ذاك الذي..

ثناء حاج صالح | شاعرة وناقدة سورية تقيم في ألمانيا

كُفِّي سُؤالاً عن جَوابٍ أَقْلَقَهْ
وابْقَيْ على شَفَةِ الكلامِ مُعَلَّقَةْ

 

إن كان لَيْلُكِ أَحْرَقَتْه شُموعُه
فشُعاعُ شَمسِكِ في الضُّحى مَنْ أَحْرَقَهْ؟

 

وخيوطُ دَمعِك مَن أذابَ حَريرَها
مُذْ كنتِ سِـرًّا غَلَّفـَتْه الشَّرنَقَةْ ؟

 

فَدَعِي السَّماءَ تَسيلُ مِن طَبَقاتِها
ويَصُبُّ فَجْرٌ في المَدائِنِ أزْرَقَهْ

 

وَخُذي إليكِ الهاربينَ وخوفَهم
والناصبينَ على المشاعرِ مَشْنَقَةْ

 

صَدَقَ الفِراقُ ولو تأخَّرَ يومُنا
لَمَضى يُكَذِّبُ في غَدٍ ما صَدَّقَهْ

 

وَخَرَجْتِ مِن جِهَةِ الطُّيورِ لِتَطْرُقِي
بَوَّابَةً نَحْوَ السَّماءِ مُغَلَّقَـةْ

 

فَدَعِي جَناحاً للرِّياحِ وَحَظَّـه

مادامَ شَوقٌ لِلتَّحَيُّـرِ أّطلَقَـهْ

 

ودَعِي الجريحَ يَغيضُ من صَحَواتِه
ويَغُضُّ عن بَسَماتِ جُرْحٍ فَتَّقَهْ

 

وَدَعِيهِ جَاءَ البائِسِينَ يَؤُمُّهُمْ
فَذَرا البُكاءَ على الجُفونِ وَفَرَّقَهْ

 

مِن ساعَتَينِ وَغَيمَةٌ في صَوتِهِ
تُزْجِي لِمَمْلَكَةِ الطُّيورِ الزَّقْزَقَةْ

 

ذاك الذي -وكأنَّما مِن حَسْرَةٍ
أَسَرَ الصَّهيلَ بِزَفْرَتَيْنِ وَأَعْتَقَهْ-

 

بسُعالِهِ مُتَمَزِّقٌ حُزْناً كما
كُتَلُ الخريفِ على الطَّريق مُمَزْقَهْ

 

لو كان يَرضى بالجَفاءِ هَزيمَةً
كان استراحَ من انتصارٍ أَرْهَقَهْ

 

ذاك الذي مُتَهَيِّئٌ ، وَكَأنَّما
نَجْمُ الصَّباحِ أَحَبَّه وَتَعَلَّقَهْ

 

ذاك الذي مُتَرَقْرِقٌ وكأنَّما
سَلَبَ المياهَ أصولَ فنِّ الرَّقْرَقَةْ

 

وجَبينُهُ وغَمامةٌ وأصابعي
رَسَمَتْ على مِرآةِ حُلْمٍ زَنْبَقَةْ

وخَيالُ نَوْمٍ مُستحيلٍ مُمْكِنٌ
فَرْطُ الغَرابَةِ قد يُشَيِّبُ مَفْرَقَهْ

 

جَبَلٌ كأنَّ الِّذكْرَياتِ رَفَعْنَهُ
وكأنَّ عُشْبَ الأُمْنِياتِ تَسَلَقَهْ

 

وصُعُودُ مَوتى نازِحِينَ لِقِمَّةٍ
وَيَصِيرُ جُرْفاً والتَّمَسُّكُ مَزْلَقَةْ

 

والسَّيلُ هاوٍ والسُّفوحُ مُخَيَّمٌ
وَطَفا على سَطْحِ الجَبِينِ وأَعْرَقَهْ

كاسل
01.01.2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى