قراءة في قصّة: “قراءة من وراء الزّجاج” للكاتبة نزهة الرملاوي
رفيقة عثمان | فلسطين
قصّة الأطفال ” قراءة من وراء الزّجاج، من تأليف الكاتبة نزهة الرّملاوي، صدرت عن دار الهدى للنشر، في كفر قرع. احتوت القصّة على ثلاثٍ وأربعين صفحة، من الورق السميك، والغلاف المُقوّى، وزيّنتها رسومات معبّرة للفنّانة منار الهرم نعيرات.
انتبهت الكاتبة لهذه الفئة من الأطفال، الّذين يُعتبرون مهمّشين في المجتمع، لم ينتبه لهم أحد، فسردت هذه القصّة، تلبيةً لاحتياجاتهم العاطفيّة، ومراعاة لشعورهم من الخوف والحرمان.
تناولت الكاتبة نزهة الرّملاوي موضوعًا جديدًا، وحسّاسًا على مسامع الأطفال وحياتهم اليوميّة، هدفت لإتاحة الفرصة؛ التعبرعن الذّات، وتعريف الأطفال عن الأسْر ومفاهيمه وخاصّةً الذين يعانون من الفراق جرّاء أسْر آبائهم أو أحد المقرّبين إليهم في السّجون، وبالتحديد في فلسطين، وفي القدس بشكل خاص.
كانت أميرة هي الطّفلة، الّتي عانت من فقدان والدها بأسره في أحد السّجون؛ كما عالجت الكاتبة هذه المشكلة، عندما أصرّت أميرة على لقاء أبيها؛ ليقرأ لها القصّة أمام طلّاب صفّها .
هدفت هذه القصّة لإكساب القدرة على الإصرار والعزيمة، والتغّلّب على الصّعاب والعقبات مهما كانت. تصلح هذه القصّة لأن تكون مرشدا للمرّبّين والأهالي لأبناء فقدوا أباءَهم في الأسر، وكيفيّة التعامل معهم؛ للتّخفيف من مشاعرهم الحزينة.
طغت العاطفة الحزينة على القصّة وأثقلت مشاعر الحزن على قلوب الأطفال، بتغييب الأب عن الحياة اليوميّة، ومسؤوليّة الأمّ التي تحمّلتها عند غياب الزّوج؛ كذلك دخول الطّفلة سراديب السّجن، ورؤية أبيها مكبّلًا بالأصفاد، واستحالة ملامسته أو تقبيله، ورأيي هذا أضعف من الحزن والإحباط.
أتساءل! لماذا غيّبت الكاتبة وجود الأمّ في حياة أميرة؟ عندما طلبت المعلّمة من ألطّلاب لقراءة الأب للقصّة، دون الاهتمام بقيام الأمّ بالمهمّة نفسها؟ حبّذا لو طلبت المعلّمة ان يقوم بقراءة القصّة أحد الأبوين، وليس تحديد الوالد فقط، هنا يصبح الطلب تربويّا، ولا انحياز فيه لأحد الأبوين، بل المساواة بالحقوق والواجبات نحو الأبناء. لم تبرز الكاتبة دور المعلّمة الجاد في تخفيف المشكلة الصّعبة.
في هذه القصّة ظهرت بعض المصطلحات غير المألوفة على الأطفال، ودخلت قاموسهم اللّغوي مثل: أسير – مقيّد بالسّلاسل والأصفاد – خيّم الحزن – الحافلة – شوارع مزدحمة – شرعت – شعرها المجدول – أشاطرك الألم – أستبشر خيرًا – شائقة – تحومين كالفراشة – لتضجّ السّاحة فرحًا – ابتهجن – بشائر فرح وامنيات – الأريكة – اغرورقت عيناها بالدّموع – تُطلق زفرات وحسرات الألم – توارت – رصد السّجانون – دهليز طويل – لمحت – تُحدّق – مقبض سمّاعة التلفون .
تبدو لغة الكاتبة قويّة ورزينة، تخلو من اللّهجة العاميّة، ما عدا عن الأغنية الشّعبيّة.
احتوت القصّة على صور بلاغيّة عديدة، ممّا أثرى القصّة بلغتها وجمالها، وتخلّلت القصّة الحوار العادي والحوار الذّاتي؛ كما كان الأسلوب شيّقًا بمرافقة الصّور المُعبّرة عن الأحداث.
خصّصت الكاتبة المكان في القصّة مدينة القدس بالذّات، دون تحديد الزّمن؛ نظرًا لتكرار هذه الحوادث في مدينة القدس.
وردت في القصّة لعبة شعبيّة تراثيّة للأطفال بمرافقة أغنية مثل: “طاق طاق طاقيّة…. شباكين بعليّة..” تعتبر هذه اللّعبة من التراث الشعبي الفلسطسيني، والتي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، هذه الأنشودة تعكس اللّعبة الانتماء للأرض والوطن، كذلك وردت أنشودة في نهاية القصّة “أعطونا الطّفولة ” هذه الأنشودة تعزّز الإنتماء والتعبير عن الحريّة والسّلام. دون أدنى أي شك يرغب الأطفال بهذا النّوع من الأناشيد، وخاصّة في نهاية القصص، أنهت الكاتبة القصّة بعاطفة الفرح والانبساط بأنشودة أعطونا الطّفولة، بعد العودة من السّجن.
من الملفت للانتباه بأنّ منتجة الكتاب غير واضحة، بحيث غطّت الرّسومات على العبارات، وأحداث القصّة، ممّا حجب القدرة على القراءة أحيانًا، ويحتاج القارئ الى تحليل الكلمات؛ لذا يُرجى مراجعة الإصدار قبل الطّباعة، من قِبل المؤّلف والناشر.
تناسب هذ القصّة لجيل ما يقارب من ثماني سنوات وما فوق.