حكايتي

ياسمين كنعان | فلسطين
قررت أن أهديك كل هذا الغياب، وأن لا أكتبك!
قررت أن أتناسى حضورك، وأن أبقيك بعيدا عن تفاصيل يومي، وكنت كالنجمة الوحيدة وسط هذا الغياب، وما كنت أرى غيرك !
“لن أكتب لك “..قلت في سري، وسأعاقب غيابك بالغياب؛ ولكن أنين “التشيلو” أعادك إلي، وشكلك أمامي كلوحة مثيرة، بكل ألوانها وتفاصيلها..وأنا الحمقاء المولعة باللحن، واللون، والتفاصيل الصغيرة!
وأنت لم تكن مجرد وجه وملامح أتأملها كلما اشتقتك، أنت مجموعة من التفاصيل؛ وكل تفصيل حكاية؛ لها بداية ونهايات كثيرة..وأنا كنت أبدأ معك الحكاية كل ليلة على نحو مختلف، وأختمها على نحو ما، أو أبقيها معلقة بلا نهاية لا سعيدة ولا تعيسة!
لو تعرف ما الذي شدني هذا المساء نحو الورق، لكنت ضحكت، وربما سخرت من حماقاتي!
تذكرت هذا المساء “سميراميس”..وقررت أن تكون حكايتنا من هنا ..ستقول لي ” يا إلهي نبدأ حكايتنا من أسطورة”؟!
وأضحك وأنا أقول لك : ” لتكن..فإن أجمل ما في الحب الأسطورة”!
وتقول لي:”حلقي”..وأبدأ بسرد التفاصيل الصغيرة. وتكتشف وأنا أحكي أني أبدل مطلع الحكاية، و أغير مجرى الزمن، وأتلاعب بالمصائر قليلا !
ماذا لو قلت لك إني رأيت في منامي سميراميس؟! ستقول ” حتما تكذبين”، وأقسم لك بأصابعك التي أعشقها أني لا أقول إلا الحقيقة!
“وما الذي جاء بها إلى حلمك يا ترى”؟! تسألني..وأقول لك : لا أعرف، سمعت اسمها منك فقررت أن أدخلها في الحكاية، وقرأت عنها قبل النوم، و تأملت ملامحها..وربما أستحضرتها دون أن انتبه؛ فزارت حلمي!
ليس هذا ما يهم. ولكنها قالت لي بأنها لم تكن سعيدة لكونها أسطورة ..قالت:” اسمي معناه الحمامة، وكل ما تريده الحمامات والطيور عموما التحليق؛ هل سمعت عن حمامة كانت تسعى لتكون أميرة، أو أن يوضع على رأسها هذا القيد اللامع المذهب الذي تطلقون عليه تسميات غريبة..تاج الملكة أو الأميرة، مملكتي هناك في مشاع الأزرق”!
وانتفضت من نومي مرعوبة؛ حتى هي كانت مهوسة مثلي بالأزرق؛ وخشيت أن تنازعني على قلبك، وقررت أن أقتلها، وفكرت طويلا كيف أقتلها..وفي النهاية قررت أن أكتبها كي أقتلها؛ أن أدخلها الحكاية؛ حكايتنا وأقتلها هناك !
رفعت حاجبيك مستغربا..قلت لك : لا تشغل بالك تلك قصة طويلة وعادة من عاداتي القديمة؛ أقتل بجرة قلم، أدخل من أشاء حكايتي وقد أمنحه الخلود، وقد أقتله هناك دون أن ينتبه.
لذلك قلت لك مرة وأنت تسألني ممازحا..”متى أدخل نصك”؟! قلت لك” عندما تموت، أو حين أقرر اغتيالك”!
قلت: ” لا أفهم “!
وضحكت، ولم أرد على سؤالك.
لكن ملامحك تبدلت فجأة واكتسى وجهك الأسمر بلمحة شفيفة من الحزن وصفرة قليلة!
أعرف ما الذي كان يدور في رأسك..كنت تفكر؛ أيعقل أن تكون كل هذه الحماقات حقيقة، وهل…
وأدركت مدى حيرتك، ومخاوفك؛ فأخذت كفك بين يدي وقبلتها، و همست لك: لا تشغل بالك يا حبيبي؛ أنت حكايتي التي لن أكتبها، والنص الوحيد الذي لن يكون أبدا شاهد قبر، ولا أسطورة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى