دون شأوك يا خصيبي!
هلال بن سالم السيابي | شاعر عماني ودبلوماسي سابق
في ذكرى الشيخ محمد بن راشد الخصيبي {١٣٣٦ – ١٤١١ / ١٩١٥ – ١٩٩٠}
أثرها منك زاحفة الوثوب
رعالا، لا تراع من اللهيب
///
وأوردها العراكَ فدتك نفسي
فقد نادى المنادي للركوب
///
ألم تسمع بقعقعة المواضي
ألم ترها برابية الكثيب
///
ألمٌا تبصرِ الرايات خضرا
وحمرا بالمضارب والكعوب
///
تجمعت الفوارس في رباها
تحيي الركب في ألقٍ وطيب
///
وتستسقي الحديث، وأي ذكرى
كما تبغيه من أدب رطيب
///
تجيش بكل رائعة المعاني
لتلوي بالاعنة والقلوب
///
وتمرح بالبيان فلا تسلني
عن السلسالِ والأريِ الضريب
///
وقالوا عنك، أو فاضوا نهورا
ولكن دون شأوك يا خصيبي!
///
فما هذي البلابل لو شجتني
سوى ما جئتَ من سجعٍ غريب!
///
صدحتَ فغنٌتِ الأطيار زهواََ
وقلتَ فلم تدع لفتىََ أريب!
///
وأطربتَ الحواضرَ والبوادي
بمؤتلقٍٍ من العزف الطروب
///
رعى الله اللياليَ سَالفاتٍ
كمثل الطٌيب والغصن الرطيب
///
لياليَ في ذرى الفيحاءِ تزهو
ابا يعقوب بالأدب العجيب
///
وتأتي بالفرائد غاليات
وبالآيات في البُرد القشيب
///
وبالخطرات مشرقة المرائي
وبالتبيان كالافق الرحيب
///
تجوب الدار من شرق لغرب
ومن ضاحي الصباح الى الغروب
///
فمن صرح “الخميريات” تنحو
لنحو ” الجعفرية” في رتوب
///
ومن ” مرية ” الكرم المجلي
الى ” سحراء ” في عزمٍ وَثُوب
///
تلاقي الشيخ بعد الشيخ حتى
كأنك في اضطراب المستريب
///
فلا تنفكٌُ تطلب مالديهم
كذلك شيمة العَلَم الأديب
///
إلى أن قد حططت الرحل يوما
والقيت العصا بذرى مَهيب
///
وبتٌَ مكرٌما بربى جليلٍ
“بغيل الدك” والحضن الحبيب
///
أبي يحي وحسبك من إمام
اذا ما الخطب آذن بالنشوب
///
تغادي أو تراوح عقوتيه
لتنهلَ ما أردت بكل كوب
///
وتكرع من حياض أبي عبيد
كؤوس العلم بالماء الشروب
///
ومن كأبي عبيد قطب علم
وشمس معارف وتقى منيب
///
لقد غذٌاك بالصٌِرف المصفٌى
ولم يتركك للكدر المشوب
///
بناك المُعلَمون بناءَ صدقٍ
وهل يبني النجيبَ سوى النجيب
///
وحولك من أبي سيفُُ ودرعُُ
يجلٌي كل ملحمة نكوب
///
فكنت كما أردت سناءَ مجد
ودرعاََ في الحوادث والكروب
///
إذا الأيامُ أشرعتِ العوالي
سموت لها بذي شطب صليب
///
وإن حفلت بعاديةالمذاكي
تجدك جراز إفرند خشيب!
///
أبا يعقوب، لا أنساك عمري
وما نسيان مثلك من خطوبي!
///
عرفتك والشبيبة في صباها
وأنت الكهل مكتمل النصيب
///
تمور قصائدا وتفيض شعرا
وتسري كالشذى سمح الطيوب
///
فيا لك من زمان قد تقضى
بهيٌ الحسن كالثغر الشنيب
///
ونحن “بمسجد الخور” المعلٌَى
على حرم الجلال المستجيب
///
تطيش بنا الأماني عاليات
على زخم النجاح أو الرسوب!
///
فهذا يقطع الأيام حفظا
لمتن النحو أو شرح الغريب
///
وذا “بالجوهر” المنظوم يزهو
به عن كل ملتبس خلوب
///
وفي “شرح الخلاصة” كم دببنا
واإن لم نعيَ من ذاك الدبيب
///
تساقينا الكؤوس، فكم أرِقنا
لحفظ الدرس في الليل الكئيب
///
وأنت تجسٌُ منا كل خطو
وتستجلي المصاب من المصيب!
///
تراقبُنا بعين النسر حتى
ترى آفاقنا أو عين ذيب
///
فيا لله من عصر تقضى
كعرف الند بالخود العروب
///
وللشيخين فينا ألف عين
ترانا تحت أغطية الغيوب
///
وتدري بالفراسة ما تناءى
عن الانظار من خلل الثقوب
///
فآبا بالمعارف زاخرات
ولم نقبض سوى الوهم الكذوب!
///
٤٩ أبايعقوب إن أذكرك أذكر
كريم النفس والخلق الرحيب
ولا أثني – أذا أثنيت – إلا
على الأخلاق مثل شذى الطيوب
///
عليك سلام ربك ما تجلت
“شقائقك” البهية للشعوب
///
سلاماً واديَ الفيحا سلاما
على تلك المعالم والسهوب!
///
على تلك المعاقل وهي تروي
إلى الأجيال تاريخ الحروب
///
وتحكي للشباب جلال ماضٍ
كريم الخيم أو زمن عصيب
///
وعفوا ساحة الفيحا اإذا ما
نأت بي عنك في الدنيا دروبي
///
فما إن كان ذاك بملك نفسي
ولكن طعنة الدهر المريب
///
على أني حملتك في ضلوعي
سمائل ، فاغفري كل الذنوب!
١٥ شعبان ١٤٤٣ هج
١٨ مارس ٢٠٢٢ م