الموسيقى في ديوان ” إبحار في أروقة الروح ” للشاعر أحمد عمر أحمد إبراهيم

د. علي محمود الأصمعي | باحث وأكاديمي من مصر

يعتقد كثير من المثقفين وبعضً الشعراء والكتاب أن الموسيقي الشعرية مقتصرة ومحصورة في القصيدة المقفاة دون التفعيلة وقصيدة النثر، وهذا قول يجانبه الخطأ لأنهم في ذلك لا يفرقون بين الإيقاع وهو أعم وأشمل من الموسيقى، والموسيقى التى تليه في الحدود والقوانين و القواعد ، ونستطيع أن ننستشعر هذا الإيقاع ض١عند تلاوة القرآن الكريم، الآيات تتوالى وتتابع بشكل متناسق فيها شيء من التناغم الايقاعي الواضح ، وتوازن الفواصل والسجع، يؤكد على أنّها شكل من التوازن والتلوين الموسيقي.
وأثناء تتبعنا جمل النصوص الشعرية في ديوان ” إيحاء في أروقة الروح” من تكرار العطف والترادف والفواصل الوزنية وتكرار بعض الألفاظ ، هذا كله في الواقع من التكرار الصوتي الذي يشيع التناغم والسحر الايقاعي في النص الشعري لدى الشاعر .
الشعر أكثر النصوص ارتباطاً بالموسيقى، وقد غال بعض النقاد في ربط الصوت بالمعنى ، وبعضهم نظر الى المعنى على أنّه نوع من أنواع الموسيقى، فالنسق التتابع أو التقاطع الذي يبني فيه الشاعر أحداث قصائده من شأنها أن تولد لدى القارئ احساساً بحرية الحدث وايقاعه السريع أو البطيء .
يشكل الانتقال من لوحة فنية الى أخرى في قصائده مساحة لونية متنوعة فيها نوع من التدرج الذي يعبر عن الانتقال ، وحركة توزيع مفردات لونية معينة تنتج احساساً بالإيقاع ، والحقيقة أنَّ الإيقاع الموسيقي شيء لا حدود له في حياتنا ، فأنت لا تسرْ في إلقاءك لقصائد ديوان الشاعر ” إبحار في أروقة الروح “إلا وتصاحبك موسيقى تصويرية معبرة .

التعريف بالشاعر
“أحمد عمر أحمد إبراهيم” من رواد الشعر والأدب في قرية شطورة بمحافظة سوهاج بجمهورية مصر العربية، شغل العديد من المناصب الوظيفية منها : مدير مكتبة الطفل بالوحدة المحلية بشطورة، وهو رئيس قسم الإيرادات بهذه الوحدة، أنشأ نادي ادب شطورة، وهو عضو فعّال في النادي، وعضو رابطة الزجالين وكتّاب الأغاني، شارك في العديد من اللقاءات الأدبية والثقافية، والبرامج التلفزيونية والإذاعية، صدر له ديوان شعر بعنوان ” خطة حبّ” عام 2020م .

التعريف بالديوان
إنَّ ديوان الشاعر ” أحمد عمر” ” إبحار في أروقة الروح “يستلزم تعاملاً خاصاً يسعى لسبر أنوار العلاقات المتوترة بين دلالات الألفاظ القائمة على البحث ، والتي تحكم المطلع الشعري ، وتسيطر على توزيع الألفاظ والأنساق اللغوية بما يتناسب مع الإيقاع الموسيقي .
وجاء الديوان ” إبحار في أروقة الروح ” في خمسة عشر قصيدة، كل واحدة منها تحمل أمنية من أمنيات النفس البشرية وحاجاتها ، بما يتناسب والموقف الذي يعيشه الشاعر .

الموسيقى : القافية والوزن والإيقاع في ديوان ” إبحار في أروقة الروح”
عرف الشعر عند بعض النقاد القدامى بـ ” القول الموزون المقفى، الدال على المعنى “، واشترط بعضهم وجود النية لإخراج ما يوزن صدفة ، وقد قسموه إلى خمسة أقسام … صفتان منها تخصان الشعر وهما الوزن والقافية ، فالوزن عند ابن رشيق:” هو أعظم أركان حدِّ الشعر ، وأولاها به خصوصية ، وهو مشتمل على القافية ، وجالب لها ضرورة ، وهذا التعريف يحمل مدلولاً جديداً وهو اقتران الوزن والقافية اقتراناً عضوياً، من باب أنَّ الشعر مشتمل عليهما وجالب لهما ضرورة ، وتكاملهما يعطي بنية صوتية للنص الشعري ،فالوزن بلا قافية يعدُّ بناء ناقصاً ، ولم يتعداها الى شيء ثالث وهو الإيقاع ، فقد فرَّق ” جاكستون” بين الوزن والايقاع تفريقاً واضحاً بقوله ” ثمة قواعد نظم اجبارية ، وأخرى اختيارية في الشعر، الاجبارية هي التي حددها لنا البحر الشعري ” العروضي” أما الاختيارية، وهي تلك التي ينشئها الشاعر في نسيج قصيدته ” الاتقان الصوتي” الذي ينشأ علاقات الحروف والألفاظ كالتكرار والتقابل والتناظر ، ودراسة تواتر الصور القائمة على هذا العلائق .
وإذا انعمتَ النظر في كلمات وحروف قصيدته ” في حبِّ أحمدَ” ، ترى تكراره لبعض الكلمات ” الحبّ” ، إذ يقول:

يا لائمي في الحبِّ يا حبُّ قد ذابَ الفؤاد بحبّه
وهامَ الفؤاد بفرط حبّك حينما … الله في فقد
بلغ المدى ، ما الحبُّ إلا نفحة الرحمن

تكرار هذه اللفظة في أسطر القصيدة ، نلاحظ تكرار حرف ” الحاء” ، وهو صوت من الأصوات العربية الاحتكاكية المهموسة ، ولو تسأءلت عن سبب هذه التكرار ودلالته الفنية لوجدتً الإجابة في الجرس الموسيقي الذي يلحُّ عليه الشاعر لارتباطه بالاطار النفسي الذي يمرُّ به ، وحنينه لسيدنا المصطفى ” عليه السلام” ، أوجد وقعاً صوتياً مشتركاً يتخلل الأسطر والمقاطع في القصيدة ، وهذا التكرار أشاع جرساً متجانساً ، جعله يستدعي تكرار الحروف المهموسة في كلمات أخرى .
الألفاظ التي ينسج منها الشاعر قصيدته نسجاً متشابك العلاقات ، تتألف من أصوات ” حروف” وهذه الأصوات ذات خصائص موسيقية ، فمنها ما يكون مجهوراً أو مهموساً أو رخواً أو شديداً او غير ذلك … واختلاف الأصوات في الكلمة له أثره في دلالتها ، وجرسها الموسيقي الذي يفصح عن المعنى ، ولهذا نجد الشاعر يستخدم أصواتاً في مواقع أخرى ، لأنَّ الجرس يناسب هذا الموقع ،إذ يقول في قصيدة بعنوان ” العمر قصير يا أشقر” :

في حبّك نومي يهجرني، والليلُ طويل لو يسهر
وأنا مشتاق تقتلني نبضات القلب المتفجر

نجد أنَّ الشاعر استخدم أصواتاً خشنة الجرس مثل ” الصاد والقاف” وائتلافهما في كلمات أخرى ، ائتلاف له في وقع خاص يناسب المعنى ، وشدة اشتياقه لمحبوبه لدرجة انفجار نبضات قلبه ، فقد صدر عنها أصوات نتيجة تكرار الصوت نفسه في أسطر القصيدة ، يشيع فيها تجانساً صوتياً له صلة بالواقع الموسيقي للمقطع ، وبهذا فقد نتج نوع من التوازن الصوتي الذي يمثل عنصراً من عناصر الإيقاع الداخلي .
واستخدم الشاعر ما يسمى “توازن التراكيب” ، وهو نوع من الإيقاع ، ينشأ من استخدامه جملاً متشابه من حيث عدد الكلمات ومتطابقة من حيث الجرس الصوتي ، سواء كانت معطوفة أو غير معطوفة ، إذ يقول في قصيدة له بعنوان ” أقمر” :

الليلُ وشعراك يا أقمر ، سحب ورياح لا تمطر
عيناكَ بحور هادئة سأغوص سأبحرُ أتطهر …
يتهادى شعرك يتعثر ، شعرك يتعثر

