لبيد العامري | مسقط

(1)

انتشاء

فيما قَطَراتُ

المطرِ الناعمةِ

تلذعُ الروحَ

فترتعشُ البهجةُ

في جوانحِ الجسد

تقف هي على الشاطئِ

ترنو إلى الأفقِ البعيد

وكأنَّها عشتار

يرقدُ البحرُ

على بطنِهِ خاضِعاً

يُقبِّلُ قدمَيْها العارِيَتَين..

تعتقُ شَعرَها مِنْ

قَبْضَةِ الخمارِ المُتوارث

فَيَنْسَكِبُ متهاطلاً

كشلالٍ لَيْلِيٍّ وثير

فيما خصلاتُها الحريريةُ

تتمايلُ برشاقةٍ

كما راقِصَةِ باليه

إزاءَ موسيقى النسائِمِ

المسقَطِيَّة..

وفي لحظةِ انتشاءٍ

كان جسَدُها مُزداناً

بقطراتِ البلورِ اللامعةِ

رفرفت منتعلةً الريح

مثل نورسةٍ بيضاء

وتوارَتْ خلفَ

المدى البعيد..

***

(2)

لا تتوقفي

أيتها الزهرةُ

الصامدةُ في وجْهِ الريح

الساهمةُ فيما وراءَ الأفق

لا تتوقفي عن الإزهارِ

وضوعِ عبيركِ العاطر

في جنباتِ كونٍ

مسكونٍ برائحةِ القبح

موغلةٍ دروبُهُ في كَبِدِ التِّيه

عاويةٍ ذئابُهُ في كل

دهليزٍ وزُقاق..

لا تتوقفي عن

الإزهارِ والضوعِ

فبدونِكِ الحياةُ

سديمٌ مُغْبَر..

***

 (3)

شيب

ذاتَ يومٍ

تأكَّدتُ

بأنَّ الشَّعرَ المُتشربَ شيباً

في الرؤوسِ التي خدَّرتها

شمسُ الحياةِ اللّاهِبة

هو رمادُ احتراقِ

شجرةِ العمرِ

ببركانِ الزمنِ العتيد

القاهرِ لكلِّ شيء

أو بنارِ الألمِ النَّاشِبةِ

كمخالبَ مستعرة ..

***

(4)

فرقٌ جلي

‏‏عندما تتقاطعُ وتلتقي

غيمتان مختلفتان تماماً

في النوعِ، الشكلِ

الأصلِ، الاتجاهِ

والمياهِ المُختزنةِ،

نوعاً وكماً،

في أعماقِهما

سيتضحُ الفرقُ الجلي

بين غيمتين ستبثان

الرعودَ والبروقَ

الصاخبةَ المتقاذفةَ

دونَ جدوى

وغيمتين أُخْرَيَيْن

ستنسجمان ممتزجتَيْن

بِحُبٍ وأُنسٍ

ساكِبَتَيْن المَطَرَ

المُخَصِّبَ لليَباب ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى