تذكار
د. سامي الكيلاني
كلمات تعلوها ورقة نبات النفل،
نبات قريب من البرسيم،
الرمز الإيرلندي
محفورة على درع زجاجي من الخلف لتقرأ عبر الزجاج،
أتأمل الكلمات
“عيد زواج سبعيني سعيد إلى
جون وإيلين
من ألما وبات
31 تموز 1937
حب إلى الأبد”
أنا لا أعرف جون ولا أعرف إيلين
ولا أعرف ألما ولا أعرف بات،
كان من الممكن أن أعرف إيلين
ربما رأيتها يوماً تجلس على كرسي أمام البيت
في يوم مشمس
في الشارع الضيق
الذي يتسع لمرور الناس،
أو للدخول إلى موقف سيارات الحي،
لست متأكداً أنني رأيتها،
ليتني رأيتها ورأيت هذا التذكار قبل فوات الأوان
لأسألها عن سبعين عاماً من زواج سعيد.
عبرت الشارع الضيق،
طريقاً مختصراً من شارع ملتون إلى شارع برنس آرثر،
باب مفتوح وأمامه طاولة صغيرة عليها بعض الأغراض
كؤوس فارغة وتحف صغيرة،
وهذا التذكار،
ظننت الأمر “كراج سيل Garage sale”،
سيدة واقفة تشرح للمارة:
الأغراض توزع بالمجان
وتضيف: إيلين رحلت وحيدة،
ويمكنكم أن تختاروا ما يعجبكم،
تفضلوا.
تفحصت التذكار،
حملته،
تيمنت الخير،
سأبقيه محترماً
سأحميه من الإهمال
أو من أن يلقى في حاوية للتدوير
ذكرى سيدة من إيرلندا عاشت في مونترريال
لم أعرفها،
لكن أوقن، أجزم
إيلين عاشت حباً، فرحاً،
كانت ينبوع حنان.
هنا عاشت مع جون
في عشٍّ مضاء بنور الحب
تستضيف بفرحٍ وحنان بنتيها: ألما وبات،
هنا جلست تضيء شموعاً،
تخلّد عيد زواج سبعيني،
وترفع معهم كأساً،
نخباً لحب يانع
قد بلغ السبعين
حبٍ لم يهرم
حبٍّ لم تهزمه الأيام
حبٍّ هزم الأيام.
///
السيدة الواقفة تضحك، تسألني:
ألن تأخذ أشياء أخرى؟
كأس كريستال مثلاً؟
أبتسم لها،
شكراً سيدتي،
يكفيني هذا التذكار،
في وطني نؤمن بالفأل الجيد
نتيمّن بالأشياء على طريقتنا
نصنع منها رمزاً،
نحملها حرزاً يحمينا ضد الشيطان
وضد العثرات،
وضد شرور الناس،
يا سيدتي يكفيني هذا التذكار.