شيء من الفلسفة: عن نيتشه وإرادة الفيزيولوجيا
د. خضر محجز | فلسطين
يبدو لي نيتشه غير منكر للروح، أو للقوى الروحية، أو المشاعر. لكنه يمنحها المرتبة الثانية في خلق الفعل، ودفع التطور صُعُداً.
إنه يجعل الوظائف الحيوية للجسم (الفيزيولوجيا) تفعل وتخترع بنفسها. ومن ثم يرى الوعي هبة مريبة. وهذا التعبير لنيتشه أخذه عنه فرويد ويونج، بل هم بمعنى آخر سرقوه.
يقول نيتشه إن الوعي هو نتاج حديث، لو تُرك له التحكم في البشر منذ خليقتهم لما أمكنهم إلا أن يفنوا. ذلك لأن فعل الأجسام الطبيعي هو ما حفظ على الإنسان بقاءه. وإلا فيمكن تصور ما كان سيحدث للسلالات الأولى من البشر، لو أنها تمتعت بوعي يفكر قبل الرد العفوي على الخطر.
المسألة ما تزال في طور البحث. ولا أظنها لو ثبتت تتعارض مع التنزيل، لكن التطرف فيها لا شك يتعارض مع التنزيل.
لقد أمكن وفق هذه النظرة لنيتشه أن نراه يُعجب بفعل الجيل الأول من الصحابة. ويبدو لي أنه رأى فيهم قوة الغريزة، التي لا تتعارض مع قوة الروح. أو قوة الغريزة الخلاقة لقوة الضمير.
إنهم في نظره من أعطى نظريته حقها في الوجود الحي على الأرض.
كم كان مصيباً وبأية نسبة؟ ذلك يحتاج إلى تأمل أعمق. لكن الثابت أنه حين قال ذلك، إنما كان يدحض مفاهيم كنسية تعادي الحياة. وكذلك حين أعلن موت الإله، فقد قصد إله الكنيسة.
لعشاق الفلسفة الصبورين يمكن قراءة (جينالوجيا الأخلاق. ترجمة فتحي المسكيني. الفقرة: 12. الصفحات: 108 ــ 109)