أوّاهِ مِن وَجَعٍ تَجذَّرَ في دَمي
نائلة أبو طاحون | فلسطين
أسرَجتُ حَرفِيَ وَاستَعَرتُ مِدَادي |
وَأرَقتُ دَمعِيَ مِن غُيُومِ حِدَادِي |
وَنَقَشتُ في رِقِّ الزَّمانِ تَوَجُّعِي |
بِيَراعِ حُزني وَالدُّموعُ زِنادي |
شَيَّدتُ لِلْحُزنِ الجَليلِ مَدينةً |
وَأقَمتُ فيها صَحوَتي وَرُقادي |
وَمَكَثْتُ في كَهفِ المَواجِعِ عَلَّني |
أغفو لِأصحُوَ وَالسَّماءُ تُنادي |
فَأراكِ مِن حُورِ الجِنانِ حَبيبَتي |
أسعى لِقُربِكِ وَالسُّرورُ جِيادي |
لكِنَّ مَن بالحُلمِ أسرَجَ خَيلَهُ |
سَيَسيرُ دَهراً دُونَ أيّ مُرادِ |
فَأَعودُ أنسِجُ مِن دُعائِيَ حُلّةً |
وَأُوازِنُ الأحلامَ في أضدادِي |
عَمَّ الظّلامُ وَسادَ كُلّ رُبوعِنا |
مُذ فارَقَت شَمسُ الشُّموسِ وِهادي |
وَكآبةٌ في الليلِ ترقُـدُ في دَمِي |
لِتُؤازِرَ النّبضاتِ في إرفادِي |
لِلحُزنِ طَعمٌ لَم أذُقهُ بِغَيرِها |
وَمَرارَةٌ قَد عَشَّشَت بِفُؤادِي |
ها قَد رَحَلتِ وَبِتُّ نَهبًا لِلدُّنا |
وَنَكَأتِ جُرحاً لَم يَزَل بِضِمادِ |
وَتَركتِني لِلحُزنِ يَنخُرُ أعظُمي |
كَدَبيبِ نَملٍ في لَحَى الأعوادِ |
بالدَّمعِ أشهَقُ وَالفُؤادُ مُحَرَّقٌ |
وَالنّارُ تَأكُلُ طارِفي وَتِلادي |
أنا ها هُنا قلبٌ تَصَدَّعَ رُكنُهُ |
وَتَزعزَت في بُعدِها أوتادِي |
أوّاهِ مِن وَجَعٍ تَجذَّرَ في دَمي |
وَنَما بِسَفحِ القَلبِ والأنجادِ |
أوّاهِ يا وَجَعَ القَصيدَةِ حينَما |
تَجثو الحُروفُ وَحُلْمُها إسعادي |
تَخضَرُّ صَحراءُ الحُروفِ وَتَنتَشي |
في طُهرِ أُمّي تَرتَجي إنشادي |
لكِنَّ لَونَ الحُزنِ رَوَّعَ أسطُري |
فَبَكَت حُروفي دونَ أيِّ مِدادِ |
لَهَفي عَلَيكِ وَأنتِ طُعمٌ لِلثّرى |
وَالمَوتُ كَأسٌ مُتْرَعُ الأورادِ |
يا قَبرَها والشَّمسُ تلتحِفُ الدُّجى |
هَلّا أنَرتَ بِنورِكَ الوَقّادِ |
هَلّا ألَنْتَ التُّربَ تَحتَ وِسادِها |
وَنَثَرتَ عِطرَ الوَردِ في الألحادِ |
ها بُحّ صَوتُ الشّوقِ يَندُبُ وِحدَتي |
وَ الطّفلُ فِيَّ.. مُعانِدٌ.. و يُنادي |
أشتاقُ صَوتَكِ حينَ يَلَهجُ بالنِّدا |
وَيُطَرّزُ الكَلِماتِ في إسنادي |
سَيَظَلُّ حُبُّكِ في الحَشا مُتَمَلِّكي |
وَيَظلُّ حَبُّكِ مَوسِمي وَحَصادِي |
وأظَلُّ رَهنًـا لِلحَنينِ وَلِلدُّعا |
ما لاحَ بَرقٌ أو تَرَنّمَ شَادِ |