قراءة لآليات المقاربة المعلوماتية عند د. محمد نجيب التلاوي

 د. محمد سمير عبد السلام – مصر 

msameerster@gmail.com

التوثيق، والتجدد، والتجانس في بنية الخطاب النقدي 

يؤسس الناقد المصري الدكتور محمد نجيب التلاوي لمقاربة نقدية معلوماتية؛ نظرية، وتطبيقية في دراسته المعنونة ب “تحفة النظارة في عجائب الإمارة، مقاربة معلوماتية”(1)؛ وهي دراسة نقدية إلكترونية قدمها الناقد حول رواية الروائي الأردني د. محمد سناجلة الرقمية التي عنونها ب “تحفة النظارة في عجائب الإمارة، رحلة ابن بطوطة إلى دبي المحروسة”؛ ومن ثم تسعى الدراسة لمواكبة نتاج الرواية الرقمية؛ وشريحة القراء / المتفاعلين المهتمين بالتواصل عبر الوسائط الإلكترونية، وتتبع الروابط، والأيقونات،وملفات الفيديو، ومؤثرات الجرافيك، وغيرها؛ وقد بدت المواكبة النقدية للرواية الرقمية مبدئيا في كونها منشورة عبر موقع الدكتور محمد نجيب التلاوي على الإنترنت؛ ومن ثم فنحن أمام خطاب نقدي تتداخل في بنيته أصداء لحظة الحضور؛ والتي تتعلق بتطور الثورة المعلوماتية حول الكلمات، والأماكن، والكتب، والمذاهب، والألعاب، والكواكب، وعناصر الطبيعة، والآثار، والتواريخ؛ إذ إن لكل موضوع جزئي من المجالات السابقة صفحات معلوماتية شارحة، ومبسطة، وتناسب القارئ الإلكتروني المتعجل في بحثه الدينامي عن سيل من المعلومات المتدفقة التي تتعلق باهتماماته الوقتية المتغيرة؛ ويأتي الخطاب النقدي المعلوماتي – طبقا ل د. محمد نجيب التلاوي – محملا أيضا بتراث الخطاب النقدي المنهجي الذي يذهب لما وراء الوظيفة التوثيقية للعمل؛ فهو يعمق رؤيته المنهجية المقترحة بنتاج النقد الموضوعاتي، والسيميولوجيا، والتحليل البنيوي، وشعرية النوع، ودراسات التلقي؛ وأرى أن هذا التراث النقدي المنهجي لا يمكن فهمه إلا من داخل نوع من التجانس البنيوي الداخلي ضمن المنهجية المقترحة للمقاربة المعلوماتية؛ فالأدوات المنهجية المستعادة من التراث النقدي الأسبق للمقاربة، تتفق مع روحها التوثيقية عبر فعل إكمال، يسعى إلى التجانس الداخلي، والمواكبة لطبيعة العمل الدروس؛ وهو هنا الرواية الرقمية لدى سناجلة؛ فالخطاب النقدي يستعيد التراث المنهجي؛ لينتج لغة وصفية لسيمياء الرواية الرقمية الجديدة لدى سناجلة، والتي تقوم على الروابط، والجرافيك، وحركة الماوس، والإضاءة، والفيديو، وتغير وظائف الراوي، والقارئ المتفاعل المحتمل؛ ويؤسس الخطاب النقدي أيضا لدراسات معلوماتية مستقبلية، تهدف إلى تجديد الخطاب النقدي في توصيفه المعلوماتي للعمل من جهة، والسعي إلى إحداث مواءمة مع بعض المنهجيات النقدية السابقة تعمق الأساس التوثيقي المعلوماتي من جهة أخرى.

يتوجه الخطاب النقدي / المعلوماتي طبقا ل د. محمد نجيب التلاوي – عبر فعل التواصل في بنية الخطاب – إلى متفاعل أو متلق، يبحث عن مقال معلوماتي حول الشيء / الموضوع / العلامة من داخل توثيق نصي دقيق، ووجود روابط تحيله إلى القراءات الموسعة عن الشيء؛ وهو أيضا متفاعل يبحث عن الدلالات النقدية العميقة التي تنبني على التأسيس المعلوماتي، وتتجاوزه في آن؛ ومن ثم يسعى الخطاب النقدي لمواصلة الاستنطاق النقدي المنهجي للعمل عبر تأسيس معلوماتي توثيقي، وعبر وسيط الكمبيوتر، والاتصال بالإنترنت؛ لتعميق الرؤية، والبحث عن قراءات موسعة، أو مشاهدات، والعودة لقراءة الرؤية النقدية مرة أخرى.

