عناصر قوة روسيا وضعفها

توفيق شومان | إعلامي ومفكر سياسي لبناني
تفرض الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ومن خلفهما بين روسيا والغرب، مجموعة من القراءات والمقارنات المرتبطة بالواقع الروسي ، هذه إطلالة سريعة على نقاط قوة روسيا وعلى نقاط ضعفها.
ـ أولا : نقاط القوة الروسية :
ـ المساحة 17 مليون كيلومترا مربعا .
ـ القوة النووية الثانية في العالم .
ـ لروسيا ثاني أقوى جيش في العالم .
ـ لروسيا مجال حيوي واسع عملت على تكريسه طوال قرون عدة ، و يشمل آسيا الوسطى وبلاد القوقاز وقسم من أوروبا الشرقية .
ـ تمتلك روسيا حق “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي مما يتيح لها الإسهام في إدارة النظام العالمي ، وهذا عامل قوة لا يمكن لطرف دولي انتزاعه منها .
ـ لروسيا صناعات عسكرية وفضائية رائدة .
ـ قطاغ الغاز : بحسب النشرة الإحصائية لمنظمة “أوبك” للعام 2020 أن روسيا هي الأولى عالميا من حيث امتلاكها حوالي 49 تريليون متر مكعب من احتياطي الغاز وتأتي بعدها إيران وقطر، وعلى ما قال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، خلال مشاركته في منتدى أعمال الطاقة الروسي ـ الصيني “إن احتياطيات النفط في روسيا ستكفي لمدة 30 عاما على الأقل ، أما احتياطيات الغاز فتكفي لمدة 50 عاما”، مثلما أوردت وكالة ” تاس” في التاسع والعشرين من تشرين الثاني / نوفمبر 2021.
ـ روسيا هي الدولة السادسة عالميا بإمتلاكها احتياطيا نفطيا مقدرا ب107مليارات برميل، ففنزوبلا تحتل المرتبة الأولى (304 مليارات برميل) والمرتبة الثانية للسعودية (298 مليار برميل) والثالثة لكندا ( 170مليار برميل ) والرابعة لإيران (156مليار برميل) و الخامسة للعراق (145 مليار برميل) بحسب ما جاء في تقرير لوكالة “سبوتينك ” الروسية بتاريخ 8 ـ 3 ـ 2022 .
ـ الصادرات الروسية النفطية الثانية في العالم، وتقترب حصة روسيا النفطية في السوق العالمية من 14 في المائة .
ـ تمتلك روسيا موارد طبيعية هائلة ، وهي من ضمن الآوائل الثلاث التي تحوز على احتياطيات الذهب والفحم والحديد والألماس والبلاتينيوم .
ـ روسيا هي إحدى أهم السلال الغذائية العالمية ، وتموضعت في العام 2017 في مركز الصدارة الأولى في تصدير القمح ، إذ أنها صدرت 41 مليون طن مثلما ذكرت وكالة ” نوفوسوتي ” الروسية في الثالث عشر من تموز / يوليو2018 ، وتنتج روسيا زهاء 77 مليون طن من القمح سنويا ، وتأتي بعد الصين (135 مليون طن) ثم الهند (103 ملايين طن ).
ـ روسيا هي الأولى عالميا في إنتاج الشعير، والثانية في زراعة بذور عباد الشمس، والثالثة في البطاطا والخامسة في مزارع الدجاج وإنتاج البيض.
ـ القوة الناعمة الروسية أكثر ما تتمثل في الأدب الروسي العائد الى ما قبل العام 1917 ، وهو أدب حي كان وما يزال يتصدر قائمة الآداب العالمية ، كما تأخذ روسيا موقعا هو الأول في الرقص التعبيري المعروف ب ” الباليه ” ومواقع متقدمة للغاية في الإبداع الموسيقي، فضلا عن الشطرنج وأصناف متعددة من الألعاب الرياضية .
ـ للشعب الروسي قدرة استثنائية على الخروج من عوارض الهزائم والخراب والعودة إلى اتخاذ موقع متقدم بين الأمم الحية ، وهذا ما حدث ثلاث مرات في القرن العشرين ، بعد الخراب الكبير في الحرب العالمية الأولى ، وبعد الدمار الهائل في الحرب العالمية الثانية ، وبعد انهيار الإتحاد السوفياتي في آواخر تسعينيات القرن العشرين .
ـ لروسيا تاريخ أمبراطوري مديد ولصيق بالهوية الوطنية الروسية ويأخذ أشكالا متنوعة بين حين وآخر ، قيصري في فترة، و سوفياتي في آخرى ، وبوتيني أخيرا .
ـ الهوية الوطنية الروسية مكتملة وقوية، والهويات المكتملة والمماثلة للهوية الروسية قليلة في العالم ، ومن ضمنها الألمانية والإنكليزية والفرنسية واليابانية والهندية والإيرانية والصينية والتركية، وقد تكون من بينها الهويتان اليونانية والإيطالية على الرغم من تاريخية الأخيرتين، ولذلك لا يرى الروس أنفسهم إلا في إطار دولة قوية .
