لمسة، نفتالي بينيت (السحرية) في الأمم المتحدة!
توفيق أبو شومر | فلسطين
معظم الذين استمعوا إلى خطاب، رئيس وزراء إسرائيل الجديد، نفتالي بيينت، يوم 27-9-2021، لم ينتبهوا إلى جملة قالها في ثنايا الخطاب، وهو يتحدث عن السلاح النووي الإيراني، قال: “إنَّ إنتاج السلاح النووي الإيراني، لا يُشبه (لمسة الملك ميداس) السحرية، بل هو لمسة كارثية على العالم”.
قبل أن أسرد موجزا عن أسطورة لمسة الملك ميداس، فإنني أعتقد أن، نفتالي بينيت خضع لدورة تدريبية مكثفة في فن الإلقاء، وحفظ المقطوعة الخطابية حفظا يستحق عليه نسبة التسعين في المائة، حتى أن الصحافية، لهاف هاركوف مراسلة “الجروسالم بوست” كتبت بعد ساعات من خطابه السابق تُعلِّقُ عن صدى خطابه ولقاءاته مع الجالية اليهودية في أميركا، وكيف أثار إعجابهم بسرد طرائف حياته في أميركا وهو في سن السابعة، لدرجة أن الصحافية، لهاف، قالت: يستحق على ذلك الشيكولاته!
أما عن لمسة، ميداس، فهي أسطورة قديمة تقول: إن الملك، ميداس كان عاشقا لجمع الذهب، كان يقضي كل أوقاته بين خزائنه الذهبية سعيدا مزهوا، وكان يتمني لو أنه استطاع حكم العالم كله بخزائنه الذهبية.
ذاتَ يومٍ، حضر أمامه ملاكٌ من السماء، وقال له: تَمنَ، سوف أُلبي كلَّ طلباتك! قال الملك: أريد أن تكون ليديَ لمسةُ سحرٍ، أتمكن بها من تحويل كل ما ألمسه إلى ذهب! قال له الملاك: أواثقٌ أنك ستكون سعيدا؟ قال نعم، فمنحه الملاكُ هذه القدرة، وبسرعة تمكن من تحويل حديقة الورود في قصره إلى ذهبٍ، ثم طلب من الخادم كوبا من القهوة، أُصيبَ ميداس بالدهشة الأولى عندما تحولت القهوة إلى ذهب، هكذا لم يستطع أن يأكل طعامه، بعد أن أصبح ذهبا، فاكتأب وانزوى، جاءتْه ابنتُه الوحيدة تُخفِّف عنه الألم، فتحولت عندما لمست يد أبيها إلى فتاة ذهبية، أوشك الملكُ، ميداس على الموت، إلى أن جاءه الملاك مرة أخرى، خرَّ الملكُ ساجدا تحت قدمي الملاك قال: أرجوك، أعد للورود رائحتها، وللطعام مذاقه، أعد لي ابنتي الوحيدة، كانت ضحيتي، وضحية جشعي! قال له الملاكُ: اذهب واغتسل في النهر، وأحضر ماء منه ورش على ما صنعته يداك، سيعود إلى الحياة من جديد كما كان!
صار منظرُ الذهب عند الملك ميداس أبشعَ منظرٍ!
نفتالي بينيت، حفظ القصة منذ الطفولة، ولكنه للأسف لم يحفظ نهايتها المعبرة، بقي عند بدايتها، وهو، اليوم، يمارس الطقس السياسي نفسه، فهو طفلٌ غرسوا في عقله شعارا رئيسا: “الاستيطان هو ذهب إسرائيل الثمين وثروتها الأبدية، لا شيء سواه، يجب تحويل كل أراضي فلسطين إلى مستوطنات وبؤرٍ استيطانية ذهبية، لم يتوقع بينيت حتى الآن، نهاية هذا الحلم!
سيظل، نفتالي بينيت زعيما غِرَّا يُردد محفوظاته التقليدية، على الرغم من أن الذين حفَّظوه المقطوعة الخطابية، أزالوا منها فلسطين بقصد إخفاء قضية فلسطين باعتبارها قضية عدالة دولية، ونسوا أن اسم فلسطين أصبح عنوانَ العالم أجمع.
دسَّ معاونو بينيت في ثنايا خطابه القنبلة الإسرائيلية المُكررة على لسان كل الزعماء، وهي؛ “لن تسمح إسرائيلُ لإيران بامتلاك السلاح النووي” على الرغم من أن إسرائيل هي الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط!
ثم أمروه ألا ينسى في خطابه الشعار المركزي الإسرائيلي منذ تأسيس هذه الدولة؛ (إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط) ودفعوه لمهاجمة مؤتمر دربان في جنوب إفريقيا، وهو المؤتمر الذي عقد العام 2001 ردا على عنصرية إسرائيل، متناسين كل تقارير المنظمات العالمية، التي أكَّدت على أن إسرائيل ليست فقط لا ديمقراطية، بل هي “أبارتهايد”، جاء ذلك في بيان المنظمة الدولية للصحافة، “هيومن رايتس ووتش”، وأيضا في آخر طبعة من ميثاق حزب العمال البريطاني!
هكذا، ترك معاونو، نفتالي بينيت الحريةَ له في اختيار بداية قصة الملك الذهبي، ميداس! ثم لقَّنوه أيضا مقتطفا من التلمود ليجذب بها أتباعه، الحارديم: “مَن صانَ حياة بريءٍ، فكأنه صانَ حياةَ الناس جميعا” وظنَّ أنه بهذا المقتطف سيتمكن من التغرير بجماهير الحارديم لينتخبوا حزبه!