في حضرة الموسيقى

سجى مشعل | فلسطين

الرّقص يعبّر عن انحناءات الجسد الّتي تكون انعكاسًا بشكل أو بآخر عن دواخلنا، في الرّقص خُمرة شعور غريبة جدًّا غير قابلة للقياس غالبًا، فلا مِعيار لوصف إدارة الرّأس بكمّ السّنتيمترات المُتوخّاة في ذلك الفعل، لكنّ الطّاقة الّتي تَجنيها من سماعك لموسيقى ما صاخبةً كانت أم رائقة وهادئة تجعلك تسير في موجة ما، تنجرف مع تيّار أهوجَ للمشاعر، لا يمكنك أن تحكي شيئًا أو تنبسَ بحرف واحد، قد تأفل الكلمات من لسانك، ويُعلّق البوح على غارب تلك اللّحظات، لكنْ في الوقت ذاته فإنّ جسدك يتحدّث بما لا تتفوّه به الأفواه، يبدو أنّ الكلام يفرّ ريثما تحضر الموسيقى، لكنّ الشّعور لا يمكن له أن يهرب، الشّعور حاضر، الرّغبة في الهروب من الكلمات حاضرة في الأجساد المُنحنيَة، الأرواح تألف الموسيقى وتنجذب لها بِقَدر ما تملك من مشاعر داخلها، فالمُثخن بالجراح يلجأ غالبًا لسماع النّاي أو الكلارينيت، والمُكلّل بالسّعادة يستمع إلى مقطوعات صاخبة أو رائقة صافية معزوفة بحبّ على البيانو، وفي هذا الصّدَد أخبركم جميعًا بأنّي أفضّل الصّمت على الكلام في حضرة الموسيقى أمِّ اللّغات الشّعوريّة:

فالصّمتُ أبلغُ قولًا من الكَلِم

لا حرف يمحو طعم الصّمت

في فمي

ما دار حديثٌ بيني وبيني

إلّا وحلّ السّكوت ضيفًا

ثقيل الدّمِ

يا نارَ روحي الشّعثاء إنّني

أصوم عن الكلامِ رغبةً في

حلولِ الحِلْمِ

فإنْ أُضرِمَت في الحشاسة

نارُ الاحتشادِ واكتظاظِ الألم

فوق الألمِ

فلله ما كان وما هو حاضر بين

اللّحمِ والدّمِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى