هاني حبيب.. وداعًا!
شاكر فريد حسن
خطف الموت الكاتب والصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني المشهور هاني حبيب، إثر جلطة دماغية أصابته في قطاع غزة، حيث يسكن ويقيم يعد عودته من المنفى.
هاني حبيب شخصية إعلامية بارزة حظيت بالاحترام والتقدير، ويعد من أشهر الكتاب والمحللين السياسيين والإعلاميين الفلسطينيين، كان يكتب بشكل دائم مقالات تحليلية عن الوضع السياسي الفلسطيني الميداني والواقع العربي والدولي، وشارك في الكثير من المجالات التي تتعلق بالصحافة والإعلام، وكان يبدي رأيه في الكثير من السجالات والمناقشات السياسية والتاريخية التي ترتبط بالقضية الفلسطينية، وكان له دور ريادي وطليعي كبير وهام وفاعل في الكتابة بالصحف والمجلات الفلسطينية والعربية.
بوفاة هاني حبيب تفقد الصحافة والحياة الإعلامية الفلسطينية واحدًا من حراس الضمير والحلم الفلسطيني، وأحد أبرز أركانها وأوتاد خيمتها التي استظلت به لعقود وهي تتنقل في المهاجر والمنافي، من دمشق لبيروت ثم نيقوسيا إلى غزة، حيث الملاذ الأخير، ليغادرنا ويتركنا مثخنًا بالجراح والعذابات الفلسطينية والانقسام البغيض المدمر.
رحل ضمير الصحافة الفلسطينية من أيام الزمن الجميل والعنفوان الثوري، حيث شكل مدرسة صحفية عملاقة تجسدت في شخصيته المميزة، من خلال العمل بمجلة “الهدف” في زمن الروائي الشهيد غسان كنفاني، وسكرتيرًا صحافيًا للحكيم جورج حبش. كان هادئًا كنسمات الصيف، حادًا كالسيف، وصارمًا كالزلازل والعواصف في التعامل مع رجالات السياسة، وعرف كصاحب نظرة ثاقبة وعين واعية، شديد الذكاء، متمسكًا بصلابة الموقف السياسي والفكري الثوري، المنحاز لبسطاء الناس وكادحي الشعب والطبقة العاملة وللمثقفين العضويين المشتبكين.
هاني حبيب قامة كبير من القامات الثقافية والصحفية الفلسطينية، آمن بدور القلم والكلمة الثورية في معارك التحرير، وساهم في تعميق وترسيخ الوعي الوطني، وتعزيز الهوية ونشر الرواية الفلسطينية والدفاع عنها، من خلال كتاباته ومقالاته السياسية التحليلية العميقة في الصحف الفلسطينية، وظل يكتب بالدم لفلسطين في المنفى وبعد عودته إلى أرض الوطن مع كوادر الثورة الفلسطينية، وشكلت مواقفه الوطنية الشجاعة والجريئة الصلبة محطات مهمة في عملية تبلور الوعي والتعبئة الجماهيرية والتثقيف الوطني.
غادرنا هاني حبيب تاركًا وراءه إرثًا صحفيًا وثقافيًا وسياسيًا غنيًا ومتنوعًا، سيضاف إلى الإرث الإبداعي الفلسطيني، وستظل ذكراه العطرة في سجل الخالدين، وسيبقى نبراسًا مضيئًا ومشرقًا لجماهير شعبنا في دربها النضالي حتى الظفر بالحرية والاستقلال الوطني.