الإعلامي تهامي منتصر والمؤرخ أبو الحسن الجمال (وجهًا لوجه)

خاص | عالم الثقافة

     ظهر مؤخراً كتاب “مولانا في بلاط صاحبة الجلالة”، للأستاذ تهامي منتصر الكاتب والإعلامي الشهير، وهو خلاصة تجربته في الحياة منذ أن ولد في قرية نائية في محافظة المنوفية وقد ارتبط بأهلها وترابها فرغم ما وصل إليه من مكانة إلا أنه ما زال يود أهله وناسه ويتابع أرضه ويعمل مع العمال، فهو قد خاصم الكبر واتشح بالتواضع الجم والتبسط مع الجميع، ومذ عرفته أول مرة قبل ثلاثة عقود وأنا أتابع برنامجه الذي كان يذاع في القناة الثانية، ثم عمل بعد ذلك في عدة قنوات، وأدمنت مشاهدة حلقات برنامجه وكنت أعلن الطواريء في بيتي وألغي كل مواعيدي حتى استمتع بالحوارات الدسمة مع كبار الشيوخ والأعلام من أمثال: محمد الغزالي، ومحمد عمارة، وخالد محمد خالد، وعطية صقر، ومحمد سيد طنطاوي وغيرهم..

ولد تهامي سلامة أحمد منتصر بقرية مشيرف بمركز الباجور بمحافظة المنوفية وتعلم في الأزهر الشريف وحصل على الليسانس في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر قسم الصحافة والإعلام، بتقدير عام جيد جداً، وعمل بعد تخرجه في مؤسسة دار التحرير (الجمهورية) بجريدة المساء ثم تركها إلى مؤسسة أخبار اليوم ومارس كل أنماط العمل الصحفي، ثم عمل عمل رئيساً للقسم الديني ومديراً لتحرير مجلة آخر ساعة، وقد شارك في تأسيس وإصدار جريدة الوفد الأسبوعية واليومية ورأس قسم الحوادث والقسم الطبي.

عمل معداً ومذيعاً بإذاعة القرآن الكريم، والبرنامج العام، ثم انتقل إلى التليفزيون وعمل مذيعاً بالقناة الثانية وأعد وقدم العديد من البرامج ومنها “الدين والحياة”، و”الرضا والنور” وحاور فيها كل أعلام العصور من علماء الأزهر وكبار المثقفين، ثم عمل بقناة “إقرأ”، و”الرحمة”، و”أزهري”، و”البحرين”، و”الشبكة العربية” بأمريكا، وقد عمل محاضراً بأكاديمية “أخبار اليوم”.  

 وشارك في المؤتمرات الإسلامية بالسعودية والأردن وتركيا وإيران والعراق وعمان والإمارات، وقد حصل خلال رحلته الزاخرة على العديد من مظاهر التكريم منها شهادات تقدير من المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ونقابة الأطباء، ونال جائزة وشهادة تقدير عن جهوده في تطوير الخطاب الديني من جامعة الأزهر، ثم عمل مستشاراً إعلامياً لمفتى الجمهورية الأسبق.

وكان لابد أن نزوره مملكته ونتجاذب معه حديثاً مطولا وأثر أن يكون صوتياً، لا كتابة كما فعل البعض، وتطرق للحديث في محطات عديدة من حياته بدأت من مشيرف قريته التي يعشقها، ثم مرحلة الأزهر الشريف وتفوقه ثم التحق بكلية الطب ولكنه لم يكمل فيها وحول إلى كلية اللغة العربية قسم الصحافة والإعلام ويحظى برعاية أستاذه القدير الدكتور إبراهيم إمام والذي عبد أمامه الطريق للعمل في الصحافة والإذاعة والتليفزيون بعد ذلك وكان يدربه أثناء الطلب، ثم حدثنا عن رحلته في بلاط صاحبة الجلالة والأستاذ القدوة في حياته وذكرياته مع أعلام العصر والدوافع التي جعلته يؤلف مذكراته المعنونة “مولانا في بلاط صاحبة الجلالة”، وهذا الحوار يصلح أن يكون مختصرا لما جاء في هذا الكتاب.

مشيرف – النشأة الأولى: نبدأ من (مشيرف) حيث النشأة الأولى ذكرياتك معها وكيف شكلت القرية وعيك وإدراكك ودور البيئة في هذه التنشئة؟

– ولدت في قرية “مشيرف” بالباجور منوفية، التي يحيطها النيل من ثلاث جهات، شبه جزيرة، وتقع على فرع دمياط، وهي في آخر رأس المثلث بين القليوبية والمنوفية، وبالتالي في منطقة معزولة تجعلها بعيدة جداً عن الحضر وعن المجتمع وعن طريق القطار وطريق السفر، والخروج منها يُعْد معجزة حتى تصل إلى بداية الطريق، ويوجد في القرية أكثر من ثمانية كتاتيب يقوم الشيخ بدور المربي والمعلم والمحفظ، ولم تكن في القرية مدرسة في هذا التوقيت، ولكن عندما شببت عن الطوق كانت هناك مدرسة مشيرف الابتدائية، وكانت تخدم ثماني قرى ونجوع وكفور.

ولدت في بيت رجل فقير وأسرة كبيرة، جدي ومعه شقيقه؛ وكان له ستة من الأبناء وشقيقه له خمسة من الأبناء، وكل هؤلاء يعيشون في دار متسعة نسبياً ولكن الأسرة تعيش في انسجام ووئام وتعمل يد واحدة وكخلية واحدة وجماعة واحدة ونأكل على خوان (طبلية) واحد ونسهر على مصطبة واحدة وفي مندرة واحدة، وكان جدي لأمي عمدة للقرية وكان معمماً،يدعى الشيخ مصطفى حرش وهو من العمد العلماء، وله سمعة طيبة في العدل والاحترام بين الناس .. هذا الجد كان يوصي أمي بدفع ابنها إلى الكتاب لحفظ وتعلم القرآن الكريم، ثم التعلم بعد ذلك في الأزهر الشريف، وقد أخذت أمي منه الوصية وإن كانت دار والدي لا تهتم كثيراً بمسألة التعليم وإن كبر الولد وصار شاباً يساعد في أعمال الحقل، ولكن والدتي اهتمت بوصية والدها وقد أبلت بلاءً حسناً في مواجهة أسرة أبي وأعمامي الذين كانوا لا يريدون لنا المدرسة ولا التعليم وأمي كانت تصر على تعليم أولادها حتى لو كلفها الطلاق، وكنت أول الأبناء وأول أحفاد جدي، وفي سن الثالثة أخذتني الأم إلى كتاب القرية ووضعتني بين يد الشيخ أمين صالح دبور؛ وهو كان المبصر الوحيد من بين الأربع شيوخ الموجودون بالقرية .. وقد أتممت حفظ القرآن وأنا في سن الثامنة وستة أشهر، وقد دخلت مسابقتين في المنوفية، أخفقت في واحدة وتفوقت في الثانية وبعد ذلك انتهى إلى المشوار الثاني، وهو الالتحاق بالأزهر الشريف.

تهامي منتصر مع فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي

لماذا اتجهت إلى الأزهر الشريف طوال سنوات الدراسة؟

– قريتنا مشهورة بالعلماء، وكان بها ثلاثة من هيئة كبار العلماء بالأزهر، وقد درس هؤلاء على المذهب الحنبلي، وكان عندما يأتون إلى القرية يطلبون من الآباء بالإسراع في التحاق أبنائهم بالأزهر، ويحببون إليها مزايا الأزهر ومنها المجانية، وكان الشيخ محمد حرب الأكثر حضوراً إلى القرية وصعوداً للمنبر، وكان إذا صعد المنبر يمتشق سيفاً خشبياً ويبدو كالأسد الهصور على المنبر، وكان الآباء وأولياء الأمور ومنهم أبي يعجب بالشيخ محمد حرب وبلاغته وثقافته وعلمه وجرأته، وكانوا يتمنون أن يصير أولادهم مثله، وبدأت أخطط للالتحاق بالأزهر وكنت قد أنهيت الصف الرابع الابتدائي، وكنت في البداية أرفض الالتحاق بالأزهر وأبي كان يصر ورضخت له في النهاية وتم قبولي بالأزهر، وذهبت إلى القاهرة لأقيم فيها مع عمي الضابط بالقوات المسلحة، وقضيت معه فترة الدراسة بالأزهر حتى قبل تخرجي في الجامعة بعام فقد أمضيته في مدينة البعوث الإسلامية.

الدوافع التي جعلتك تختار العمل في بلاط صاحبة الجلالة وكيف جاءت فرصة عملك بالتليفزيون بعد ذلك؟

– تخرجت في كلية اللغة العربية، قسم الصحافة والإعلام بتقدير “جيد جداً”، ونسيت أن أقول أنني أمضيت في كلية الطب بالأزهر سنتين، وكانت الدراسة مرهقة لي: مادياً وأبي لا يستطيع أن يوفر لي هذه المصروفات، وكانت العقبة الثانية هي اللغة الإنجليزية، فقد كان محصولنا فيها ضعيفاً جداً، وبالتالي الأمر مرهق في الدراسة، واجتمع السببان وكان دافعاً أن أغير دفتي نحو كلية اللغة العربية قسم الصحافة والإعلام، الذي أنشأه الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف عام 1975، وكنت رئيساً لاتحاد طلاب الكلية، وكنت محظوظاً أن أنال ثقة أساتذتي من أمثال: الدكتور إبراهيم أمام رئيس القسم، والدكتورة فوزية فهيم أستاذة الإعلام ومديرة مركز الإعلام في الإذاعة والتليفزيون، والمخرج الكبير دويدار الطاهر، والأستاذ صبري سلامة، والدكتور كامل البوهي، ونظراً لتميزي كانوا يصطحبونني معهم إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون بمفردي عناية خاصة وبشكل شخصي لطالب متميز، فتعرفت على ماسبيرو وإستديوهات ماسبيرو ومذيعي ماسبيرو، واقتحمت ماسبيرو بفضل أستاذي الكبير إبراهيم إمام، وفي السنة الثالثة بالكلية استضافتني السيدة سهير الأتربي في برنامجها “دعوة للفكر” سنة 1976، وكانت لا تزال مذيعة لم تتول المناصب بعد، وهو برنامج ثقافي، وسألتني سؤالاً(لماذا تدرس الإعلام في الأزهر ما دامهناك كلية الإعلام في جامعة القاهرة، ماذا ستضيفون؟)، والحقيقة كانت إجابتي صادمة للسيدة سهير -عليها رحمة الله- ، قلت لها: نحن والحمد لله نحفظ القرآن الكريم، وبالتالي لغتنا العربية سليمة وصحيحة وبالتالي ثقافتنا نقية وصافية وثقافية بها العلوم الشرعية وعلوم النحو والصرف والبلاغة والأدب، ونحن بهذا أقدر أن نقدم نشرة أخبار بدون أخطاء وبرنامج ديني بدون أخطاء بالواسطة المطلوبة، وبرامج أخرى ثقافية بهذه اللغة الأدبية التي اكتسبناها في الأزهر، فاندهشت سهير الأتربي، ولعل هذا كان هو المفتاح والباب الملكي؛ لأنها تذكرتني بعد عشر سنوات من التخرج في مكالمة وأنا في مكتبي بأخبار اليوم، ودعوتني للقائها في مكتبها بالتليفزيون، وقالت لي أنا محتاجة لمذيع لبق ومثقف، وذهبت إليها في الميعاد، وكان معها الشيخ محمود حبيب وكيل وزارة الأوقاف يسجل برنامج “في نور القرآن الكريم”، وقالت لي أنني شكلت لجنة لاختباري مكونة من: الدكتور جمال ماضي أبو العزايم والسيدة كريمان حمزة والسيد محمد عويس مستشار البرامج الدينية والسيد علي الزرقاني رئيس الإدارة المركزية للرقابة بالتليفزيون وسهير الأتربي، ودخلت الاستديو، وقالوا لي:”أجري حديثاً مع الشيخ، وسمّعنا صوتك، وكيف ستحكي معه، وبدأت الحديث معه، وبعد دقيقة قالوا “كفاية”، ويبدو أنهم اطمأنوا على سلامة الصوت ومخارج الحروف، وخرجت وفي المساء أخبروني بأنه تم عرض النتيجة على السيد صفوت الشريف وزير الإعلام، فوافق على اعتمادي مذيعاً للبرامج الدينية بالقناة الثانية، وهذا حدث عام 1986، لكن قبل هذا التاريخ عملت بالصحافة، وكما عرفني الدكتور إبراهيم إمام على التليفزيون، أخذني أيضاً إلى الأهرام لمقابلة الأستاذ ثروت أباظة، والأستاذ توفيق الحكيم، والدكتور عبد العزيز شرف رئيس القسم الأدبي في الأهرام، ثم مصطفى أمين في الأخبار، ثم جلال الدين الحمامصي في الأخبار، وقد دلّني على الطريق، وفتح أمامي الأبواب وأنا ما زلت طالباً، حتى أن الدكتور كامل البوهي استخدمني كمذيع في إذاعة القرآن الكريم وأنا في السنة الثالثة والرابعة في الكلية ولم أكن قد تخرجت بعد، وكنت أقدم برنامج “مع سور القرآن”، وعقب تخرجي أخذني الدكتور كامل البوهي لتقديم البرنامج الوحيد الذي احتفل بالعيد الألفي للأزهر الشريف سنة 1980 وكان البرنامج اسمه “قلعة الإسلام، الأزهر في ألف عام”، وقدمت البرنامج سنة ونصف إعداد وتقديم وكتابة مادة علمية، واستضفت فيه الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار، والشيخ الطيب النجار، والشيخ أحمد الشرباصي، والشيخ أحمد حسن الباقوري، والدكتور محمد السعدي فرهود، والدكتور حسن جاد حسن، وكل أساتذة التاريخ والحضارة والشريعة والأدب في جامعة الأزهر الشريف، فكان برنامجاً جامعاً وبكل آسف لا يوجد له أثر الآن في أرشيف الإذاعة..

تهامي منتصر مع عالم البحار د. حامد جوهر

إذن، أنا دخلت الصحافة من باب التدريب الأولي في جريدة المساء ومكثت بها عاماً كاملاً، ثم الجمهورية، وقد مكثت بها شهراً، ثم مجلة النادي الأهلي مع الأستاذ حسام النحاس، ثم حدث خلافاً مع الأستاذ سمير رجب بسبب مانشيت بخصوص حادثة اغتيال الرئيس محمد أنور السادات، والذي ورطني فيه سمير رجب، وعلى أثرها تركت الجمهورية إلى مؤسسة “أخبار اليوم” في قصة درامية لا يستقبلني أحد، ولا أحد يهتم بي، وحاولت مقابلة الأستاذ أحمد الزين مدير تحرير الأخبار ولكن عبثاً، وانتهى الأمر بأن قابلني أحد الزملاء صدفة في ميدان العباسية وهو الأستاذ محمد طه الناقد الفني السينمائي الكبير وركبت معه سيارته وأخذني معه إلى  أخبار اليوم، ووجدت الأستاذ رأفت بطرس رئيس قسم الحوادث في مكتب الأستاذ محمد طه، فقدمني إليه محمد طه، وأوصى بي خيرا، وقال له أنني جاره، وبالفعل كان يسكن بجواري في منزلي بالحدائق، وبناءً عليه قبلني رأفت بطرس بأن أتدرب معه في قسم الحوادث، وكان قسم الحوادث في مجلة “آخر ساعة” كان متميزاً وكان ينشر الجرائم والحوادث على صفحات كاملة، إلا أنه كان لا يوجد مع الأستاذ رأفت مرؤوسين ففرح لقبولي معه، وبالفعل دخلت الصحافة من باب الحوادث، ثم من باب التحقيقات، ثم القسم الطبي، ثم القسم الديني، ثم القسم الدبلوماسي، ثم مديراً للتحرير ثم رئيساً للتحرير.

من هو الأستاذ القدوة وذكرياتك مع أعلام العصر؟

– بالنسبة للأستاذ القدوة فهو رقم واحد واثنين وثلاثة هو الأستاذ مصطفى شردي لما كان يتمتع به من جرأة وشجاعة ومن مهنية دقيقة فائقة القدرة، وكان يقدر أبنائه ولا يبخل عليهم لا بخبرة ولا بتعليم ويرفع من معنوياتهم.

ذكرياتي مع الإعلام:

– حضرتك تعرف أنني كنت محظوظاً أنني قدمت بعد سفر الأستاذ أحمد فراج الذي كان يستحوذ على كبار علماء الأزهر الشريف في برنامجه “نور على نور”، فلما سافر أميناً عاما لاتحاد إذاعات الدول الإسلامية في جدة، خلت لي الساحة، وهذا من فضل الله عليّ، وفرصة أرسلها الله لي هدية ومكافأة على كفاحي في الحياة وجهادي في طلب العلم والمعرفة وبالتالي أصبح أمامي فرصة أنني أجول وأصول خاصة أنني لم أكن مرؤوساً لرئيس قسم البرامج الدينية مباشرة، وقالت السيدة سهير الأتربي:”تهامي منتصر تحت إدارتي مباشرة يعني لا أحد يوجهه .. فهو مني له مباشرة ولا أحد سلطان عليه”.وهذه الخصوصية أعطتني فرصة وهي أيضاً طلبت مني أن اكتشف وجوهاً جديدة ولا اكتفي بالشيوخ اللامعين المعروفين، وأول لقطة لي في عملي التليفزيوني أنني أخذت الكاميرا ونزلت الشارع بعدما كانت يتم تسجيل البرامج في حجرة وورائه ديكور مكتبة فمثلا لو كانت الحلقة عن التحرش وآداب الطريق يبقى معي الدكتور المسير ويمثل الاتجاه الديني واللواء مهند الدكروري مدير مباحث الآداب بالقاهرة واستضفت أيضاً الدكتورة فوزية عبد الستار والصحفي محمود صلاح محرر الحوادث بالأخبار، إضافة إلى استضافتي للناس العادية في الشارع من الرجال والسيدات والشباب وكان المخرج يضعه في قمة من التشويق والإثارة والجدية ومعالجة القضية وهنا اقتنع صفوت الشريف والسيدة سهير الأتربي وقالا اتركوا له فرصة ينطلق، لأنه يعمل حاجة جديدة ومن هنا بدأت في طرق أبواب العلماء من أمثال: الشيخ محمد الغزالي، والدكتور محمد عمارة، والشيخ خالد محمد خالد، والدكتور موسى شاهين لاشين، والدكتور أحمد عمر هاشم، ثم جاءتني فكرة لماذا المرأة بعيدة عن البرنامج الديني فأول فرصة استضفت فيها الأستاذة سكينة فؤاد .. أول مرة في البرنامج الديني تظهر امرأه بدون حجاب ولما استقبلها الناس نتيجة لبلاغتها وثقافتها وعملت حلقة معها عن تربية الأبناء وكيفية التواصل معها واستضفت أبلة فضيلة لأول مرة في حياتها تظهر للناس على شاشة ولم تظهر صورتها في الصحافة قبل ذلك ..أول مرة ترى ابلة فضيلة معي في برنامج “الدين والحياة”، وهي تناقش كيف نربي الأطفال وكيف نخاطبهم .. وقدمت بعد ذلك الدكتور علي جمعة واكتشفته في مركز شباب حلمية الزيتون واكتشفت الشيخ محمد الراوي – رحمه الله- وقدمت الدكتورة سعاد صالح، والدكتورة عبلة الكحلاوي، والدكتور سالم عبد الجليل، والشيخ منصور الرفاعي عبيد، والدكتور محمد سيد أحمد المسير، والدكتور محمد الأحمدي أبو النور .. إذن هي رحلة مع العلماء وكان لي الشرف أن أكون بين يديهم تلميذاً ومحاوراً ومتعلماً.     

بعد أكثر من أربعين عاما في بلاط صاحبة الجلالة وفي الإعلام كيف تقيم هذه التجربة؟

– التجربة ثرية وقد أتاحت لقاء العديد من الأعلام والعلماء والملوك والرؤساء وسافرت إلى بلاد عديدة واستطعت من خلال تحقيقاتي الصحفية مثلاً أن أصحح بعض الأوضاع الغير صحيحة  مثال مافيا الزواج العرفي للقادمين من الخليج كانت في الحوامدية والبدرشين وكانت هذه العصابة يشترك فيها إسماعيل محجوب أخو الدكتور محمد علي محجوب ولما تولى الأخير وزارة الأوقاف أدار إسماعيل محجوب مكتب المأذونية أخيه محمد وكان العقيد فلان الفلاني وكان مدير المباحث في مديرية أمن الجيزة لكن خان الأمانة فكان لهم شبكة مركزها الحوامدية والبدرشين. امرأه هناك تجمع البنات الحسناوات ويذهب السائق إلى المطار ويعرض عليه لو محتاج بنت ثم يذهب به إلى البدرشين أو الحوامدية وإسماعيل محجوب يعمل له عقداً لحين استخراج شهادة الزواج ويأخذها إلى الفندق بعد ذلك ويحاسب المعلمة التي تحاسب إسماعيل محجوب والعقيد وتم القبض على العصابة وإحالة العقيد إلى التأديب وإحالته إلى المعاش وإغلاق هذه الأوكار التي تسيء إلى سمعة مصر فضلا عن فضحي لسنوسي الذي أدعى أن الملائكة تساعده في علاج المرضى إذن هي تجربة ثرية ولا بأس بها وانا أعطيت للصحافة كثيراً وكان درس الأستاذ مصطفى أمين عندما تعطي للصحافة أولا ستعطيك ثانياً بقدر ما تعطيها بقدر ما ترد إليك فأنا أعطيت لها من الوقت ومن الجهد والتعب والعرق ومن الإخلاص ثم هي أعطتني بعد ذلك اشياء

كيف وفقت بين عملك في الخطابة في بيوت الله وفي الصحافة وفي الإعلام وفي الفكر عموماً؟

– أنا لم أعمل خطيبا رسميا بوزارة الأوقاف، وإنما كانت هواية .. كنت أخطب في البلد مشيرف أو المنطقة التي كنت أسكن فيها أو باعتباري عضوا عاملا بنادي الشمس وقد ظللت خطيباً في مسجد النادي على مدار 23 عاماً وكان لي جماهير ومريدين، وتركت فيهم أثرا وبعضهم حصل الآن على الدكتوراه، وعندما يقابلني يقول لي أنت الذي أشعلت في ثورة الطموح في نفسي وجعلتني أصر على طلب العلم حتى الدكتوراه هذا شيء يشرفني ويسعدني بالطبع.

ما رأيك في الحياة الثقافية والصحافية والإعلامية في وقتنا الراهن؟

– بكل أسف العصر الذهبي للثقافة انتهى من بعد فترة الثمانينات من القرن الماضي .. العصر الذهبي للإذاعة انتهى تقريباً بعد عام 2000 وابتدأت الأمور في الإذاعة بعد عام 1990، وأصبح هناك مجاملات كثيرة جداً في اختيار المذيعين ولم تكن المعايير التي كانت جادة وقاسية جدا في اختيار المذيعين  أمثال جلال معوض ومحمد عروق وصالح مهران ومحمود سلطان وأحمد سمير وصارت العملية مجاملات لأعضاء مجلس الشعب وأبناء العاملين بالإذاعة والتليفزيون وأبناء السعاة وفتحوا الباب وبالتالي دخل إلى وإستديوهات الإذاعة والتليفزيون من لا علم له ولا صوت ولا فكر بل ولا عقل له اصلاً واعتقد أن الإذاعة بدأت مبكراً اما الصحافة وحتى عام 2005 كانت إلى حد ما بها الرمق وتستطيع أن تعبر عن مشكلات وقضايا الشعب وطموحاته ولكن بعدما ظهرت لجنة السياسات وفكرة التوريث لجمال مبارك أصبح رؤساء التحرير خدم وحشم في بلاد السيد مبارك وانتهت فكرة الصحافة التي تنحاز إلى الشعب وانحازت إلى جمال مبارك وإلى آل مبارك وابتدأ هذا الكلام من عام 2005 إلى أن وصلنا إلى دكاكين لا تقدم صحافة فضلاً على أن الانترنت أجهز عليها ولم يعد أحد يشترى الصحيفة ويحرص على قراءتها إلا من هم فوق الثمانين والحمد لله.

“مولانا في بلاط صاحبة الجلالة”، كيف أتتك فكرة هذا الكتاب وكيف استقبله الناس؟

كتاب “مولانا في بلاط صاحبة الجلالة”، كنت أظن أن أحمل بعض الذكريات وكنت أحكي لبعض الزملاء أمثال جمال الشاعر وعلى العجواني (وهو عميد في القوات الجوية)، وكانوا يحثوني على كتابة هذه الذكريات ونشرها في كتاب .. حتى لا تموت معك هذه الذكريات المهمة التي هي شاهدة على عصر بل عصور مختلفة فقلت اكتبها أولا على صفحتي في “الفيس بوك” ونعرض على السادة الزملاء القراء والحقيقة هذه الطريقة جلبت علي 13 ألف متابع اصبحوا ينتظرون هذه الحلقات على أحر من الجمر ويسألوني دوما لماذا تأخرت لماذا لم تكتب؟ .. ننتظر الحلقة القادمة حتى نبهني بعض الأصدقاء .. لا تنشر كل حاجة وتوقف وأبدأ إعداد هذه الذكريات لتنشر في كتاب وبالفعل توقفت وجلست أكتب حتى أكملت الذكريات والمسيرة والأسرار التي وضعتها في هذا الكتاب حتى وفقني الله وطبعته على نفقتي وتم توزيعه في معرض الكتاب الدورة الأخيرة 52 التي عقدت في يوليو 2021، وصدرت ثلاث طبعات منه واستقبله الناس بالترحاب ونقد بناء ومن اصدق ما قيل حوله أنه بعد الأيام التي كتبها الدكتور طه حسين لم نقرأ سيرة ذاتية بهذا بالصدق وبهذه الصراحة والموضوعية والشفافية بل وبهذا السرد الممتع هذا مال قاله الدكتور حسام عقل الناقد والأستاذ بجامعة عين شمس في ملتقى السرد العربي عندما نوقش كتابي هناك.

روشتة للشباب في الخطابة وفي الصحافة وفي الإعلام؟

– أقول لهم بكل أسف، لا تنتظروا مجداً في الصحافة الآن ولا حتى في القنوات التليفزيونية .. للأسف لا توجد فرص حقيقية لصناعة النجوم ولو وجدت فرص فهي فرص محددة الهدف ومحددة المعالم ولا تصنع نجوماً بالعكس هي تجلب العار وتجلب السخط من المشاهدين والمذيع الآن الذي يلمع لا يلتزم بمعايير ميثاق الشرف الإعلامي .. للأسف لو عندي ابن اليوم وحفيدي يريد أن يدرس في الصحافة والإعلام سأصرخ في وجهه وأقول له ارجع أرجع لا مستقبل لك في الصحافة والإعلام ..

تهامي منتصر في سطور(سيرة ذاتية مختصرة):

  • الجد كان يوصي أمي بدفع ابنها إلى الكتاب لحفظ وتعلم القرآن الكريم
  • أتممت حفظ القرآن وأنا في سن الثامنة وستة أشهر.
  • قريتنا مشهورة بالعلماء، وكان بها ثلاثة من هيئة كبار العلماء بالأزهر.
  • أمضيت في كلية الطب بالأزهر سنتين، وكانت الدراسة مرهقة لي فحولت إلى كلية اللغة العربية.
  • تخرجت في كلية اللغة العربية، قسم الصحافة والإعلام بتقدير “جيد جداً”.
  • خلال الدراسة كنت محظوظاً بثقة أساتذتي الذين اصطحبوني إلى دور الصحف وإلى الإذاعة والتليفزيون فاكتسبت الخبرة.
  • في السنة الثالثة بكلية اللغة العربية استضافتني السيدة سهير الأتربي في برنامجها “دعوة للفكر”.
  • اختارتني السيدة سهير الأتربي مذيعاً للبرامج الدينية بالقناة الثانية.
  • أول لقطة لي في عملي التليفزيوني أنني أخذت الكاميرا ونزلت الشارع بعدما كانت يتم تسجيل البرامج في حجرة.
  • أقول للشباببكل أسف لا تنتظروا مجداً في الصحافة الآن ولا حتى في القنوات التليفزيونية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. حقا الدكتور تهامى قد خاصم الكبر ورجل اتشرف به وهو من اعلام الدين وحق له ان يصادق ويصاحب ويحاور هو من اهلى واهل قريتى واتشرف به وهوفخرا لى ولكل الاعلام بحر من العلوم وكل الثقافات بخبره وحنكه وذو ادب وخلق حسن جم اقول له انى احبك وانت تاج على راسى بل وكل الرؤس دمت طيبا عافيه وعمرا وصحه اخوك الصغير جمال جاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى