فكَّرَ خارج الصندوق فوضعوه فيه ” شهيد الثقافة “

بقلم فرحات جنيدي | كاتب وقاص مصري

شاهدته يبكي وشاهده الكثير من المثقفين. اعتصر الحزن قلبي. لم أصدق عيني. حاولت أن أقنع نفسي أن الشاشة تكذب وأن مخرج البرنامج استعان بمشهد درامي في عمل تلفزيوني أو سينمائي أو مسرحي من أعماله السابقة ولكن نبرات الشجن في صوته قالت إنه هو. صرخت وانتفضت وبعد أيام انتفض من أجله كل المثقفين. أتريدون أن تعرفوا من هو؟ إنه البطل الذي قبض على جمر انتمائه الوطني والثقافة الجماهرية فلم يتبدل ولم ييأس ولم يندم. بل مضي يجمع ويكتشف تفاصيل لا يمكن تجاوزها، أو المرور عليها بشكل عابر، لأنها تضعف القوة الناعمة لمصر التي يريدها متماسكة و قوية و فاعلة و مؤثرة في محيطها العربي و العالمي قال لا نريد أن نكون ضمن الاقوياء بل نريد أن نتفوق بالمعرفة والعمل على المتفوقين وأن نكون بقوتنا الناعمة أقوياء علي الأقوياء. لم يبذل مجهوداً كبير ليكتشف الفساد الذي استشرى في جسد الثقافة المصرية لانه منذ نعومة أظفاره أحب المسرح فاعتلى خشبته وهو في الصف الأول من المرحلة الإعدادية وعشق كل فنون الابداع، فقرر أن يحمل الرسالة ويصل بها لكل الناس. إنه يا سادة شهيد الثقافة الراحل المبدع المتجدد الدكتور سيد خطاب.

عندما جاء كرئيس للهيئة العامة لقصور الثقافة لم يستخدم مصطلح تنشيط قصور الثقافة أو تجديد الخطاب الديني بعمل عشرات الأعمال المسرحية أوالندوات أو المحاضرات والمؤتمرات بل اهتم بمشروع أهم وهو تجديد الخطاب الثقافي الذي من خلاله يصل إلي ما سبق. صدمته ميزانية الهيئة ٥٠٠ مليون جنيهاً فقط منها ٤٢ مليون للإبداع والباقي رواتب الموظفين لم ييأس وقال سنغزل برجل حمار ونجذب رجال الأعمال في المحافظات لدعم الثقافة. قالوا له إن الهيئة تملك ٥٨٥ موقعاً ثقافي قال ساجعلها خمسة آلاف بنزولنا للناس في الشوارع والحواري والمقاهي ومراكز الشباب، سنتحرك بقوافل من الفنون الشعبية والمسرح والكتاب والشعراء. قال سنقوم بتدريب أمناء المكتبات في المدارس والنوادي علي العمل بضمير لكي يتبنى كل أمين مكتبة مجموعة من الطلبة والشباب يهديهم الكتب ويحبب إليهم القراءة ويكتشف ما في داخلهم من موهبة .

قالوا ان شباب المسرح في الهيئة يهربون قال سأدعمهم ليقدموا كل شهر عملاً جديداً وسأرفع الأجور فلا يجوز أن يأخذ فنان المسرح ٤ جنية في البروفة و١٠ جنية في ليلة العرض و٢٠ جنية للانتقال للخارج! قالوا قصور الثقافة مظلمة قال سأجعل في كل قصر شاشة سينما. عمل علي تعيين خريجي الجامعات المصرية المتخصصين في هيئة قصور الثقافة وتم بالفعل تعيين ٧٠ شخصاً من الأوائل كل منهم في الموقع المناسب لتخصصه، بدلاً من الموظفين غير المؤهلين، وقام بإعادة هيكلة الوظائف، فنقل من هو خريج كلية الفنون الجميلة الذي يعمل إدارياً إلي العمل في مجال تخصصه. ألغى انتداب المستشارين والمشرفين علي السلاسل من خارج الوزارة. طهر إدارة النشر والشئون الفنية من المنبطحين ولم يبقَ بها غير الناجحين. نشط ودعم وجود الثقافة في حلايب وشلاتين وأبو سنبل وفعَّل المسرح والمسرح المفتوح في الشوارع . أحال الكثير من الملفات للنيابة الادارية والأموال العامة. قام بتجديد سينما هيس وموط بالوادي الجديد وجمع بين حدود مطروح وحلايب وشلاتين وشمال سيناء في خيمة واحدة. عمل علي دعم المرأة المنتجة وإحياء الحرف اليدوية ومشاركة كل بيوت مصر في الإنتاج. قام بإصلاح إداري في بناء المواقع والمسرح العائم والأنفوشي وحوَّل عدداً كبيراً من الشركات للنيابة بعد ما اكتشف إهدار أكثر من مائة وخمسين مليون جنيهاً. . قام بمبادرة “الكتاب بدل السلاح” في البداري وزار ست محافظات في شهر واحد وكررها في ست محافظات أخري. قام بجرد المخازن بشكل فعلي وكشف الفاسدين وحولهم للنيابة. قام بالتفتيش علي لجان الموارد والمشتريات ووضع الخطة الاستثمارية وجمع كل فرق مصر في مهرجان “آفاق” الذي ضم ١٥٠ فرقة مسرحية.

عمل مع وزارة التربية والتعليم علي عودة الحصة المكتبية. والان عزيزي القارئ هل تصدق أن كل هذه الإنجازات تمت في ثلاثة أشهر فقط؟! .بالطبع أمر لا يصدق فمن يقوم بكل هذا لابد أنه إنسانُ يمتلك قوة خارقة. لكنها الحقيقة. نعم إنها الحقيقة التي أربكت رموز الفساد والمنتفعين المنبطحين حتي الوزير الذي جاء به شعر بالارتباك والقلق علي كرسيه ومصالح رجاله! وفي تصرف غريب لم تشهده الوزارة من قبل سرب جابر عصفور بعض الأوراق لصديقه الصحفي حلمي النمنم الذي بدوره شن حملة كبيرة علي سيد خطاب علي ضوء مخالفة لم يكن طرفاً فيها! فاتصل عصفور بسيد خطاب وأبلغه أنه لا يرحب بالعمل معه وأصدر قراراً بإقالته وتحويله للتحقيق لينال من سمعته التي أصبحت مضرِب المثل. انهار خطاب لحظات لكنه تمالك نفسه بسرعة وأعلن للجميع أنه يرفض العيش في تلك الدنيا وصورته قد اهتزت أمام أبناءه في البيت وأمام طلبته وأمام العاملين بالهيئة. واجه الوزير علي شاشات التلفاز حتى أنه انهار في أحد البرامج التلفزيونية وهو برنامج 90 دقيقة على قناة المحور الذي أذيع بتاريخ 14 فبراير 2015 وأجهش بالبكاء أمام الملايين وهو يسرد وقائع الفساد ويطالب جابر عصفور بالرد لكن عصفور لم يهتم. فأعلن خطاب عن مؤتمر صحفي وعرض فيه كل المستندات التي تثبت براءته وتقدم ببلاغ ضد الوزير عصفور والذي لم يجد شيئاً غير أن يبرر ما فعله بقوله إن خطاب قد أرسل المخالفات إلي نيابة تحفظ القضايا! (وهو اتهام ضمني للنيابة بالتقصير)، فما ذنب سيد خطاب في ذلك؟ ألا يكفي أنه أحال قضايا الفساد للنيابة بدلاً من التستر عليها مثل غيره؟ ولأول مرة في تاريخ الوزارة تخرج مظاهرات من داخل الوزارة في جميع المحافظات تطالب بعودة خطاب ورد اعتباره، فانتصر خطاب علي الوزير وعاد إلي رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة ليعمل بها ستة أشهر أخرى قام خلالها بفتح الأبواب للعقول الشابة المتجددة وتمكن من احتضانها. لكنه وجد نفسه أمام طريقين “المواءمة أو المواجهة” ومع الطريق الأول سيضطر للإبقاء على رءوس الفساد الذين تم الإبقاء عليهم في الوزارت السابقة وعلى الجيل الثاني الذي سارع عصفور بوضعهم في الأماكن القيادية الثانية كنواب رؤساء ومديرين ومشرفين قبل أن يرحل عن الوزارة. لقد وعي خطاب لهذا الاختيار الصعب وعمل بجهد كبير أبهر به كل المتابعين وقهر به كل الفاسدين، لكن عصفور بالرغم أنه كان خارج الوزارة لكن رجاله موجودون متربصون بخطاب وخطواته مما جعله يتحامل أكثر علي نفسه ويعمل ليل ونهار ويكشف الفاسدين لكن الحرب كانت شرسة والضغوط كبيرة وبدون مقدمات قرر وزير الثقافة حلمي النمنم استبعاد خطاب من رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة بعدم التجديد له لمدة عام آخر رغم أن الوزير أرسل خطابًا في 4 يناير 2017 إلى أكاديمية الفنون المنتدب منها خطاب للحصول على موافقة الأكاديمية على التجديد وذلك بعد ثناء الوزير على أداء خطاب! وهو ما وافق عليه مجلس إدارة المعهد، وكذلك رئاسة الأكاديمية التي ردت على الوزير تؤكد موافقتها على استمرار ندب خطاب.. وعلى الرغم من تأكيد الوزير في خطابه إلى الأكاديمية أن العمل بحاجة إلى استمرار سيد خطاب بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إلا أنه أصدر قرار غامضاً بندب صبري سعيد من العلاقات الثقافية الخارجية، ليتولى منصب نائب رئيس الهيئة وأن يقوم بأعمال رئيس الهيئة.

ومن هنا نجد النمنم يرفض بنفسه التجديد لخطاب، مما أثار تساؤلات عدة حول رغبته في استمراره بالعمل والرفض المفاجئ للتجديد له. وهنا ظهر اسم حسن خلاف رئيس قطاع مكتب الوزير حيث أشار العديد من موظفي الوزارة إلى أنه هو من أقنع “النمنم” بعدم التجديد لخطاب في اللحظات الأخيرة نظرًا لوجود خلافات بينهما بعدما حاول “خلاف” فرض سيطرته على قصور الثقافة إلا أنه فشل في ذلك، وقام أثناء مناقشة الخطة المالية لميزانية الوزارة لعامي 2015 / 2016، من خلال وزارة المالية وبنك الاستثمار ووزارة التخطيط بتخفيض موازنة الباب السادس بالهيئة إلى 88 مليون بدلًا من 180 في العام السابق مما أعاق الخطة الاستثمارية بالهيئة العامة لقصور الثقافة في إنشاء مواقع جديدة والالتزام ببيان الحكومة.

هذا بجانب أن خلاف كان يسعي الي إنشاء مقر جديد للوزارة داخل الأوبرا، إلا أن خطاب تصدى لذلك كما أن خلاف حاول أن يتعامل مع الهيئة كما يتعامل مع قطاعات الوزارة التابعة له دون اعتبار لقرار إنشائها الذي يعطيها استقلالية تامة، والمعروف للجميع أن الوزير نفسه كان يخشي الدخول في صدام مع حسن خلاف الذي يعد الوزير الفعلي للثقافة مما جعل الوزير يرضخ لطلبه بالإطاحة بـخطاب دون إبداء أسباب. فلم يتحمل قلب سيد خطاب النابض بالحب والعطاء فأصيب بنوبة قلبية مفاجئة نقل على إثرها إلى مستشفى المعادي العسكري، حيث وافته المنية في 23/1/2018 و رحل أستاذ النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، رحل إبن الفيوم الدكتور “سيد علي محمد خطاب” المولود في 15 مارس 1966م، الحاصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الدراما والنقد المسرحي عام 1994م، بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف أول الدفعة. والحاصل على دبلوم الدراسات العليا بمعهد الفنون المسرحية عام 1996 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف – والحاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون من جامعة روما “لاسابينثا” بإيطاليا عام 2007 تحت عنوان “أثر التقنية الرقمية على فن الكتابة للمسرح” وهو تخصص نادر في أحد أقسام كلية العلوم الإنسانية بجامعة روما، وهو التخصص الذي يدعم دخول المسرح إلى عالم التقنيات الرقمية والاستفادة من ثورة الاتصالات والمعلومات. رحل الرجل الذي رفض أن يمارس دور الرقيب علي الإبداع وأن يفرض القيود على غيره. رحل الرجل الذي قال إن الإبداع لا يعرف الخوف والمبدع لا يخون بل يحمي الوطن كالجندي علي الحدود.

والNن أظن أنه قد آن الأوان لتقوم وزارة الثقافة برد الإعتبار لشهيد الثقافة وتكريمه وإنشاء جائزة باسمه في المسرح وإن لم تفعلها الوزارة فعلي المثقفين تكريمه.

وعلى الجيل الثاني الذي سارع عصفور بوضعهم في الأماكن القيادية الثانية كنواب رؤساء ومديرين ومشرفين قبل أن يرحل عن الوزارة. لقد وعي خطاب لهذا الاختيار الصعب وعمل بجهد كبير أبهر به كل المتابعين وقهر به كل الفاسدين، لكن عصفور بالرغم أنه كان خارج الوزارة لكن رجاله موجودون متربصون بخطاب وخطواته مما جعله يتحامل أكثر على نفسه ويعمل ليلا ونهارا ويكشف الفاسدين لكن الحرب كانت شرسة والضغوط كبيرة وبدون مقدمات قرر وزير الثقافة حلمي النمنم استبعاد خطاب من رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة بعدم التجديد له لمدة عام آخر رغم أن الوزير أرسل خطابًا في 4 يناير 2017 إلى أكاديمية الفنون المنتدب منها خطاب للحصول على موافقة الأكاديمية على التجديد وذلك بعد ثناء الوزير على أداء خطاب! وهو ما وافق عليه مجلس إدارة المعهد، وكذلك رئاسة الأكاديمية التي ردت على الوزير تؤكد موافقتها على استمرار ندب خطاب.. وعلى الرغم من تأكيد الوزير في خطابه إلى الأكاديمية أن العمل بحاجة إلى استمرار سيد خطاب بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إلا أنه أصدر قرار غامضاً بندب صبري سعيد من العلاقات الثقافية الخارجية، ليتولى منصب نائب رئيس الهيئة وأن يقوم بأعمال رئيس الهيئة.

ومن هنا نجد النمنم يرفض بنفسه التجديد لخطاب، مما أثار تساؤلات عدة حول رغبته في استمراره بالعمل والرفض المفاجئ للتجديد له. وهنا ظهر اسم حسن خلاف رئيس قطاع مكتب الوزير حيث أشار العديد من موظفي الوزارة إلى أنه هو من أقنع “النمنم” بعدم التجديد لخطاب في اللحظات الأخيرة نظرًا لوجود خلافات بينهما بعدما حاول “خلاف” فرض سيطرته على قصور الثقافة إلا أنه فشل في ذلك، وقام أثناء مناقشة الخطة المالية لميزانية الوزارة لعامي 2015 / 2016، من خلال وزارة المالية وبنك الاستثمار ووزارة التخطيط بتخفيض موازنة الباب السادس بالهيئة إلى 88 مليون بدلًا من 180 في العام السابق مما أعاق الخطة الاستثمارية بالهيئة العامة لقصور الثقافة في إنشاء مواقع جديدة والالتزام ببيان الحكومة.

هذا بجانب أن خلاف كان يسعى إلى إنشاء مقر جديد للوزارة داخل الأوبرا، إلا أن خطاب تصدى لذلك كما أن خلاف حاول أن يتعامل مع الهيئة كما يتعامل مع قطاعات الوزارة التابعة له دون اعتبار لقرار إنشائها الذي يعطيها استقلالية تامة، والمعروف للجميع أن الوزير نفسه كان يخشى الدخول في صدام مع حسن خلاف الذي يعد الوزير الفعلي للثقافة مما جعل الوزير يرضخ لطلبه بالإطاحة بـخطاب دون إبداء أسباب. فلم يتحمل قلب سيد خطاب النابض بالحب والعطاء فأصيب بنوبة قلبية مفاجئة نقل على إثرها إلى مستشفى المعادي العسكري، حيث وافته المنية في 23/1/2018 و رحل أستاذ النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، رحل إبن الفيوم الدكتور “سيد علي محمد خطاب” المولود في 15 مارس 1966م، الحاصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الدراما والنقد المسرحي عام 1994م، بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف أول الدفعة. والحاصل على دبلوم الدراسات العليا بمعهد الفنون المسرحية عام 1996 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف – والحاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون من جامعة روما “لاسابينثا” بإيطاليا عام 2007 تحت عنوان “أثر التقنية الرقمية على فن الكتابة للمسرح” وهو تخصص نادر في أحد أقسام كلية العلوم الإنسانية بجامعة روما، وهو التخصص الذي يدعم دخول المسرح إلى عالم التقنيات الرقمية والاستفادة من ثورة الاتصالات والمعلومات. رحل الرجل الذي رفض أن يمارس دور الرقيب على الإبداع وأن يفرض القيود على غيره. رحل الرجل الذي قال إن الإبداع لا يعرف الخوف والمبدع لا يخون بل يحمي الوطن كالجندي على الحدود.
والآن أظن أنه قد آن الأوان لتقوم وزارة الثقافة برد الاعتبار لشهيد الثقافة وتكريمه وإنشاء جائزة باسمه في المسرح وإن لم تفعلها الوزارة فعلي المثقفين تكريمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى