الإنسانية لا تتجزأ

محمد زهدي شاهين | القدس المحتلة – فلسطين

 الإنسانية وحدة واحدة لا تقبل التجزئة، وهي غير قابلة للتقسيم، ولا تعترف أو تضع في حال من الأحوال قيمة للفوارق والاختلافات بين بني البشر دينية كانت أو عرقية، أو بين الأجناس والألوان والثقافات باختلاف منابتها ومناطقها الجغرافية. فالإنسانية لها صورة أو صفة واحدة وهي الصورة أو الصفة الإيجابية لا غير، وما دون ذلك فهو انحطاط لقيم الشخص ومعتقداته الواهية التي يرى ويقيم فيها الأمور بعين واحدة أو يكيل فيها بمكيالين. ومع هذا وذاك فالإنسان الإيجابي ينظر لذلك الشخص المريض والمعقد فكريا بعين الإنسانية، وهذا هو عين الصواب.

لا يسعني هنا إلا أن أشكر كل إنسان تعاطف ومد يد العون لأخيه الإنسان بغض النظر إن كان لون عينيه خضراوتين أو زرقاوتين، أو كان ذوا شعر أشقر أو اسود، أو ذوو بشرة بيضاء أم سمراء. ومن هنا أتقدم بالشكر والعرفان من كل إنسسان وقف وساند ودافع عن قضيتنا الفلسطينية القضية العادلة.

إن أصابع اليد الواحدة يختلف أحدها عن الأخر، وكذلك رحم المرأة فهو بستان تختلف أزهاره وثماره؛ فمنها الصالح ومنها الطالح، لهذا فنحن لا نأخذ الأبرياء بجريرة السفهاء المجرمين المتقولين؛ فكل إناءٍ بما فيه ينضح.

اليوم خلال الحرب المندلعة بين روسيا وأوكرانيا لقد كان هنالك انسحاب جماعي لدبلوماسيين من دول أوروبية خلال كلمة وزير الخارجية الروسي لافروف أمام مجلس حقوق الإنسان، بذريعة أنه قد آن الأوان للدفاع عن القيم الإنسانية. يا ترى أين كانت مثل هذه المواقف وشعوبنا العربية والإسلامية تذبح بسيوفكم منذ مئات السنين. ماذا نقول لأطفال ليبيا ولبنان وفلسطين وسوريا والعراق أفغانستان والبوسنة والهرسك، ودول العالم الثالث كما يحلوا لكم تسميتها التي كانت وما تزال بحاجة لمثل هذه الوقفة؟

أكنتم في غفوة أم ماذا؟ في حال إن كانت هذه  الصحوة صحوة من غفلة دونما تحيز لأي أحد أو جنس أو لون أو طرف من الأطراف فهي صحوة دافئة مرحباً بها، ولكن الخوف هنا يتعاظم بسبب التصريحات لمحللين ومن رجال سياسة ورياضة لأوروبيين وأمريكيين بأن ما يحصل الآن في أوكرانيا من قتل وتخريب ومجازر لا يجوز، كونهم أوروبيين مثقفين ذوي بشرة بيضاء عيونهم زرقاء وخضراء، وهم ليسوا سوريين أو عراقيين أو أفغان، ليحصل ما يحصل الآن. هذه التصريحات خطيرة جداً إذ تعمل شرخا وتصدعا في جدار الحضارة الإنسانية، ويتولد منها انطباع عالمي عامّ بأن الأوروبيين عنصريون آريون. فحذارِ حذارِ من ذلك أيتها القارة البيضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى