وثائق جديدة تكشف التضامن العربي الإسلامي بصحبة الجيلاني في مقاومة الحملة الفرنسية
طه حسين الجوهري باحث في التاريخ المصري
ضرب الشيخ محمد الجيلاني ورجاله الذين أتو معه من الحجاز إلى مصر للدفاع عنها ضد الغزو الفرنسي أروع الصور في التضامن الإسلامي والعربي.
كما ضربوا أروع الصور في البطولة والفداء. وهناك كثير من القصص والمواقف التي سجلها كثير من ضباط الحملة في مذكراتهم تشهد على شجاعة وبسالة هؤلاء الرجال. وتضحيتهم في سبيل فكرة الحرية لهم ولأوطانهم.
لقد دفع هذا العمل العظيم الذي يفخر به أبناء الصعيد خاصة من أبناء القرى التي شاركت الجيلاني في مقاومته وكان لها دور كبير في هذه المقاومة الشرسة، في البحث في وثائق الحملة القديمة ليعرف من كان صحبة هذا الرجل وما هو دوره، وكيف كانت تسير خطوات هذه المقاومة التي كانت سببا رئيسيا في خروج الخملة من مصر.
وبدأت الكثير من الأسئلة تدور في ذهن المهتمين والمتابعين الأحداث هذه الحملة وأحداث تلك المقاومة. وكانت أبرز تلك الأسئلة هل هذه المقاومة كانت مقاومة عشوائية ونتيجة لحركة عفوية في الدفاع عن الأرض والعرض أم إنها كانت حركة منظمة تقف خلفها السلطة العثمانية وسلطة الحجاز في هذا التوقيت.
ولا بد أن نعترف أن الصعيد وهو مسرح أحداث المقاومة كان يفتقر لمؤرخ أو مدون يدون تلك الأحداث العظيمة والأهوال الجسيمة التي تحدث على أرضه، وكان الرجل الوحيد الذي أخذ على عاتقه التسجيل وتدوين أخبار هذه الحملة يسكن القاهرة وهي التي تبعد عن الصعيد مئات الكيلو مترات.
لذا نذرت نفسي للبحث في هذه الفترة وفي هذه الأحداث التي تحتاج من ينفض عنها غبار السنين والأيام وحاولت أن أدقق وأن أبحث في حقيقة هذه المقاومة ورجالها وبدأت اسمع عن مخطوطات هنا ومخطوطات هناك يتناقلها أبناء الصعيد وهي تحتاج لتحقيق ونظر كبير لأن المقاومة كانت تضم بين جنباتها مختلف الجنسيات والأعراق المسلمة من عرب، وأتراك، وسودانيين، وغيرهم.
لكن أغلب هذه الوثائق المنتشرة لا تحمل إلا أسماء أهل القرى المصرية وهذا غريب بعض الشيء لأن من سيدون أسماء الشهداء أو المصابين سيكتب عنوان يحمل شهداء المقاومة او مصابي المقاومة ويضح تحته اسم جميع المصابين بمختلف اطيافهم وجنسياتهم.
وبالبحث والتنقيب داخل وثائق الحملة في الأرشيف العثماني وجدت تلك الوثيقة التي تؤكد فكرتي وتحمل الكثير من أسماء هؤلاء الرجال وهي وثيقة تتحدث عن منحة مالية منحها السلطان العثماني بعد خروج الحملة تقريبا للمشاركين فيها.
وتكشف هذه الوثيقة عن بلاد هؤلاء المقاومين واسمائهم والمبلغ الذي منحه السلطان العثماني لهم. فنجد مكتوب فيها فلان المكي وفلان المغربي وفلان التكروري وفلان الصنعاوي، وهي وثيقة تشهد على أعظم صور التضامن العربي والإسلامي في العصر الحديث في مواجهة الأخطار التي تهدد عالمنا العربي والإسلامي ما أحوجنا اليه.
كما تثبت هذه الوثيقة أن أحداث الحملة الفرنسية ما زالت حقلا بكرا ينتظر جهود الكثير من الباحثين والدارسين. لاستخراج أسرار هذه الحملة التي تعد أهم حدث في التاريخ الحديث كان له تأثير كبير على مجري التاريخ في وطننا العربي. ويعتبر حدثا مفصليا في تاريخ منطقة الشرق الوسط على الإطلاق.