شرارات على ورق
مريم الشكيلية | سلطنة عُمان
اللوحة للفنان البولندي: أنتوني كوزاكيفيتش
في الدقائق الأولى إعتقدت إنني أضعف من أن أضع ثقل مداد حبري على الورق بعد ذاك الحديث الكتابي بيني وبينك.. بعد تلك الشرارات الحبرية التي أمطرت رسائلنا وعبثت بسكون كلماتنا…..
الآن أحتاج إلى جيوش من الأبجدية تجتاح مستعمراتي الخيالية وتطيح بالعصور الزمردية وتلغي قوانين وأنظمة مملكات كتاباتنا القديمة…أحتاج إلى تلك القواعد المثبتة عن ظهر قصد في إأجديات اللغة وتلك النصوص المكتوبة على سطور المسرحيات الغابرة…
كان بإمكاني تخيل تلك التفاصيل الصغيرة التي لم ننقلها إلى رفوف وطاولات أحاديثنا وبإمكاني أن أحتسي معك فناجين القهوة حتى على شرفة الأسطر المكسورة.. وبإمكاني أن أقص ضفائر الورد الأصفر وأرسلها إليك في منتصف كتاب أهديته إليك…
إنني أحاول أن أقول الشيء الذي ظل عالقا” بين فمي وحرفي.. وإنني أحاول أن أوصل لك مفرداتي والتي أحاول عبثا” أن أجعلها تسير في الطريق المعبد دون أي منعطفات أو إعوجاج….
لا تعلم كيف أجوب القصائد الطويلة وحدي وأطوي الطرقات الرطبة وحدي حتى لا أوقظ ذاك الوقت الضائع من تسربات صمتنا المعقود في توابيت أقلامنا…
لا تراني بهذا الضعف في هذه السطور المهتزة إنما أنا صلبة أقف كشجرة برتقال بعناد أوراقها على أغصانها حين تشتد الرياح ويهتاج الغسق .. أردت فقط أن أخرج الصقيع من يدي لأتنفس.. وأركن المسافات التي تقف كالسياج الملتوي في بستان الأبيات المصفوفة…
لوقت طويل كنت أكتب شيئا ما على مرآيا غرفتي بأحمر شفاهي وعلى زجاج نافذة سيارتي وعلى رمال شاطئ البحر وأسأل نفسي هل أكتب بتوقيت ولادة حرف ثم تتلاشى تلك الكتابات حتى لا يقرأها أحد؟
حدث مرة أن تعبت من تفقد أشيائي في حقيبة سفري ومن توضيب ثيابي على خزائن الأوقات المؤقتة… حدث مرة أن بقيت بعيداً على تلك السطور المشدودة بتداعيات عمر ونبض…