ـ ثانيا : عناصر الضعف :
ـ قلة عدد السكان : 147 مليون نسمة في عام 2020، وفقا لما قاله الرئيس فلاديمير بوتين ، بحسب تغطية إخبارية لمواقف بوتين منشورة على موقع قناة “روسيا اليوم” في الخامس عشر من كانون الثاني / يناير 2020.
ـ تناقص عدد السكان: تتصدر روسيا قائمة الدول التي تشهد تراجعا سكانيا ، وهذا يهدد حجمها السكاني على المدى المتوسط، وورد في تقرير أوردته صحيفة ” “إزفيستيا ” الروسية بتاريخ 16 ـ 10 ـ 2020، أن عدد سكان روسيا سينخفض في عام 2024 مليون ومائتي ألف نسمة .
ـ مجال حيوي قلق يسعى للتفلت من سطوة موسكو (أوكرانيا ـ دول البلطيق ـ جورجيا ـ مولدوفيا ـ قبلها روسيا البيضاء ـ كازاخستان ـ تركمانستان وغيرها)، وسبق كل الدول المذكورة دول أوروبا الشرقية ما عدا صربيا .
– هذا المجال الحيوي لا يمكن اعتباره خاصرة رخوة لروسيا فحسب، بل خاصرات رخوات .
ـ نسبة عائدات الطاقة في الموازنة : وفقا لبيانات وزارة المالية الروسية أن نسبة عائدات النفط والغاز ، كانت 46 في المائة من إجمالي الموازنة في عام 2018 ، وتدنت هذا النسبة في النصف الأول من عام 2019 إلى 41 في المائة، وقال الرئيس فلاديمير بوتين (17 ـ 12 ـ 2020 ) إن عائدات الطاقة تقارب الثلاثين في المائة من الموازنة العامة ، لكن أسباب هذا الإنخفاض تعود إلى تراجع انتاج الطاقة على المستوى العالمي بفعل جائحة ” كورونا ” ، وكل ذلك يطرح ثلاث مسائل خطيرة على الإقتصاد الروسي، الأولى: ارتباط هذا الإقتصاد بالدولار الأميركي ، والثانية خضوعه لتقلبات أسعارالنفط ، والثالثة : اعتماده بنسبة كبيرة على الإتحاد الأوروبي .
ـ في تقرير للتلفزيون الألماني (9 ـ 3 ـ 2022) أن 60 في المائة من صادرات روسيا النفطية تذهب إلى دول الإتحاد الأوروبي ، وتحصل دول قارة آسيا على على 35 في المائة من تلك الصادرات، وتدفع أوروبا لروسيا كما ورد في التقرير حوالي 350 مليون يورو (382 مليون دولار) يوميا مقابل الواردات النفطية الروسية إليها، وشكل الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لروسيا في عام 2020 ، مما يعني ان الغربيين يمسكون بخناق روسيا اقتصاديا.
ـ حجم الإقتصاد الروسي تريليون و700 مليار دولار ، بما فيه قطاع الطاقة ، وهو يحل على التوالي بعد الولايات المتحدة (23 تريليون دولار) والصين (17 تريليون دولار ) واليابان (5 تريليون و100 مليار دولار) وألمانيا (4 تريليون و600 مليار دولار) (وبريطانيا (3 تريليون و100 مليار دولار) وفرنسا 3 تريليون دولار) والهند (2 تريليون و900 مليار دولار) وإيطاليا (2 تريليون و100مليار دولار) وكندا (2 تريليون دولار)) وكوريا الجنوبية (تريليون و800 مليار دولار) ، وهذا يعني أن روسيا في المركز 11 إقتصاديا على المستوى العالمي .
ـ افتقاد الإقتصاد الروسي إلى القدرات التنافسية .
ـ كبار الأثرياء أو ما يعرف بـ “الأوليغارش” الروس يودعون أموالهم في المصارف الغربية (بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا ـ الولايات المتحدة ـ اليونان ـ قبرص) وهذا ما لا ينطبق على “الأوليغارش” الغربيين حيث لا يودعون أموالهم في المصارف الروسية، وتلك نقطة ضعف بليغة، وقد عانت منها روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا .
ـ افتقاد روسيا إلى جوانب هامة من القوة الناعمة، من مثل السينما والأغنية والموسيقى الرائجة عالميا وسائر الفنون الأخرى إذا قيست مع نظيراتها الغربية، فضلا عن تراجع الإنتاج الأدبي المرموق مثلما كانت الحال مع الأدب الروسي الكلاسيكي ذي المقام العالي والرفيع، كما يغيب الفكر السياسي الروسي عن التأثير العالمي، وبإستثناء النظرية “الأوراسية” التي أعاد إنتاجها المفكر الكسندر دوغين، وهي نظرية مستمدة من المفكرين الروس خلال العهد القيصري، لم يظهر إلى حيز الضوء مفكرون سياسيون روس في العقدين الماضيين طرحوا أفكارا ونظريات ذات شأن تضاهي ما أعاد إحياءه الكسندر دوغين.
-لا ترتبط روسيا بأحلاف عسكرية من خارج نطاق الجمهوريات السوفياتية السابقة،وغالبيتها دول فقيرة وغير مستقرة سياسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى