في عنصرية الإعلام الغربي حول الحرب الروسية الأوكرانية

 يونس العموري | فلسطين

أما وقد أصبحت الحرب على الساحة الأوروبية حقيقة واقعة، وبتنا نعايش يومياتها ونتابع تطوراتها وانعكاساتها وتداعيات العمليات الحربية على كافة الجبهات وارتداتها السياسية الاقتصادية ، وكما هي العادة متابعتنا لها علاقة بقياس تأثيرات هذا الصراع ما بين الغرب والشرق علينا في المنطقة الشرق أوسطية وبلا شك فإننا لا نخفي تعاطفنا مع الدب الروسي بصرف النظر عن حيثيات الصراع وجزئياته لسبب بسيط اننا بالتأكيد ضد سياسات التغول والبلطجة الأمريكية على العالم والكيل بمكاييل مختلفة ومتناقضة ، مع ادراكنا حقيقة صراع المصالح واخضاع القوانين ومنظومة المفاهيم وفقا لمصالح العم سام والغرب الأوربي وهو الامر المعلوم والمعروف، ما نريد قوله هنا اننا نعلم حقيقة بناء الموقف الغرب الأمريكي الأوروبي تجاه قضايا العالم وبؤر الصراع الكونية ، الا ان الوقاحة الامريكية الأوروبية قد طغت هذا المرة بشكل غير مسبوق وظهرت العنصرية والانحياز الاعمى لشعوب ضد شعوب أخرى في العالم ، حيث عرّت الأزمة الروسية-الأوكرانية، المنظومة «الأخلاقية» التي يتغنى بها الغرب، وشعاراته التي يرفعها نصرة لحقوق الإنسان وحريات التعبير، ففي الساعات الأخيرة، توالت تصريحات مشينة لمراسلين أجانب يعملون في وسائل إعلام غربية وعربية، اتسمت بالعنصرية وبخروج «التفوق العرقي» للرجل الأبيض، تبعتها سلسلة اعتذارات بعيد حملات الانتقادات التي خلفتها على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد أقدم مراسل شبكة CBS الأميركية شارلي داجاتا، خلال تغطيته المباشرة للعملية العسكرية الروسية، على التصريح بأن «الهجوم على أوكرانيا لا يمكن مقارنته بالحرب في العراق وأفغانستان لأن الأولى أكثر تحضراً». وقال إن أوكرانيا «ليست مكاناً، مع كل الاحترام الواجب، مثل العراق أو أفغانستان، الذي شهد صراعاً مستعراً لعقود». وتابع: «أوكرانيا متحضرة نسبياً، وأوروبية نسبياً، ولابد لي من اختيار هذه الكلمات بعناية أيضاً. هي مدينة، لا تتوقع فيها حدوث ذلك (الحرب) أو تأمل ألا يحدث ذلك». تصريحات أجبرت صاحبها على تقديم الاعتذار بعد موجة من غضب اعترت السوشال ميديا. وقد عبّر المراسل عن أسفه، قائلاً :«لقد تحدثت بطريقة آسف لها. أنا آسف»، موضحاً أنه كان يحاول إيصال فكرة أن أوكرانيا لم تشهد «هذا الحجم من الصراع» خلال السنوات الأخيرة، على عكس «صراعات أخرى عانت من ويلاتها مناطق أخرى لسنوات عديدة». بدورها، أخرجت مراسلة «أن.بي.سي»، الأميركية كيلي كوبيلا، عنصريتها على الهواء، وعلقت على أوضاع اللاجئين الأوكرانيين قائلة: «بصراحة تامة، هؤلاء ليسوا لاجئين من سوريا، هؤلاء لاجئون من أوكرانيا المجاورة. هؤلاء مسيحيون. إنهم بيض. إنهم مشابهون جداً للأشخاص الذين يعيشون في بولندا»، ليلتحق بها مراسل BBC الذي قال إنّ الأوكرانيين «أناس أوروبيون، بعيون زرقاء وشعر أشقر يقتلون»!. وعلى قناة BMF الفرنسية صرّح أحد الضيوف بالقول: «إننا في القرن الحادي والعشرين وهناك بلد تنهال عليه الصواريخ كما لو كان العراق أو أفغانستان، هل تتخيلون؟». وعلى خط «الجزيرة» الناطقة بالإنكليزية، وجه مراسلها بدوره إهانات عنصرية للاجئين، وقال المذيع خلال التغطية المباشرة للقناة حول الحرب في أوكرانيا أثناء الحديث عن توجه نصف الأوكرانيين إلى دول أوروبية مجاورة كلاجئين: «ما يلفت النظر إليهم، كيف يرتدون ملابسهم. هؤلاء أناس حضاريون من الطبقة الوسطى». وأضاف: «هؤلاء ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا. إنهم مثل أي عائلة أوروبية تعيش بجوارها». ومع تصاعد حملة الانتقادات التي طالت القناة القطرية، قدمت الأخيرة اعتذارها عما بدر من مراسلها. وفي بيان لها، تعهدت بإجراء «تحقيق في الأمر». ولفت البيان الى أنّ المراسل أجرى «مقارنات غير عادلة بين الأوكرانيين الفارين من الحرب واللاجئين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». وأضاف: «كانت تعليقات المذيع غير حساسة وغير مسؤولة. نعتذر لجمهورنا في جميع أنحاء العالم ويتم التعامل مع خرق الاحتراف».

هذا ما ورد على الأقل في وسائل الاعلام في سياق التغطية الإعلامية المنحازة والتي تحاول ومنذ بداية الحرب الروسية – الاكرونية صناعة رأي عام متعاطف مع أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء بهدف التأثير بمجريات الرأي العام الدولي الخاضع لمنطق الانسان الأبيض وذاك الأسود ، والمتعامل مع قضايا الشعوب بمنطق المصالح على حساب الانسان ، والانسان هنا وفقا لما ورد أعلاه مصنف تصنيفا الجغرافيا ولون البشرة والعيون، ان ابشع ما بهذه الحرب هو هذا التصنيف الذي اسقط معه كل المعايير التي لطالما حاول الغرب التعامل بها والتمترس خلفها بالدفاع عن قضايا الشعوب والديمقراطية والقيم الإنسانية، وهنا نلاحظ ان سقوط واسقاط هذه القيم والمبادئ من حسابات هذا الغرب المتغطرس لم يتم التعامل معه من قبل منظومة القوانين الدولية وما يسمى بمبادئ حقوق الانسان التي لطالما تم اشهارها بوجه أنظمة أخرى بمناطق مختلفة من العالم تحديدا في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، حيث انه على سبيل المثال دعوة الرئيس الأوكراني لتشكيل فيلق من المتطوعين الدوليين لمساندة الجيش الأوكراني بالحرب ، الامر الذي لطالما اعتبر في مناطق الصراع الأخرى خرقا للقوانين، بل كان يتم تصنيف المتطوعين المساندين لقضايا الشعوب ضد الاستعمار والاستكبار الأمريكي بوسم الإرهاب والمخربين ولطالما وضعوا على قوائم الإرهاب ، اعتقد ان هذا الفيلق الذي اجتذب ويجتذب الكثير من اصحاب النزعات العنصرية والفاشية والنازية لا يختلف على تنظيم داعش والقاعدة والجماعات التكفيرية العابرة للبلدان والقارات ، والفيلق الاوكراني المعلن عنه سيجتذب أيضا كل اشكال واطياف التعصب الأوروبي العرقي والموترون أصحاب نظرية العرق النقي ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل من الممكن اعتبار هكذا تنظيم او فيلق أوروبي دولي مقاتل إرهابي النزعة والتوجه ؟؟ وكيف سيتم التعامل مع هكذا جماعات من الناحية القانونية والسياسية …؟؟ سيما وان القارة الأوروبية والغرب عموما يعج بهكذا جماعات.

ان هذه الحرب انما كشفت بشكل سافر حقيقة الوجه الفعلي لأوروبا وامريكا على المستوى القادة والجماعات والاعلام المنحاز والعنصري الطابع والتوجه، وانا هنا لا اتحدث بالمطلق بالموقف من طرفي الصراع الروسي – الأوكراني مع وضوح المعادلة وحقيقتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى