نحن وخريف نفتالي بينيت

 

بقلم: عدنان الصباح

طوال فترة حكم رئيس حكومة دولة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو كان الحوار يدور على كل الاصعدة على قاعدة رفض الفلسطينيين للمفاوضات الا بشرط مسبق وهو وقف دولة الاحتلال لعمليات الاستيطان المتواصل في القدس والضفة الغربية وكان ذلك يعني في ظاهره صمود فلسطيني على الموقف الوطني الثابت والتمسك التام بالحقوق الوطنية المطلقة لشعبنا مع ان واقع الحال كان يعني ان الاحتلال يواصل استيطانه وقضم وتهويد الارض الفلسطينية وفي المقدمة منها القدس الى ان جاء ترامب ونفذ قانون الاعتراف الامريكي بالقدس شرقيها وغربيه عاصمة لإسرائيل ومع كل الرفض الفلسطيني المعلن الا ان واقع الحال جعل القانون يمر ويمضي دون ان يجد اية مقاومة حقيقية, وبمجيء ترامب نسي العالم كل جرائم ترامب التي تحولت الى واقع لا احد يرغب بتذكره ولا احد يرغب بالتخلص منه في نفس الوقت وبقي الحال على ما هو عليه مع غياب القضاء الذي سيلجأ المتضرر اليه.

بكل الاحوال كان يبدو الامر في الصراح مع حكومة نتنياهو على انه خلاف سياسي بين شعب تحت الاحتلال وجيش المحتلين وان احدا لا يريد التنازل لاحد عن ثوابته رغم ان هناك من ينفذ وهناك ومن يقف مكتفيا بالتزمير والتطبيل لا اكثر ولا اقل وتواصل ذلك حتى اللحظات الاخيرة من وجود حكومة نتنياهو الى ان جاءت الحكومة التي راهن عليها الجميع ” حكومة ما بعد اليميني المتطرف نتنياهو ” والتي قلت عنها في مقال سابق انها حكومة الاكثر يمينية على اكتاف اليسار والعرب ان كانوا كذلك لنجد انفسنا امام حكومة متطرفة ومن نوع جديد ليس بذاتها فقط بل وفي الاخرين فاليسار الصهيوني اكتفى بقبول نصر قائم على قاعدة التخلص من نتنياهو واعتر ذلك نصرا ضروريا لمستقبل مختلف لهم ولإسرائيل في حين اكتفى العرب بتحقيق عديد الميزات والمطالب الحياتية الضرورية لهم واداروا عيونهم كليا عن الموضوع السياسي معتبرين ان رفضهم لن يجدي لهم شيئا في حين سيحقق لهم صمتهم بعضا من مطالب واحتياجات انتظروها طويلا وبادراك تام من نفتالي بينيت لهذه المعادلة اغرق في يمينيته معتمدا علة ان اليسار لن يغامر بإسقاطه لصالح العودة لنتنياهو والعرب ايضا لن يغامروا حتى لا يفقدوا بعض ما انتظروه.

بنيت الاذكى ادرك المعادلة التي ستبقيه في الحكم اطول فترة ممكنة او الى حين ان يصبح هو صاحب مصلحة بإسقاط حكومته والذهاب الى الانتخابات وهو ما سياتي فقط قبيل انتهاء ولايته لصالح لبيد الزاهد بالمنصب جدا والذي قد يجد نفسه مستعدا لمنح بنيت فترة ولايته نفسه وهو ما يجعل بينيت مستجيبا لاحتياجات العرب واليسار داخل حدود دولة الاحتلال ومفلتا بيمينيته في ما يخص القضية الفلسطينية بما يمنع اليسار من الوقوف في وجهه حيث لا مصلحة له هناك ويمنع العرب من تحديه خوفا على ما يعتقدون انها مصالح واحتياجات ستلبى لهم ويضع الاراضي المحتلة عام 1967 لقمة سائغة بين فكيه.

فصل الخريف هو فصل التعري والانكشاف والاغتسال حيث لا سواتر ولا ما يحزنون وهو حالنا مع خريف نفتالي بينيت عام 2021م الذي كشف كل سواترنا واصر على تحويل العلاقة بين سلطتنا ودولة الاحتلال الى علاقة امنية اقتصادية لا اكثر ولا اقل وذهب هو واعضاء حكومته الأكثر يمينية الى كشف كل الاوراق والسواتر ومنع أي التباس فقد كان يائير لبيد الاقل يمينة من بينيت وزير خارجية دولة الاحتلال ورئيس الحكومة التالي اكثر وضوحا من أي جهة اخرى حين قال ان ” 90% من العلاقات مع السلطة الفلسطينية تتعلق بالتنسيق الامني ” أما جانتس فقد فصل الحال بتصريحه بعد لقاءه الرئيس الفلسطيني قائلا ” بأنه اتفق مع عباس على تسوية وضع آلاف الأشخاص الذين يعيشون في الضفة الغربية المحتلة دون صفة أو مكانة قانونية، وعلى قرض بقيمة نصف مليار شيكل ستمنحه إسرائيل للسلطة الفلسطينية وتجبيه لاحقا عبر اقتطاع مبالغ من أموال المقاصة، بدءا من حزيران/ يونيو 2022 “وتابع قائلا “كلما كانت السلطة الفلسطينية أقوى، كانت حماس أضعف، وكلما زاد تماسك حكم السلطة، سيكون هناك مزيد من الأمن وسيتعين علينا أن نعمل بشكل أقل” اما بينيت فقد اوضح في تصريحاته كل شيء عبر نقاط واضحة في تصريحاته

لن نوقف الاستيطان ولن نضم المستوطنات
لا حل مع الفلسطينيين ولا مفاوضات سياسية معهم
لا شريك فلسطيني بسبب الانقسام وضعف السلطة
لا دولة فلسطينية
اختراق في المسائل الاقتصادية والتوظيف لتحسن حياة الناس
لا لقاء مع الرئيس عباس
لا يريد ان يخلق وهما عند الفلسطينيين حول امر لن يحدث
القدس عاصمة لإسرائيل وليست عاصمة لأي شعب آخر.
هذا هو حال خريفنا هذا العام والذي حوله بينيت رغما عنا الى عام للانكشاف التام والاغتسال من اية اوراق او حتى غبار قدي غطي أي ستر لنا فلم يعد أي فلسطيني قادر على الاختباء خلف احتمالات لا وجود لها على الاطلاق بعد ان القى بنا بينيت من شباك ارشيف نتنياهو الى مهب رياح الخريف التي لا تبقي سترا ولا تذر كذبة الى درجة ان لا كرة اليوم في ملعب احد الا ملعب المقاومة التي قال لنا بينيت بملء الفم ان لا بديل لكم عنها الا اذا قبلتم بما نريدكم ان تكونوا ولمن لا يعرف فان عقيدة دولة الاحتلال تجاهنا تقوم على قاعدة ان الفلسطيني لا يمكن له الا ان يكون على احدى ثلاث صور فإما ان يكون ميتا او ارهابيا او خائنا ولا شيء آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى