العقل العربي استحضار الخرافة لتغييب الفعل
بقلم : عدنان الصباح
بعد انتخابات دولة الاحتلال للكنيست الأخيرة وتعثر قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة برئاسته وانطلاق حرب غزة في 11 ايار 2021 وما واكبها من حالة الوحدة الوطنية ولو شعبيا وتضامن اممي عالي ورفع للمعنويات لجأ الرغبين بسيطرة العجز لتفريغ كل ما حملته حرب ايار من مشاعر العزة والنصر والاستعداد للفعل الى خرافة جديدة تقول ان نتنياهو هو اخر ملوك اسرائيل وقد اعاد البعض التأكيد على ما سبق وقاله الشيخ بسام جرار من ان اسرائيل ستنتهي في العام 2022 معتمدا على حسابات رقمية في القرآن الكريم فيما قال اخر ان ذلك وارد ايضا في التوراة وقال احدهم ان ” بعض النصوص القديمة لحاخامات اليهود الارثوذكس أن عمر الدولة اليهودية 76 عاماً فقط، معتمدين على نبوءات توراتية، وأن آخر زعيم لهذه الدولة هو “عطاء الله”، ويعني بالعبرية نتنياهو” دون ان يورد نصا واحدا من هذه النصوص والبعض ارود تصريحات لهنري كيسنجر ليؤكد روايته التوراتية او رواية الشيخ بسام جرار القرآنية وقالوا على لسان هنري كسينجر انه قال ” لن تعيش دولة اسرائيل سوى سنوات ” وان شمعون بيريس قال قبل وفاته “ربما لا تعيش إسرائيل أكثر من العشر سنوات القادمة” وان مناحيم بيغن قال ” “أكبر إنجاز لدولة إسرائيل غزو لبنان في الأربعين سنة المتبقية لإسرائيل” وقد حاولت عبثا البحث عن اصل هذه المقولات فلم اجد لها مصدرا الا نفس الشخص.
حكاية اللجوء الى الخرافة مرتبطة جذريا بالعجز فلم يلجأ قادة دولة الاحتلال ولا حلفائهم من الامبرياليين الى الخرافة ولا باي حال من الاحوال وارتباط الخرافة بحال العرب الحديث يرجع فقط لحالة العجز والهزائم المتواصلة التي يعيشها العرب واعادة التذكير بحكاية زوال دولة الاحتلال مترافقة مع حرب عظيمة كحرب ايار 2021 جاءت من اولئك الذين اصابهم الخوف من انتصار المقاومة وارادوا ان يسحبوا عنها صفة القوة او حتى القدرة على تحقيق النصر وان يبرروا صمتهم وعجزهم بالهروب الى حكاية ان انتظارهم مبرر وصمتهم مبرر فلماذا يقاتلون ويخسرون ماديا وبشريا ما دامت دولة الاحتلال ستزول لوحدها.
ليس اكثر نجاحا لدولة الاحتلال من وجود افكار تتحدث عن زوالها بعد سنوات او حتى تحديد هذه السنوات وسنجد في العام القادم من يقول لنا كان مجرد اعتقاد او ان المقود 2222 وليس 2022 وهذا سيجعلنا نعاود الانتظار مائتي عام جديدة ففي ظل انتظارنا المحموم لتحقيق الخرافة على الارض يواصل الاحتلال الاعتداء علينا بقضم وتهويد وسرقة الارض بما فيها الاماكن المقدسة في القدس والخليل وبيت لحم وغيرها ويواصل تهجير اصحابها وطردهم واحلال المستوطنين مكانهم في العديد العديد من الاماكن ويواصل زرع جبالنا بالمستوطنات وتحويل طابعها وحتى شكلها ونمط الحياة والعمران فيها تكريسا لتهويدها والسيطرة عليها بينما يختفي البعض منا في الزوايا المعتمة متحدثين عن معجزة قادمة تريحنا من هذا الاحتلال بلا أي جهد من قبلنا على الاطلاق وهو افاء اخرق للذات من أي علاقة بالضرورة والفعل اللازم لتحقيقها وتسهيل الوصول اليها وتحويلها الى واقع.
ان مواصلة عقلية استحضار الخرافة لصالح تغييب الفعل هو الرافعة الوحيدة لحال العرب في زمن اقتتالهم وتدمير ذواتهم لصالح اعدائهم كما هو الحال في ليبيا واليمن وسوريا والعراق وغيرها وهو ما تحتاجه فعلا اسرائيل وحلفائها في العالم من الامبرياليين واعوانهم وهذا يعني ان مصلحة العرب الحقيقية هي في حرق الخرافات ورفع الاكمام عن سواعد الفعل وتمزيق حجاب العقل لصالح انطلاق الاسئلة عقلا وانطلاق الفعل حفرا وبناء وعمل وبدون ذلك فسنبقى في واد مظلم لا يعرف النور ولا تزوره الحياة الى ان نصبح ان جازت نبوءات الشعراء كمظفر النواب الذي صرخ محذرا ” سنصبح نحن يهود التاريخ ونعوي في الصحراء بلا مأوى “