وقد لاحظت – في قراءة خطاب النقد المعلوماتي ل د. محمد نجيب التلاوي – التعددية، والتعقيد البنائي في تناول الهويات، والوظائف الفنية، وتوصيفها؛ فالناقد المعلوماتي، كثيرا ما يقوم بدور السيميولوجي في توصيفه للأيقونات، والصور، وعلامات الإضاءة، أو يقوم بدور الناقد الذي يحصي الروابط بنائيا، أو يقوم بتوصيف مؤلف الرواية د. سناجلة كمؤلف، وكمخرج لعرض رحلة الراوي؛ وقد التفت الخطاب النقدي أيضا إلى تعقيد وظائف الراوي؛ فهو مستعاد من التاريخ، ويحمل حضورا خياليا آخر لشخصية ابن بطوطة، ويندمج بلحظة واقعية في إمارة دبي المعاصرة؛ ومن ثم يشير الخطاب النقدي ضمنيا إلى راو ممتزج بحالة ارتحال أدائي / افتراضي؛ فهويته ليست هي هوية الحكاء المشغول بعلاقته بشخصياته عبر مفهوم وجهة النظر؛ وإنما نعاين ذلك الراوي – في الخطاب – كمرتحل أدائي عابر للزمكانية؛ وكثيرا ما يشير الخطاب النقدي إلى توصيف المتفاعل؛ وقد يحمل هذا المتفاعل الذي يتجول – عبر مواقع الإنترنت – بالماوس، بعض السمات القديمة التي كان يشير إليها جيرالد برنس بتعبير المروي عليه الذي يتشكل عبر منطق الحبكة، أو الإشارات المشتركة مع الراوي؛ ومن ثم سنلاحظ أن استخدام الناقد لتعبير متفاعل، يدل على اكتساب مدلول المروي عليه – طبقا لبرنس – دلالات مكملة أو مضافة تتعلق بتعميق وظيفة الأداء في بنية المروي عليه أيضا؛ فالمؤلف يصير مكتسبا لسمات تتعلق بهوية المخرج للفيلم، أو ترابط الصور، والراوي يصير منخرطا في الأداء / الارتحال الافتراضي، والمروي عليه يكتسب حالة من التفاعل الأدائي المواكب لرحلة الراوي؛ فكل من الراوي، والمروي عليه – يحمل نوعا من التواطؤ الإيجابي نحو العالم الافتراضي؛ أما الناقد؛ فهو أيضا يقوم بالتأسيس المعلوماتي، واسترجاع هويته الأسبق كسيميائي، أو بنيوي، أو موضوعاتي.

ويمكننا استنتاج ثلاث جمل خطابيه تقع فيما وراء النص النقدي؛ وهي النقد المعلوماتي يوائم دراسة الرواية الرقمية بدرجة أكبر، والمقاربة المعلوماتية لا تكفي وحدها؛ وإنما تستدعي مداخل نقدية أخرى مكملة، وتلك المناهج النقدية الأخرى لا يمكن فهمها إلا في كونها تتبع بعض العلامات، والاصطلاحات الأولى التمهيدية في مدخل المقاربة المعلوماتية.

وأرى أن بنية التجانس – في خطاب النقد المعلوماتي عند د. محمد نجيب التلاوي – تتجلى من خلال مفهوم الأنافورا في دراسات الخطاب، ودراسات اللسانيات التداولية المعاصرة؛ والذي يتصل بقراءة اللواحق، وتأويلها – في بنية الخطاب – عبر علاقتها بالسوابق، أو الإشارات الأسبق، والتي توحي بتناغم الخطاب؛ والأنافورا في موسوعة راوتليدج للتداوليات تتصل بتناسق بعض البنى المعرفية، والسياقية، والدلالات اللغوية، وقد تأتي طبقا لبعض الجمل البسيطة، أو المعقدة في تصور غريس، أو في مراوحات المحادثة، أو في دراسات الخطاب؛ وفي تحليل الخطاب قد يتصل اللاحق بالسابق بطرق عابرة لحدود الجملة (2).

هكذا تتخذ الأنافورا طرائق ارتباط تأويلية عديدة؛ وتتسع – بصفة خاصة – في علوم تحليل المحادثات، وعلوم تحليل الخطاب.

وقد أشار كين سافير – في كتابه نحو الأنافورا – لكثير من العلاقات التي تتأسس على مبدأ الأنافورا؛ كما يمكننا قراءة المجالات الدينامية للخطاب، وتحولاتها المستقبلية الممكنة طبقا لدينامية مكونات الخطاب في تصور باربارا جونستون في كتابها تحليل الخطاب.

يرى كين سافير – في كتابه نحو الأنافورا – أن المكونات الجزئية للخطاب قد تتعين بوصفها بنى تفسيرية متنوعة، ومختلفة، بخلاف المكونات الجزئية المنفردة التي لا تتصل بعملية التقارب التفسيري؛ ويؤكد أن المكونات الجزئية قد تتضمن علاقات التمثيل، والتأويل، والانعكاس؛ ومن ثم يمكن انتخاب أحدها، أو بعضها، أو التقليل من دور تمثيلات بعينها في تلك الخوارزمية التي تقوم على علاقة التفسير.(3)

يؤكد كين سافير – إذا – الثراء اللغوي المحتمل لعلاقة اللواحق بالسوابق في المحادثات، وفي بنية الخطاب ككل؛ وإمكانية انتخاب علاقات تقارب تفسيري، تقوم على مجموعة من العلاقات الدلالية المحتملة بواسطة محلل الخطاب؛ ومن ثم يمكننا قراءة بنية التجانس في الخطاب النقدي عند د. محمد التلاوي عبر علاقة الأدوات المنهجية التي استخدمها في تعميق البنى الدلالية المكملة للنزوع التوثيقي في مقاربته المعلوماتية عن رواية د. سناجلة؛ إذ يمكن رؤية التطبيقات النقدية الأخرى ضمن علاقاتها اللغوية البنيوية المتضمنة في الخطاب، مدى اتكاء الخطاب على تعبيرات بعينها مختارة ومكررة، أو على قواعد تركيبية أكثر حضورا في المقاربة المعلوماتية، وتواترت – طبقا لمبدأ التجانس – لاحقا في الخطاب النقدي المنهجي.

يشير خطاب د. محمد التلاوي النقدي / اللاحق إلى تجلي صورة الصقر كتيمة فنية، أو كصورة مكررة ملحة في رواية د. سناجلة؛ ويربطها بدال الأمير محمد بن راشد آل مكتوم حاكم مدينة دبي، وبفعل التحليق، أو الحماية، وإبراز الجانب الحضاري لدبي كما ورد في رحلة ابن بطوطة الخيالية في الرواية؛ وقد جاء هذا الجزء الخاص باستعادة النقد الموضوعاتي تاليا لجزء توثيقي سابق أشار فيه الناقد إلى الصقر ضمن موضوع التوثيق المعلوماتي للأيقونات، والأيقونات النصية في عمل د. سناجلة؛ وقد ربط الناقد صورة الصقر بالصفة المفتاح كما هي عند العقاد؛ فالصقر يشير إلى القوة، وحدة البصر.

وإذا تأملنا المقطع اللاحق الخاص بتجلي صورة الصقر كتيمة، أو كصورة ملحة في الرواية سنجد أن النقد الموضوعاتي قد جاء ضمن علاقة لا يمكن فهمها، أو تفسيرها إلا بالعودة إلى التجلي الأول للصقر في التوصيف المعلوماتي للأيقونة؛ ومن ثم يمكننا البدء في تكشف العلاقات التفسيرية للاحق انطلاقا من الأسبق وفق مبدأ الأنافورا؛ فالصورة الأولى للصقر – في بنية الخطاب – قد اتصلت برؤية ترتكز – بدرجة رئيسية – على الكشف عن الأيقونات، والوسائط التي صاحبت السرد الروائي؛ مثل الروابط التشعبية، والجرافيك، والأوتجرفي، والوسائط السمعية، والبصرية الأخرى، أو حضوره كأيقونة مباشرة رئيسية في العمل؛ وسنلاحظ أن علامة الصقر قد اقترنت – في الجزء المعلوماتي الأول – مرة واحدة بتعبير التيمة، ومرة أخرى بتعبير السيميولوجيا بصورة عارضة؛ ولكنه برز كتيمة تصويرية لها دلالات عميقة في الجزء الذي تجلى فيه ضمن خطاب النقد الموضوعاتي / التالي؛ فتكررت كلمة الصقر ثلاث مرات، فضلا عن استخدام صفة الكثرة؛ مع التنوع الدلالي؛ وكأن خطاب د. محمد التلاوي يريد أن يوحي للقارئ أن النقد الموضوعاتي يعمق التوثيق المعلوماتي الأول من داخله؛ فلا يوجد أي نوع من التعارضات المنهجية؛ لأن المقاربة المعلوماتية تتأسس على مبدأ التجانس مع الموضوعاتية، والسيميولوجيا، وبعض أدوات التحليل البنيوي؛ ويمكننا أيضا ربط تيمة المفارقة بين صورتي الصحراء، والتمدن، أو مدلولي الرؤيا، والرؤية في تناول الخطاب النقدي للمفارقة كتيمة فنية، والتوصيف المعلوماتي الأول للمؤثرات الضوئية، وربطها بجماليات المكان؛ وكأن توصيف المؤثرات، سيسهم في إحداث المفارقات بين الخيالي، والحقيقي، والصحراء، والصورة الفائقة المتناغمة للتمدن في دبي المعاصرة؛ ومن ثم تمهد المقاربة المعلوماتية لتحليل فكري أعمق، أو لتشكيل ثيمة فكرية فنية بصورة نقدية تتصل بوسيط الضوء اتصالا بنيويا؛ فتوصيف الضوء يمهد، ويفسر منطق ورود هذه المفارقات كتيمة فنية مختارة في الخطاب النقدي.

وقد جاء التحليل السيميولوجي اللاحق – في خطاب د. محمد نجيب التلاوي – مرتكزا على السيمياء المرئية، والمادة الفيلمية المصاحبة في عمل سناجلة؛ والتي تبرز حضارة دبي المعاصرة كأحد عجائب الدنيا؛ ويتصل هذا الجزء بالجزء الأسبق الخاص بالتوثيق المعلوماتي للعالم الافتراضي في العمل؛ والإيهام في بنية دبي الجمالية، والخيال المتصل بعودة ابن بطوطة؛ وكأن المقاربة المعلوماتية تمهد لدخولنا عالم العلامات، والتحليل السيميولوجي المحتمل للصور الفيلمية التي تؤول ضمن العوالم الافتراضية الأولى التي أشارت إليها المقاربة المعلوماتية؛ والتي تؤكد مبدأ الأنافورا، وتجانس السيميولوجيا مع خطاب النقد المعلوماتي.

ولا يمكن فصل تصنيف د. محمد التلاوي لعمل د. سناجلة بأنه رواية وثائقية رقمية قصيرة إلا بالربط بين شعرية التجنيس بالإسهاب المعلوماتي الأول في توصيف الوسائط، والأيقونات الوفيرة في رواية سناجلة؛ فمثل هذا التوصيف الجزئي يحتاج لدراسات شعرية النوع؛ كي تكمل حل الإشكالية النقدية الخاصة بعبور الرواية لما وراء السردي، أو ما وراء اللغوي.

ولا يمكن الفصل أيضا بين تحليل د. محمد التلاوي لانواع الروابط التشعبية بنيويا – في الرواية – بصورة تفصيلية ترتكز على بنى الروابط التفاعلية، ووصف الرحلة البحرية، والأمير، والإمارة، والإشارات الأولى – في المقاربة المعلوماتية – للوسائط المصاحبة للسرد، وتكرار الإحالة إلى الروابط التشعبية التي تناسب القارئ المتفاعل، وتنقله مباشرة للعالم الافتراضي، وتناسب البنية الأفقية ما بعد الحداثية؛ ومن ثم تفسر المقاربة المعلوماتية حضور تحليل الروابط، واتصالها – في الدراسة – ببنى فنية لاحقة؛ يكشف عنها الخطاب النقدي؛ ليبرز أهميتها؛ ويؤولها بالعودة إلى تجليها كوسيط أساسي – مضاف إلى السرد – في الرواية الرقمية.

ويكشف خطاب النقد المعلوماتي – عند د. محمد نجيب التلاوي – عن دينامية مكونات الخطاب، وإمكانية تحولها، أو تأسيسها لرؤى، وسياقات أخرى محتملة في المستقبل؛ ويمكننا قراءة هذا الملمح تفصيليا من خلال تصور باربارا جونستون – في كتابها تحليل الخطاب – إذ ترى أن كل مجال من مجالات الخطاب يسهم في بناء النص، ويصير مادة للتحديد، ومصدرا للإبداع في آن؛ مثل أصوات المتحدثين في عملية التواصل، وتشكيل العلامات، والتناول المرن للهويات الذاتية؛ وتؤكد باربارا جونستون دينامية تشكل مكونات الخطاب، وتطورها في تشكيل السياق للخطاب، وإسهام الخطاب في إنتاج السياق؛ وتمثل لذلك بالرسوم الفرعونية التي كانت تدرج في منظومة للخلود، وتبلورت حاليا في التشكيل، والديكورات المعاصرة؛ وقد يتشكل الخطاب من خلال أبنية لغوية مختارة، ويسهم في إنتاج أبنية أخرى؛ وترى أن المستقبلين يسهمون في تشكيل الخطاب، ويسهم الخطاب في تشكيل مستقبلين محتملين؛ وأن الخطاب يتشكل وفق تداخل النصوص، والثقافات، والأشكال المتنوعة من الخطابات الأخرى السابقة، بينما يسهم الخطاب في تداخلات خطابية أخرى محتملة؛ كما قد يتشكل من خلال وسائط للميديا، بينما يسهم في إنتاج وسائط أخرى، أو يؤكد بعضها؛ ويتشكل وفق غرض، ويسهم في تشكيل غرض آخر بصورة تحويلية، أو دينامية (4).

وإذا قرأنا خطاب النقد المعلوماتي – في تصور د. محمد نجيب التلاوي – وفق دينامية التشكيل، والتحول للمكونات الست للخطاب كما أشارت إليها باربارا جونستون، سنجد أن خطاب النقد المعلوماتي قد تشكل في سياق التحول الثقافي باتجاه ثورة الميديا، ووفرة المعلومات، والمقالات القصيرة، ووفرة صور العالم الافتراضي، والجرافيك، والألعاب، وظهور ما عرف بالأدب الرقمي، والرواية الرقمية؛ لم يكن النقد المعلوماتي مجرد انعكاس لهذا التحول الثقافي فقط؛ ومن ثم لم يكتف بالمواكبة؛ وإنما أسهم في دمج فعل التحليل النقدي بفعل التوثيق، وأسهم في تشكيل سياق آخر، ينطوي على ظهور الدراسة النقدية إلكترونيا، وإشباعها للباحثين عن التوصيف المعلوماتي، والنقد في آن؛ ومن ثم ينزع إلى التوفيق بين عالمي المكتبة، والفضاء الافتراضي.

وقد تشكل النقد المعلوماتي في وجود شريحة من المتلقين للصورة، والمقال، والعالم الافتراضي، بينما أسهم خطاب النقد المعلوماتي – عند د. محمد التلاوي – في إضافة مجال النقد الممزوج بالمعلوماتية لاهتمامات ذلك القارئ نفسه؛ وقد تشكلت هذه المقاربة المعلوماتية من خلال توصيف وسائط مرئية، ومسموعة مضافة للسرد في رواية د. سناجلة، بينما تشكلت المقاربة نفسها من خلال موقع إلكتروني، وأحالتنا إلى مجموعة من الروابط، وأسهمت في التعزيز من الوسيط المرئي، وطرائق توصيفه معلوماتيا، وسيميولوجيا بطرائق متباينة في المستقبل؛ فطرائق تناول العلامة المرئية عديدة؛ وتواترت بصور منهجية متباينة في نتاج بارت، ودولوز، وبيرس، وغريماس، وجاك فونتانيه، وغيرهم؛ مما يوحي بإمكانية تأسيس النقد المعلوماتي لتوصيف، يتجلى كمدخل لرؤى سيميائية محتملة؛ وقد اختار د. محمد التلاوي بعض رؤى ما بعد البنيوية في المقاربة حول الرواية الرقمية؛ وقد تشكل خطاب النقد المعلوماتي من داخل مجموعة من الخطابات؛ مثل الخطاب المعلوماتي التوثيقي على الشبكة الدولية، وأشكال أخرى من النقد المنهجي؛ بينما يؤسس لشكل مختلف من التجانس المحتمل بين التفكير النقدي، والتوثيق بطرائق مختلفة، أو محتملة في المستقبل؛ وقد ارتكز الخطاب النقدي المعلوماتي هنا على لغة تجمع بين الوصف لجماليات العمل، مع استخدام الاصطلاحات النقدية قليلا في البداية، ثم اختار الناقد التوسع في إنتاج الدلالة، واستخام المناهج النقدية؛ ليعمق لغة النقد المضافة للتوثيق؛ والتي ترتبط به عن طريق بنية التجانس؛ وقد تشكلت المقاربة – في البداية – وفق غرض المواكبة لنتاج الرواية الرقمية، بينما أسهمت – بصورة دينامية – في تجديد الخطاب النقدي وفق درجة من التجانس الذي ينطوي على تنوع داخلي.

هوامش الدراسة 

(1) راجع، د. محمد نجيب التلاوي، تحفة النظارة في عجائب الإمارة، الرابط:

https://5fb5c7ef8975c.site123.me

(2) Read, The Pragmatics Encyclopedia, Edited by: Louise Cummings, Routledge, New York and Canada, 2010, P. 8, 9.

(3) Read, Ken Safir, The Syntax of Anaphora, Oxford University Press, New York, 2004, P. 233, 234.

(4) Read, Barbara Johnston, Discourse Analysis, Johne Wiley, Sons, Inc, 2018, p. 8, 9, 10

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى