“بيوت مدينة الشارقة والقرى المجاورة لها وساكنوها”.. أحدث إصدارات القاسمي
الشارقة | منشورات القاسمي
أصدرت منشورات القاسمي أحدث إصدار لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بعنوان “بيوت مدينة الشارقة والقرى المجاورة لها وساكنوها “، وهو كتاب يدعو للتذكرة بالأرحام وتوادهم، ويتضمن توثيقا لأحياء مدينة الشارقة وبيوتها القديمة والقرى المجاورة لها، موثقة بصور جوية التقطت عام 1960.
أعده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة بعنوان “بيوت مدينة الشارقة والقرى المجاورة لها وساكنوها ” ، وساهم بالإعداد والجمع الميداني والأرشيفي والتوثيقي هيئة تنفيذ المبادرات في إمارة الشارقة، والهيئة الاتحادية للهوية والجنسية في إمارة الشارقة، وبالعمل الهندسي المدني الإحصائي دائرة التخطيط والمساحة ودائرة التسجيل العقاري، ويتضمن الكتاب جميع وثائق وخرائط وصور أحياء (وفرجان) الشارقة وبيوتها القديمة بالأرقام والتفاصيل، موثقة بصور جوية للإمارة التقطت عام 1960.
يستعرض الكتاب بالتفصيل والخرائط أحياء الشارقة وقد قسم كل حيّ إلى أربعة أجزاء أو أكثر لكثرة البيوت، بحيث تظهر البيوت في الصور بشكل واضح، ليتمكن كل إنسان من مشاهدة بيته والاستدلال عليه. والبيوت جميعها مرقّمة، والرقم مكتوب في الصفحات اللاحقة، ومذكور لكل بيت اسم مالكه، وأبنائه، كما لا يكتفي الكتاب بذلك، فذكر الأبراج والمساجد والأسواق، ومن يبيعون فيها، ونوع الذي يباع فيها، وكانت في هذه الفترة كل الأحياء موجودة كالمريجة والشيوخ والشويهين والشرق، ويضاف في اللاحق أحياء أخرى كالحيرة والخان واللية.
ويشتمل الكتاب على خرائط ومعلومات دقيقة عن الشارقة بدءاً من فريج المريجة إلى فريج الشيوخ، إلى فريج الشويهين، إلى فريج المجرة، إلى فريج آل علي/ الهولي، إلى فريج الشرق، إلى قرية الحيرة، إلى قرية اللية، إلى قرية الخان، حيث يوضح الكتاب بالرسوم والخرائط الأسواق الموجودة في الحارات، فليس كلما أراد الناس التبضع ذهبوا إلى السوق الكبير، إذ توجد في كل حارة محال تجارية وخبازون، وكل ما يحتاج إليه أهالي الحارة والفريج، وكذلك المصانع كمصنع النسيج ومصنع البلاط، وغيرهما.
يقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عن هذا الكتاب: كتاب “بيوت مدينة الشارقة والقرى المجاورة لها وساكنوها” سينتفع به الناس، بإذن الله تعالى، وبما أن الناس تقاعسوا في أن يكتبوا عن أنفسهم، فكتبت أنا لهم، وتمنّيت أن يكون التراحم بين أبنائي وأهلهم، وكيف يكون التراحم بدون السند؟، فأكتب السند لهم وأشجار عائلاتهم وأرسلها إليهم، ثم أودّ لفت النظر إلى أهمية الأسماء البارقة، فعكفت سنوات عدة على جمعها وتفصيلها، وحاولنا أن نضع هذه الأسماء على البيوت، ولكن تدخل البلدية حال دون ذلك، ونذكر أننا عندما وضعنا اسم «ابن ثعلبة» على أحد البيوت، تقدم صاحب البيت إلينا معترضاً على الاسم، فقلت له: «والله لو أنك تدري بما فعله هذا الشخص لوضعته على رأسك وليس بيتك». فجمعت الأسماء البارقة، واستبعدت منها التي حولها لغط.
ويضيف سموّه: ولتنوير الإنسان في الشارقة بأصله وأهله، جمعنا كل تفاصيل الشارقة في هذا الكتاب الضخم ، وهو كتاب من القطع الكبير ويبلغ نحو ذراع، ويتناول كل حيّ من أحياء الشارقة، مقسّم إلى أربعة أجزاء أو أكثر، وكل جزء معروض بأقدم تصوير جوي للإمارة منذ عام 1960، حيث إنني طلبت من دائرة التخطيط والمساحة، أن يعطوني أقدم تصوير جويّ، فأعطونا تصوير عام 1968، فرفضت، وطلبت 1960 فأجابوا بأنه ليس لديهم، فقلت لهم عندما كان الشيخ خالد القاسمي، رحمه الله تعالى، في بداية الحكم، قال لي «أريدك أن تساعدني في البلدية»، فاعتذرت لأنني كنت منتسباً في ذلك العام إلى الجامعة وذاهباً إليها، وكان ذلك في يونيو/ حزيران 1965، فطلب مني أن أساعدهم ولو لأشهر قليلة، وبالفعل نظّمت العمل لديهم، وطلبت منهم حينها تصويراً جوياً، فأجابوني بأن شركة تدعى «مابس» صوّرت الشارقة جوياً، ولكنها لم تسلم التصوير حتى الآن، فبحثنا عن الشركة في بريطانيا، ورغم أنها بيعت لشركة أخرى، فإننا توصلنا إلى المالك الجديد، وبعد اعتذارهم لنا لعدم وجود صور الشارقة، أوصيناهم بالبحث عنها، ووجدوها بعد أسبوع وأرسلوها إلينا، وسعدنا بالحصول على هذه الصور، وللعلم هذه الصور كانت أفضل من التي صورت بعدها.
وعن تراحم الأقارب، قال سموّه: أذكر أنني ذهبت إلى عزاء، ولم أجد فيه شخصاً ممّن ينتمون إلى المتوفّى، وعندما رأيته بعد ذلك، قلت لك أحسن الله عزاءك، فسألني في من؟ فسألته مستنكراً: كيف ليس لديكم علم ونحن لدينا علم؟! فمع الأسف هناك أناس لا يتواصلون مع أرحامهم، فلذلك هذا الكتاب جاء ليذكرهم بأرحامهم، والرحم ليس بالمودة والعطف فقط، بل بالمواساة والوقوف إلى جانبهم، وغيرها كثير من الأمور التي يحتاج إليها القريب، فقد قال الله سبحانه وتعالى: «والجار ذي القربى»، وهي تعني أنه جار في المنطقة لكنه قريبك، ونحن نحاول أن نجعل سكان الحي الواحد من المعارف، ونتمنى أن تعود بإذن الله المودة والتراحم.
وبهذه المناسبة لابد أن نذكر أنه إذا كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، قد أشار في كتبه: (سرد الذات) الذي يتناول فيه سيرته بمراحل مختلفة من عمره منذ طفولته وحتى توليه مقاليد حكم الشارقة في 26 يناير 1972.. و(حديث الذاكرة) بأجزائه الثلاثة، الذي يؤرخ لأحداث ومواقف منذ فترة ما قبل قيام الاتحاد وأثناء الدولة الاتحادية.. و(قصة مدينة) بجزأيه: الأول الذي يحكي سيرة مدينة الشارقة بما حظيت به من تشكل سياسي واقتصادي، منذ أن وحَّد زعيم القواسم الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي مدينة الشارقة ورأس الخيمة تحت حكمه.. والثاني الذي يتحدث عن المعاملة السيئة التي تعرض لها حكّام وأهالي الشارقة من قبل البريطانيين حتى العام 1951.. و(التذكرة بالأرحام) الذي يرسم فيه «شجرة القواسم» وما ارتبط بها من عائلات بصلة نسب.. فإن مؤلفه الجديد «بيوت مدينة الشارقة والقرى المجاورة لها وساكنوها»، يسرد تاريخ أحياء الشارقة، إذ أوضح سموه أنَّ الكتاب يُعَرِّفُ المواطنين بأصولهم وأقاربهم ويُعزِّز التراحم بينهم.
إذن فإن «بيوت مدينة الشارقة والقرى المجاورة لها وساكنوها» الصادر حديثاً والمنتظر على أحر من الجمر من قبل أهالي الشارقة تحديدا بكافة أشجارها العائلية، ومن المحبين لها في الزمان والمكان، ومن قبل الباحثين والدارسين والمؤرخين.. فإنَّ مُدناً عريقةً مُهِمَّةً أخرى تنتمي إلى إمارة الشارقة التي يعود تاريخها إلى 6000 سنة مثل الذيد، خورفكان، كلباء، دبا الحصن، مليحة، وغيرها من مدن بحاجة ماسَّةٍ إلى تداركها بالبحث والتأريخ من لدن أبنائها المعنيين بالشأن البحثي التراثي التاريخي الجغرافي.
· التاريخ المشرق للشارقة:
تعتبر الشارقة أقدم إمارات الساحل العماني، وتتوسط الإمارات الأخرى. تبلغ مساحة الشارقة 2590 كم2، وهذه المساحة تعادل 3.3% من مجموع مساحة دولة الإمارات. ويبلغ طول ساحلها على الخليج العربي حوالي 20 كيلومترا، ومن الداخل حوالي 80 كيلومترا لجهة خليج عمان.
ويعود تاريخ الإمارة إلى أكثر من 7000 سنة، حيث كانت مركزاً للتجارة والثقافة على مدى قرون. وفيما يلي لمحة موجزة عن تاريخ الإمارة على مر العصور.
عودة إلى أثر الإنسان الأول في المنطقة حيث يسطر جبل فاية في إمارة الشارقة تاريخ هذه اللقى الأثرية إلى نحو 85000 سنة قبل الميلاد. وهناك العديد من الاكتشافات التي تم العثور عليها من خلال الحفريات الأثرية في الخمسينيات والتي تعود بتاريخها إلى العصر الحجري، وهي معروضة الآن في متحف الشارقة للآثار.
وقبل حوالي 7000 سنة، أدى المناخ المعتدل وزيادة هطول الأمطار إلى تحويل الصحراء القاحلة إلى سهول خصبة، فشجعت على ازدهار واستقرار المجتمعات البدوية. وعلى مدى آلاف السنين التي تلت ذلك، اعتمدت الشارقة (والتي تعني باللغة العربية “الشرق” أو “الشمس المشرقة”) على خيرات المحيط لتزدهر وتنمو من خلال صيد الأسماك وبناء المراكب والتجارة.
في عام 1720 أصبحت قبيلة القواسم – التي يحكم أحفادها الآن إماراتي الشارقة ورأس الخيمة – القوة الأكبر في المنطقة. فقد حكموا شبه جزيرة مسندم بالإضافة إلى مدن مثل مدينة غمبرون (بندر عباس) وبندر لنجة على ساحل الخليج الشمالي، مما أدى إلى إقامة موطئ قدم استراتيجي على مضيق هرمز، فأصبحت الشارقة أهم ميناء في الخليج العربي. ومع ازدهار التجارة وصيد الأسماك وبناء المراكب، ازدهرت أيضا صناعة اللؤلؤ وكانت من الموارد الاقتصادية المهمة التي استمرت إلى أواخر الأربعينيات.
في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، كان الوضع السياسي في المنطقة متوتراً مع صراعات وجود البرتغاليين والفرنسيين والبريطانيين للسيطرة على خطوط الملاحة البحرية الهامة من وإلى الهند، من وإلى اوروبا. وفي المقابل، شن القواسم هجمات على السفن البريطانية، مما دفع البريطانيين إلى تسمية المنطقة بـ “ساحل القرصان” وبدأت الهجمات لاحتلال المنطقة. وفي عام 1820، وقعت بريطانيا مع مشايخ الخليج معاهدة سلام، وأصبحت المنطقة تعرف باسم إمارات الساحل المتصالح.
شهد القرن العشرون تطوراً سريعاً وملحوظاً، فقد تم إنشاء أول مطار في الشارقة في عام 1932 وتم بناء المدارس الحديثة والمستشفيات وإدخال الاتصالات. وفي عام 1971، تأسس اتحاد الإمارات العربية المتحدة، الذي ضم إمارة الشارقة وأبوظبي ودبي وعجمان والفجيرة وأم القيوين ورأس الخيمة.
أصبح حاكم الشارقة، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكما لإمارة الشارقة في عام 1972، وهو نفس العام الذي اكتشف فيه أول بئر نفط في الشارقة وهو حقل مبارك البحري. وقد ساهمت عائدات النفط والغاز في تنمية الشارقة، ونشوء إمارة مزدهرة معاصرة ومحافظة على تقاليد ثقافتها الإسلامية.
· الشارقة عاصمة للثقافة:
وكانت اللجنة الدولية لعواصم الكتاب العالمية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قد اختارت الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019، تقديراً لدورها البارز في دعم الكتاب وتعزيز ثقافة القراءة، وإرساء المعرفة كخيار في حوار الحضارات الإنسانية، لتسجل الشارقة بذلك لقب أول مدينة خليجية تنال هذا اللقب، والثالثة في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
وجاء اختيار اللجنة، التي اجتمعت في مقرّ الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات في لاهاي، للشارقة اعترافاً بالجهود الكبيرة التي تقوم بها الإمارة في مجال نشر ثقافة القراءة على المستوى العربي والدولي، حيث رصدت اللجنة حجم العمل الثقافي الذي تقوم به الإمارة للنهوض بالكتب والقراءة وتكريس حضورها لدى جميع أفراد المجتمع.
وبهذا التكريم تضيف الشارقة إلى سجلها الحافل بالإنجازات لقباً جديداً، إذ نالت لقب عاصمة الثقافة العربية لعام 1998 وعاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014 وعاصمة للسياحة العربية (2015).
وتختار اليونسكو منذ عام 2001 العاصمة العالمية للكتاب استناداً إلى معايير محددة، حيث يمنح اللقب للمدينة التي تقدم أفضل برنامج على مدار عام بأكمله بهدف تعزيز ثقافة القراءة والكتب، وتشمل المعايير اتساع نطاق وأثر البرامج الثقافية وجودة الفعاليات التي تطرح من قبل الدول للنهوض بالكتاب والقراءة.
وترسيخاً للشارقة عاصمة عالمية للكتاب، تم افتتاح مكتبة جامعة شاملة تسمى (بيت الحكمة) استرشاداً بتراث حميد في توقير الكتاب والارتقاء بالمعارف والعلوم والترجمة والصلات الفكرية بين الشعوب منذ عهود الثقافة الإسلامية العباسية.