تقنيات اللجان الفلسطينية
توفيق أبو شومر| فلسطين
اعتدت أن أبتسم عندما أسمع خبرا يقول: فُضَّ الاجتماعُ وانتهى بتشكيل لجان، لجنة كذا، ولجنة ولجنة كذا.!وسبب الابتسام يعود إلى أنني أتذكر دائما القول الساخر:”شرطُ نجاح كل لجنة من اللجان مكونة من ثلاثة أفراد، أن يغيب عن الاجتماع اثنان من الثلاثة..!” كما أنني أبتسم لأنني تمكنتُ من تفكيك آليات عمل اللجان في فلسطين، وما يُشبهها من الدول الأخرى!
فقد تكون إحدى أبرز تقنيات تشكيل اللجان هو التغطية على عدم نجاح المسؤولين الكبار، في الاتفاق على قضايا الخلاف المطروحة، فيعمدون للهروب من هذا الفشل بتشكيل لجان لتتولى هذه اللجان محو آثار فشلهم، وقد يكون هدفها كذلك إراحتهم من عناء متابعة قضايا الخلاف، ولعلَّ أبرز فوائدها يتمثل في، أن المسؤولين الكبار والقادة العظام يتمكنون بها من إلقاء المسؤوليات والتبعات على رؤساء اللجان الصغار، فتُزاح عن كواهلهم المسؤوليات والعقبات والمشكلات والخلافات التي أحدثوها هم أنفسهم، فيتحولون بواسطة تقنيات تشكيل اللجان من (مسؤولين محاسَبين بفتح السين، إلى محقِّقين محاسِبين بكسر السين)، ومِن متَّهَمينَ إلى قُضاةٍ مُتَّهِمين بكسر الهاء!
ومن تقنيات اللجان في فلسطين أيضا، أنها تُسدد النقص في غُدة الزعامة والرئاسة والقيادة في فلسطين وغيرها من الدول المصابة بداء اللجان، فاللجان تُرضي المحتجين والرافضين والشامسين، والناقمين ومَن في حكمهم، لأن معظم الفلسطينيين هم مشاريعُ زعامات مستقبلية!
وقد أثبتت التجارب بأن تشكيل اللجان في ظل القهر والحصار والطغيان يساعد على تنفيس الاحتقان في كل الأوقات والأزمان، ويُخفف التوتر ويُقلِّل من الغضب والثورة والغليان!!
أما أبرز تقنيات تشكيل اللجان فتتمثل فيما يُصاحبها من فوائد وعائدات معنوية ومادية، أما فوائدها المادية فتتمثل في أن كل لجنة من اللجان تحتاج إلى مجموعات من الفواتير الضريبية وغير الضريبية والمصروفات الجارية وغير الجارية والنفقات المالية على الهواتف والوجبات وكل أنواع الضيافات اللازمة لعقد الاجتماعات!
وأخيرا فإنني أعتقد بأن غالبية الفلسطينيين قد مارسوا أدوارهم في عضوية اللجان، ولن يمرَّ العقدُ القادمُ دون أن نحتفل بضم آخر فلسطيني إلى آخر لجنة من اللجان، وكل عام ولجاننا بخير!!