيًا. أؤمن بالنقد البنّاء، الحمد لله هيأ الله لي أساتذة سامقين وبهم أكبر، والدكتورة منى بشير قد قامت بدراسة لمجموعتي القصصية همس السحر. والدكتور إبراهيم الرفيع قد قدّم لمجموعتين قصصيتين لي.
ما رأيك بمكانة المرأة العربية ؟ هل نالت حقوقها أم أنها مازالت تعاني وينقصها الكثير ؟
سؤال ذو شجون، المرأة تكافح في بيتها وفي تربية أولادها، وفي العمل، تجاهد لتثبت وجودها.
يقال أن الكاتب يكتب بحبر الروح مامدى صحة هذا الرأي ؟
نعم صحيح صحيح حوار مجنون
مرّ من هناك عازف ناي، يرافقه عازف جيتار، وقت الغروب.
مرّ من هنا أطياف تشبهنا وتحمل تغيّرات تحتاج تمحيصًا، عند المنعطف يقف بعض أهالي الحيّ، يهرولون إلى بيوتهم، كل واحد يروي مارأى بعضهم قال:
شياطين الراقصات تتجوّل في الشارع يدعوننا لحضورهن.
وآخر قال:
أرواح أمواتنا اشتاقت لنا، أما الأخير فقال:
كائنات فضائية تشبهنا.
هذا ماوصلني من قولهم، أمّا الباقي فلا أعرف فيقطع حديثي صديق:
مررتُ أعزف الناي من وقت بين قريب وبعيد، تلتفّ مشنقة على نغمي، وتقول مرّ من هناك عازف ناي!؟
لم تستغرب صمتها، لم تسأل، كل مافعلته قمت بدور الراوي، هل كنتَ تعلم أنني كنتُ أنا؟
أمّا عازف الجيتار فكان شبابي الذي استدرجه الفناء، وأنا أبحث عن صورتي.
في لعبة الحياة؛ لابدّ من ممثل وراوٍ، أتستطيع أن تأخذ دوري لساعة؟ حينها سنبكي أنا وأنتَ.
ستسألني من أنتَ؟ وأسألك كيف أنتَ؟
سيندسّ القلق بين الليل والنهار، ونبقى في انتظار قافلة.
هل أثرت التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعي على تطور الأدب أم أنه أساء له ؟
وسائل التواصل الاجتماعي صارت جزء من حياتنا، هي نافذة للعالم للتقنية للإطلاع على إنتاج الآخرين الأدبي والفكري والعلمي. ساعدت على انتشار أسماء كبيرة من بلدان بعيدة. ولها وجه آخر سلبي، قد أساء البعض استعمالها.
همسة في أذن الكتاب على كثرتهم ؟
الكاتب هو من يكسر الجليد، هو من يسلط الضوء على الزوايا المعتمة يسبر الأعماق، يحوّل قلقه لسطور من ماء ليغسل تراكم غبار الحياة.
كلمة أخيرة تحب أن توجهها للقراء ؟
على القارئ أن يقرأ بدون أفكار مسبقة، أن يعيش الخيال، ويتعمق في الأبعاد ليجد نفسه في أحد الشخصيات، أو في فكرة تراوده، فالقصة أو الرواية خلق جديد وسبر لعله يعرف ذاته. لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذة ليلاس زرزور على هذا الحوار. والشكر الجزيل لمن سيقرأ فإن نلتُ القبول فلكم التحية وإن جانبتُه، فتقبلوا مني الاعتذار فمن عنده قنديل ليضيء الفكرة تكون هي الهدية، بكم نكبر بكم نكون.
شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي ..