قراءة في رواية ” كوفيد الأحلام ” للكاتبة قمر عبد الرحمن
جليلة الخليع | المغرب
عند حدود النّص
عندما تؤرجحنا الأسئلة، وترمي بنا عبر متاهات المدّ والجزر، تظلّ الإجابات في منطق العادات، والأحلام كفقاعات متطايرة تتلاشى بمجرد ملامستها لأرض الواقع.
هنا الأنثى الموءودة أحلامها بأحكام قسريّة، تصارع فيه غباء العادات وحقد النّفوس المريضة.
هي الأنثى التي تبني أحلامها على أسس وضعت بدون تخطيط أو دراسة، تظلّ تصارع طواحين الهواء، تتخبّط بين/نعم/ التي تنفثها قواها الدّاخلية و/لا /التي ترمي بشراراتها وتحرق أمانيها فترديها رمادًا.
هي الأنثى التي تغرس في كفّها كلّ الجراح، وتظلّ على طبقة الألم برهة من حزن.
بأسلوب سرديّ شيّق يستوقفه الشّعر في زوايا الرّواية العديدة، تطالعنا الكاتبة الفلسطينيّة الشّابة -قمر عبد الرحمن- بأولى أعمالها، بخطى سرديّة ثابتة تحاول فيها وضع لبنتها الأولى لمنجز أدبيّ نتمنّى أن يزهر ويثمر.
هنا كانت قمر تدافع عن المرأة في مجتمعاتنا العربية المأسورة فيها بأغلال العادات والتي زجّ بطموحها في الأقفاص، لتقبع في قبو المعاناة.
عنوسة الأفكار وعقم الأحلام
فتضاريس الأماني الموصولة بتاء التّأنيث، تضيق رقعتها، حتّى تشيخ فيها الانتظارات.. هنا كانت الرّوائية تدافع عن كرامة العفّة وعزّة الأنوثة، فالمرأة حرّة بفكرها العميق، بعزّة أنوثتها وكرامة عفتها.
من العنوان الذي هو عتبة أيّ عمل، تستوقفنا هذه التّركيبة الفنيّة الجميلة، كوفيد الأحلام التي تكشف جزءًا من جسد الرّواية، وتظلّ باقي الأعضاء ملفوفة في أثواب الأحداث المتعاقبة.
هو الكوفيد الكاشف لحقائق النّفس الإنسانيّة، المجلي لضبابيّة الواقع، هو الكوفيد القاتل أيضًا، الفيروس الذي أكل جزءًا كبيرًا من رئة الأحلام وأصبح الطّموح يتنفس بصعوبة.
هي الرّواية من حيث العمق، قصّة الإنسان، معاناته ومكابداته، بأحلامه وأمانيه، بنجاحاته وإحباطاته، هو تحليق تخييلي ورسو بمرفأ الواقع.
وللقارئ أن يستمتع في هذا السّفر الجميل بسبر أغوار الرّواية والكشف عمّا هو مضمر في تقوقعات الحروف وتجمهر اللّغة .
وأخيرًا أبارك للكاتبة هذا الإصدار الجميل، وأشدّ على يدها حتّى تواصل مشوارها الأدبيّ متطلعة نحو التّألق والتّميز.