تداخلت التراكيب بتوازن الألفاظ ، إذ يقول :

حلمٌ بانَّ المشرق العربي قد هزم التتار ،
أملٌ بأنَّ المشرق العربي مجتمع غداً في
القدس في قلب النهار
أملٌ بانَّ المشرق العربي قد نبذَ التفرق
والشقاق ، ودمشقُ قد مرّت على ليبيا كي
يشربوا شاي المحبة في العراق

فانت تستطيع أن تقول أنَّ السطر الأول : حلم بانَّ المشرق العربي قد هزم التتار ، يشبه أن يكون فيه توزان ألفاظ مع توازن تراكيب ، والفرق بين النوعين ، هو أنَّ توازن الألفاظ يتمُّ التركيز فيه على المفردة ، في حين توازن التراكيب يتمُّ التركيز فيه على الجملة وشبه الجملة .
فانت ترى الشاعر في الأسطر السابقة يقرر حقيقة مستعملاً لفظة ” في” الدالة على الوجود المطلق ، وهو مجتمع غداً في القدس في قلب النهار ، وهو يصف اتحاد العرب وتجمع كلمتهم ، ونجده في السطر الثاني يطلب التحقيق ” قد” .
ونجد الشاعر قد قسمه إلى قسمين متساويين كل قسم منهما ينتهي بقافية ” التتار، النهار ، الشقاق ، والعراق ” وهذه القافية المزدوجة توصف بالفاصلة الوزنية” ويطلق عليه اسم ” الترصيع ” وهو نوع من التراكيب تتفق فيه كل قرينتين في الوزن والسجع.
وفي قصيدته ” صرخة وريد عربي ” يقول : قسماً بمن خلق السماء … قسماً بمن خلق المحبة … قسماً بمن خلق الأجنة … قسماً بمن خلق البحار … يبدو الانطباع السريع في هذه الأسطر الشعرية هو التكرار ، فهو يكرر الحروف والكلمات ، بل ويكرر التراكيب كاملة ، فعند قرأتها نجد علو الإيقاع فيها مع البحر الكامل ، الذي رأى فيه العروضيون قديماً وزناً عذب الإيقاع ، ومستملح الجرس ، ومن هنا جاءت الوفرة الموسيقية من حسن التوازن بين اللفاظ ، فالتكرار جعل من هذه الأشطر تخضع لترتيب صوتي دقيق ومتوازٍ ، فكأنَّ الشاعر جعل من أشطره أقساماً في بيت شعره .
والواضح أنَ كل مقطع من مقاطع قصائده ، يكون في الحقيقة قفزة في بناء النص ، ودور القافية … في كل قصيدة من ديوانه يتمثل في أنّها تشعرك بانتهاء الفقرة ، وابتداء فقرة جديدة ، وقد التزم الشاعر بالقافية على أكثر من مستوى في أسطر قصائده ، إذ يقول :

اليوم أوقنُ انَّ القلب يملكه سواي ،
اليوم أوقن أنَّ هذا الجرح تصنعه يداي
اليوم أوقن رغم انَّ القلب مثقوب بأنّك منتهاي

نجد التقاطع في نهايات الفقرة الشعرية ، وهذا دور تقوم به القافية ، دور لا يستهان به على صعيد الدراسة التحليلية لعلاقات النص ، وتلعب القافية دوراً آخر وهو أنّها تجعل المتلقي يتوقع ما يعدُّ تتمة للبيت أو الجزء منه ، وهذا التوقع قائم على مبدأ جوهري ، وهو أنَّ اللفظ يستدعي ما يلائمه من حيث الجرس الصوتي والمعنى ، وبذلك تتحقق وحدة الصوت والمعنى في الشعر .

الموسيقى : القافية والوزن والايقاع

عرف الشعر عند بعض النقاد الدامى والمحدثين بالكلام ” الموزون المقفى ، الدال على المعنى ” ، واشترط بعضهم وجود النية لإخراج ما يوزن صدفة ، وقد قسموه إلى خمسة أقسام … صفتان منها تخصان الشعر وهما الوزن والقافية ، فالوزن عند ابن رشيق :” هو أعظم أركان حدِّ الشعر ، وأولاها به خصوصية ، وهو مشتمل على القافية ، وجالب لها ضرورة ، وهذا التعريف يحمل مدلولاً جديداً وهو اقتران الوزن والقافية اقتراناً عضوياً ، من باب أنَّ الشعر مشتمل عليهما وجالب لهما ضرورة، وتكاملهما يعطي بنية صوتية للنص الشعري ،فالوزن بلا قافية يعدُّ بناء ناقصاً ، ولم يتعداها الى شيء ثالث وهو الإيقاع ، فقد فرَّق ” جاكستون” بين الوزن والايقاع تفريقاً واضحاً بقوله ” ثمة قواعد نظم اجبارية ، وأخرى اختيارية في الشعر ، الاجبارية هي التي حددها لنا البحر الشعري ” العروضي” أما الاختيارية ، وهي تلك التي ينشئها الشاعر في نسيج قصيدته ” الاتقان الصوتي” الذي ينشأ علاقات الحروف والألفاظ كالتكرار والتقابل والتناظر ، ودراسة تواتر الصور القائمة على هذا العلائق .وإذا انعمتَ النظر في كلمات وحروف قصيدته ” في حبِّ أحمدَ”، ترى تكراره لبعض الكلمات ” الحبّ” ، إذ يقول:

يا لائمي في الحبِّ يا حبُّ قد ذابَ الفؤاد بحبّه
وهامَ الفؤاد بفرط حبّك حينما … الله في فقد
بلغ المدى ، ما الحبُّ إلا نفحة الرحمن

تكرار هذه اللفظة في أسطر القصيدة ، نلاحظ تكرار حرف ” الحاء” ، وهو صوت من الأصوات العربية الاحتكاكية المهموسة ، ولو تسأءلت عن سبب هذه التكرار ودلالته الفنية لوجدتً الإجابة في الجرس الموسيقي الذي يلحُّ عليه الشاعر لارتباطه بالاطار النفسي الذي يمرُّ به ، وحنينه لسيدنا المصطفى ” عليه السلام” ، أوجد وقعاً صوتياً مشتركاً يتخلل الأسطر والمقاطع في القصيدة ، وهذا التكرار أشاع جرساً متجانساً ، جعله يستدعي تكرار الحروف المهموسة في كلمات أخرى .
الألفاظ التي ينسج منها الشاعر قصيدته نسجاً متشابك العلاقات ، تتألف من أصوات ” حروف” وهذه الأصوات ذات خصائص موسيقية ، فمنها ما يكون مجهوراً أو مهموساً أو رخواً أو شديداً او غير ذلك … واختلاف الأصوات في الكلمة له أثره في دلالتها ، وجرسها الموسيقي الذي يفصح عن المعنى ، ولهذا نجد الشاعر يستخدم أصواتاً في مواقع أخرى ، لأنَّ الجرس يناسب هذا الموقع ،إذ يقول في قصيدة بعنوان ” العمر قصير يا أشقر” :

في حبّك نومي يهجرني ، والليلُ طويل لو يسهر
وأنا مشتاق تقتلني نبضات القلب المتفجر

نجد أنَّ الشاعر استخدم أصواتاً خشنة الجرس مثل ” الصاد والقاف” وائتلافهما في كلمات أخرى، ائتلاف له في وقع خاص يناسب المعنى، وشدة اشتياقه لمحبوبه لدرجة انفجار نبضات قلبه ، فقد صدر عنها أصوات نتيجة تكرار الصوت نفسه في أسطر القصيدة ، يشيع فيها تجانساً صوتياً له صلة بالواقع الموسيقي للمقطع ، وبهذا فقد نتج نوع من التوازن الصوتي الذي يمثل عنصراً من عناصر الإيقاع الداخلي .
واستخدم الشاعر ما يسمى “توازن التراكيب” ، وهو نوع من الإيقاع ، ينشأ من استخدامه جملاً متشابه من حيث عدد الكلمات ومتطابقة من حيث الجرس الصوتي ، سواء كانت معطوفة أو غير معطوفة ، إذ يقول في قصيدة له بعنوان ” أقمر” :

الليلُ وشعراك يا أقمر ، سحب ورياح لا تمطر
عيناكَ بحور هادئة سأغوص سأبحرُ أتطهر …
يتهادى شعرك يتعثر ، شعرك يتعثر

تداخلت التراكيب بتوازن الألفاظ ، إذ يقول :

حلمٌ بانَّ المشرق العربي قد هزم التتار ،
أملٌ بأنَّ المشرق العربي مجتمع غداً في
القدس في قلب النهار
أملٌ بانَّ المشرق العربي قد نبذَ التفرق
والشقاق ، ودمشقُ قد مرّت على ليبيا كي
يشربوا شاي المحبة في العراق

فأنت تستطيع أن تقول أنَّ السطر الأول : حلم بانَّ المشرق العربي قد هزم التتار ، يشبه أن يكون فيه توزان ألفاظ مع توازن تراكيب ، والفرق بين النوعين ، هو أنَّ توازن الألفاظ يتمُّ التركيز فيه على المفردة ، في حين توازن التراكيب يتمُّ التركيز فيه على الجملة وشبه الجملة .
فأنت ترى الشاعر في الأسطر السابقة يقرر حقيقة مستعملاً لفظة ” في” الدالة على الوجود المطلق ، وهو مجتمع غداً في القدس في قلب النهار ، وهو يصف اتحاد العرب وتجمع كلمتهم ، ونجده في السطر الثاني يطلب التحقيق ” قد” .
ونجد الشاعر قد قسمه إلى قسمين متساويين كل قسم منهما ينتهي بقافية ” التتار، النهار ، الشقاق، والعراق ” وهذه القافية المزدوجة توصف بالفاصلة الوزنية” ويطلق عليه اسم ” الترصيع ” وهو نوع من التراكيب تتفق فيه كل قرينتين في الوزن والسجع.
وفي قصيدته ” صرخة وريد عربي ” يقول : قسماً بمن خلق السماء … قسماً بمن خلق المحبة … قسماً بمن خلق الأجنة … قسماً بمن خلق البحار …
يبدو الانطباع السريع في هذه الأسطر الشعرية هو التكرار ، فهو يكرر الحروف والكلمات ، بل ويكرر التراكيب كاملة ، فعند قرأتها نجد علو الإيقاع فيها مع البحر الكامل ، الذي رأى فيه العروضيون قديماً وزناً عذب الإيقاع ، ومستملح الجرس ، ومن هنا جاءت الوفرة الموسيقية من حسن التوازن بين اللفاظ ، فالتكرار جعل من هذه الأشطر تخضع لترتيب صوتي دقيق ومتوازٍ ، فكأنَّ الشاعر جعل من أشطره أقساماً في بيت شعره .
والواضح أنَ كل مقطع من مقاطع قصائده ، يكون في الحقيقة قفزة في بناء النص ، ودور القافية … في كل قصيدة من ديوانه يتمثل في أنّها تشعرك بانتهاء الفقرة ، وابتداء فقرة جديدة ، وقد التزم الشاعر بالقافية على أكثر من مستوى في أسطر قصائده ، إذ يقول :

اليوم أوقنُ انَّ القلب يملكه سواي ،
اليوم أوقن أنَّ هذا الجرح تصنعه يداي
اليوم أوقن رغم انَّ القلب مثقوب بأنّك منتهاي

نجد التقاطع في نهايات الفقرة الشعرية ، وهذا دور تقوم به القافية ، دور لا يستهان به على صعيد الدراسة التحليلية لعلاقات النص ، وتلعب القافية دوراً آخر وهو أنّها تجعل المتلقي يتوقع ما يعدُّ تتمة للبيت أو الجزء منه ، وهذا التوقع قائم على مبدأ جوهري ، وهو أنَّ اللفظ يستدعي ما يلائمه من حيث الجرس الصوتي والمعنى ، وبذلك تتحقق وحدة الصوت والمعنى في الشعر .
إنَّ ديوان الشاعر ” أحمد عمر” ” إبحار في أروقة الروح “يستلزم تعاملاً خاصاً يسعى لسبر أنوار العلاقات المتوترة بين دلالات الألفاظ القائمة على البحث ، والتي تحكم المطلع الشعري ، وتسيطر على توزيع الألفاظ والأنساق اللغوية بما يتناسب مع الإيقاع الموسيقي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى